
مهد الحروف
د.هيثم حسن عبد السلام
خبير شؤون مستهلك
mismawia@yahoo.com
المستهلك والتقييس في عهد كامل إدريس
تواصلت جهود حماية المستهلك في السودان وتطوير آليات العمل في مجال التقييس بإحداث نقلة نوعية بوجود كيانات علمية وشرطية وعدلية لحماية المستهلك.
حتى، وقبل إندلاع الحرب بأيام كانت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس تقود حراكاً كبيراً تتناغم فيه كل الجهات ذات الصلة تحت مسمى الفريق الموحد لحماية المستهلك.
وعند إندلاع الحرب وجد المستهلك السوداني نفسه محاطا بالمخاطر من كل فج وصوب ، غير أن الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس ظلت عند العهد بها في حماية المستهلك والاقتصاد الوطني حتى هذه اللحظة ورغما عن أنف الحرب والنزوح.
ولعل المطلوب الآن ، والجيش والقوات المساندة له حققوا المعجزات – بفضل الله- في إنهاء التمرد في معظم الولايات ، وعادت الحياة تدريجيا لطبيتعها. المطلوب هو تعزيز الثقة في الجهات العاملة في حماية وتوعية المستهلك ورعايتها وتوفير الدعم الفني والمالي لها ، ولابد من تطبيق آلية جديدة من الدولة لحماية المستهلك خصوصاً في جانب توفير السلع ومحاربة ارتفاع أسعارها بدون مبررات، كما لابد من توفير احتياجات المستهلك من السلع الأساسية بتبني نظام السعر المعلن للسلع الاستراتيجية ذات الاستهلاك العالي ولكل المستهلكين كمرحلة أولى بجانب الزام التجار بوضع ديباجة السعر وتفعيل سياسة التعويض والارجاع والاستبدال حقوق أساسية ، والزامية تطبيق القانون لبسط الحماية الجنائية للمستهلك عبر تطبيق معايير الجودة والمواصفات واشتراطات الصحة العامة.
تابعت بإهتمام خطاب الدكتور كامل إدريس رئيس مجلس الوزراء ، حيث تناول عدة قضايا مهمة وعميقة ، لكنه لم يذكر بشكل صريح رؤية لحماية المستهلك في السودان. ومع ذلك، أشارت بعض النقاط في الخطاب إلى تحسين الاقتصاد ومعاش المواطن، مؤكدًا على ضرورة استنفار كل الإمكانات الداخلية لزيادة الصادرات وتنشيط القطاعات الإنتاجية، خاصة الزراعة والصناعات الصغيرة والمتوسطة، بهدف تحسين معيشة المواطن وتوفير الأمن الغذائي والاقتصاد . وهي رؤية تتطلب في مقابلها توفير حماية وحفظ حقوق أطراف العملية التجارية.
وأحسب أن المستهلك السوداني ينظر الآن وينتظر بترقب ما ستسفر عنه برامج حكومة الأمل الجديدة برئاسة الدكتور كامل إدريس ، الذي أشار أيضا إلى أن إعادة الإعمار لا تقتصر على البنية التحتية فقط، بل تمتد إلى هيكلة الدولة نفسها، مما قد يشمل تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، بما في ذلك حماية المستهلك.
مشدداً على أهمية بناء دولة القانون، والتي يمكن أن تشمل حماية حقوق المستهلكين من خلال تطبيق القوانين واللوائح التي تنظم العلاقات بين المنتجين والمستهلكين. وهنا يجب تقوية العمل الفني للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس ، بجانب دعم تأسيس الجهاز القومي لحماية المستهلك وتوفير الإمكانات البشرية والمالية لضمان قيامه بواجباته عقب إنتهاء الحرب تماماً.
وأعتقد أن الخلفية القانونية للدكتور كامل إدريس والخبرة الدولية الواسعة له ، ستمكنه من معالجة قضايا حماية المستهلك بشكل فعال ،بحانب الدعم الفني المتوقع من قبل المنظمات الدولية.
سننظر وننتطر ما تسفر عنه قادمات الأيام والمصير المنتظر لمستهلك يحلم بأن يكون ماتبقى له في هذه الدنيا مطابقاً للمواصفات والمقاييس ، وأن يكون مستهلِكاً بحق وليس مستهلَكا.