رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

أخبار العالم

المجر.. قانون جديد يُنذر بموجة قمع جديدة

اعتبر خبراء سياسيون فرنسيون أن رئيس الوزراء المجري يتهيّأ لجولة جديدة من التشدد السلطوي قد تهدد ما تبقى من أصوات المعارضة في البلاد، وسط تصاعد التحذيرات الأوروبية من تقويض مبادئ سيادة القانون والديمقراطية.

ورأى الباحثون السياسيون أن الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها أوربان عبر مشروع قانون “الشفافية” تمثل منعطفًا خطيرًا يُنذر بعزلة متزايدة للمجر داخل الاتحاد الأوروبي.

عزلة منهجية

من جانبه، قال الباحث السياسي جيوم كلوس من مركز جاك دولور لـ”إرم نيوز” إن “أوربان يجر المجر شيئًا فشيئًا خارج الإطار القيمي للاتحاد الأوروبي، عبر خطوات قانونية تبدو إدارية لكنها تمهّد لعزلة منهجية للدولة.

وأوضح أن الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها أوربان عبر مشروع قانون “الشفافية” تمثل منعطفًا خطيرًا يُنذر بعزلة متزايدة للمجر داخل الاتحاد الأوروبي.

تقاطع أيديولوجي

أما الباحثة إليزابيث لوران من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI) فرأت في تصريحات لـ”إرم نيوز” أن “التشابه اللافت بين قانون أوربان وقوانين بوتين ليس مصادفة، بل يعكس تقاطعًا أيديولوجيًا متناميًا بين اليمين الشعبوي الأوروبي والنموذج الروسي في التعامل مع الداخل”.

وأشارت لوران أن رئيس الوزراء في المجر، يستعد لتشديد جديد في قبضته السلطوية، موضحة أن حزبه يروج الحاكم “فيدس” لمشروع قانون مثير للجدل بعنوان “الشفافية في الحياة العامة”، يهدف فعليًا إلى خنق ما تبقى من أصوات نقدية في المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة.

ويتوقع بأن يمرر القانون، الذي قدم للبرلمان في 13 مايو/أيار، قبل حلول الصيف. وهو يمنح صلاحيات موسعة لمكتب حماية السيادة، وكالة حكومية أنشئت العام الماضي بصلاحيات غامضة، تمكنها من ملاحقة منظمات غير حكومية ووسائل إعلام تتلقى تمويلاً أجنبيًا، في حال اعتُبرت تهديدًا لسيادة الدولة.

ويمنح القانون الحكومة حق تجميد تمويل تلك الجهات، مع فرض غرامات مالية كبيرة.

قبضة أوربان السياسية

وبينما تترقب المجر الانتخابات البرلمانية في ربيع 2026، تتزايد المخاوف داخل الاتحاد الأوروبي من أن أوربان يستغل ما تبقى من الوقت لتعزيز قبضته السياسية عبر تقييد الحريات والحد من تمويل أي معارضة خارجية.

وقد صرح متحدث باسم المفوضية الأوروبية لقناة يورونيوز قائلاً:”إذا تم اعتماد مشروع القانون بشكله الحالي، فسيشكّل انتهاكًا جسيمًا لقيم الاتحاد الأوروبي وقوانينه، لذا نطالب الحكومة المجرية بسحبه فورًا من المسار التشريعي.

إجراءات قانونية

وأضاف المتحدث: “لن نتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة إن تم تمرير هذا القانون، فحرية تكوين الجمعيات وبيئة العمل المناسبة للمجتمع المدني من ركائز الاتحاد”.

وكانت المفوضية قد أحالت المجر العام الماضي إلى محكمة العدل الأوروبية بسبب القانون الذي أنشأ بموجبه مكتب حماية السيادة، واعتبرته انتهاكًا للقانون الأوروبي.

ومن جانبهم، طالب 26 نائبًا أوروبيًا ينتمون لخمسة تيارات سياسية المفوضية الأوروبية بتجميد كافة تمويلات الاتحاد الأوروبي للمجر، في رسالة وُجهت للمفوضَين الأوروبيين للميزانية والديمقراطية.

في غضون ذلك، لا تُظهر الحكومة المجرية أي نية للتراجع. فقد صرح وزير الخارجية بيتر سيارتو أن “المخاوف الأوروبية في غير محلها”، مضيفًا أن “القلق ينبغي أن يكون من التدخلات الخارجية، وليس من قانون الشفافية.

وينظر إلى القانون على أنه جزء من حملة “تنظيف الربيع” التي أعلن عنها أوربان في مارس، والتي تستهدف تقليص نفوذ أي جهات أجنبية يُعتقد أنها تموّل منظمات معارضة.

وقد شهدت العاصمة بودابست مظاهرات ضخمة مطلع هذا الأسبوع، حيث خرج عشرات الآلاف احتجاجًا على القانون، فيما عقد البرلمان الأوروبي جلسة خاصة ناقش خلالها انتهاكات حكم القانون في المجر.

ووصفت النائبة الأوروبية ومقرّرة البرلمان بشأن المجر، تينيكي ستريك، المشروع بأنه “نسخة طبق الأصل من قانون العملاء الأجانب الروسي”، مؤكدة أن بإمكان محكمة العدل الأوروبية إلغاؤه إن تم تمريره.

وفي رسالة مفتوحة وُقّعت من قبل 320 منظمة مجتمع مدني و80 وسيلة إعلام، طُلب من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن تطلب فورًا من المحكمة اتخاذ تدابير عاجلة لتعليق القانون، كما طالبت بفتح إجراء قانوني جديد ضد المجر في حال رفضت سحب المشروع.

وسيُناقش وزراء الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، خلال اجتماع مجلس الشؤون العامة في بروكسل، إمكانية تفعيل نظام العقوبات الوارد في المادة 7 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، والتي تُستخدم في حالات الانتهاك الخطير لقيم الاتحاد.

زر الذهاب إلى الأعلى