
عقد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، الثلاثاء، اجتماعات على مستوى الهيئة القيادية وتستمر حتى يوم الجمعة، بمدينة عنتيبي الأوغندية، لإعادة ترتيب الأوراق وفقا للمستجدات على الأرض، بما يدعم تقوية المعسكر المناوئ لاستمرار الحرب في السودان، مع اتساع رقعة القوى الرافضة للعمليات العسكرية وتصاعد الضغط الدولي على طرفي الصراع.وتمضي القوى المدنية في مساعيها نحو الوصول إلى توافق أسوة بما حدث قبل إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير، بعد أن أضفت الحرب المزيد من التعقيدات التي جعلت مساعيها جامدة دون أن تحقق تطورا من جهة ضم الأحزاب والقوى الفاعلة التي لديها مواقف رافضة للانضمام إلى “تقدم” حتى الآن، مع عدم قدرتها عن الحديث باسم طيف واسع من القوى السياسية للضغط على الجيش وقوات الدعم السريع.بمكونات مدنية وحزبية، أبرزها قوى الحرية والتغيير، ولجان المقاومة، والجبهة الثورية، والنقابات المهنية، وعقد في مايو الماضي مؤتمره التأسيسي بأديس أبابا بمشاركة أكثر من 500 شخص يمثلون مجموعة من تلك المكونات، وجرى انتخاب عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق رئيسا للهيئة القيادية لتنسيقية “تقدم”.وانتقدت مذكرة الحركة الشعبية – التيار الثوري، غياب التوازن السياسي والجغرافي في تمثيل مكونات التحالف، ما حال دون تشكيل كتلة قادرة على التأثير في المشهد السياسي.وعقد رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية “تقدم” عبدالله حمدوك اجتماعات تمهيدية، الاثنين، مع قيادات الحركة الشعبية التي يقودها ياسر عرمان للتعرف على رؤيتها بشأن الإصلاحات التي يمكن إدخالها لضمان توسيع دائرة التحالف، وعقد اجتماعا ثانيا مع لجان المقاومة التي جمدت أنشطتها لأسباب تتعلق بعدم وجودها في المناصب القيادية بالهيئة، في محاولة لتقريب وجهات النظر وبحث الاستجابة لمطالبها.وقال عضو تنسيقية “تقدم” شريف عثمان إن اجتماعات عنتيبي هي الثانية بعد المؤتمر التأسيسي، وإن جملة من القضايا ستكون حاضرة على جدول الأعمال، في مقدمتها الإعداد لعقد مائدة مستديرة قبل نهاية العام الجاري لتؤسس موقفا مدنيا موسعا يضغط لوقف الحرب، دعما لمفاوضات جنيف الأخيرة من مطالب، بجانب التطرق لكيفية دعم العمل الإنساني للمدنيين.وعقدت تنسيقية العون الإنساني داخل “تقدم” اجتماعها قبل أيام واختار عبدالله حمدوك رئيسا لها لمتابعة التقارير الخاصة بالأوضاع الإنسانية.وأوضح عثمان في تصريحات لـ”العرب” أن الاجتماعات تناقش توسيع الجبهة المدنية وقضايا تنظيمية تتعلق بمواقع الأحزاب والتيارات داخل التنسيقية، والأيام التي سبقت انعقاد اجتماعات الهيئة القيادية شهدت التئام اجتماعات تمهيدية لتقليص الفجوات والتوافق على القرارات المستقبلية.
وتناقش اجتماعات عنتيبي كيفية التنسيق معها كي تكون حاضرة في مؤتمر المائدة المستديرة من أجل الوصول إلى خارطة طريق تهدف إلى إنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة، والفرصة مواتية للتنسيق مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور، وحزبي البعث والمؤتمر الشعبي لتكون حاضرة في المائدة المستديرة، والاتصالات مستمرة مع الحزب الشيوعي الذي غاب عن اجتماعات جنيف.
وتطرق اجتماع بين نائبة رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية “تقدم” هيام البشرى، وممثلين عن الهيئات الشبابية، الجمعة، إلى أهمية التنسيق بين الهيئات المدنية المطالبة بوقف الحرب، وتوسيع الجبهة المدنية لجذب “الكتلة الحرجة” اللازمة لإنهاء الحرب.
وتواجه تحركات “تقدم” لتوسيع دائرتها بتحد يرتبط بدخول العامل القبلي كبعد أساسي للانتماءات للحركات والأحزاب السياسية، وليس لدى التنسيقية حضور واسع بين مكونات الشرق والشمال التي يتواجد فيها الجيش وحواضنه الاجتماعية.
وأكد جمال حامد القيادي بحركة العدل والمساواة، جناح سليمان صندل، أن اجتماعات عنتيبي هدفها زيادة التنسيق بين مكونات “تقدم” التي عقدت لقاءاتها بشكل غير مباشر منذ آخر اجتماع لها في مايو الماضي، والمؤتمر سيناقش نقاطا عديدة، أبرزها تنفيذ التوصيات، وما توصلت إليه جهود وقف إطلاق النار واستعادة العملية السلمية.
وذكر حامد في تصريح لـ”العرب” أن ما يحدث على الأرض يشير إلى أن الصراع اتسع في السودان، وكانت الآمال تنعقد على أن تلعب التنسيقية دورا وسيطا بين طرفي الصراع، لافتا إلى أن الحركات المسلحة كانت لديها رؤية حول تشكيل حكومة في المنفى، بديلة لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان وهذا المطلب مطروح على الطاولة.
وقبل الاجتماع التحضيري الأخير للهيئة لم ينجح مقترح الجبهة الثورية بتشكيل حكومة في المنفى، إذ رفضت كتلة القوى السياسية المقترح، كما رفضه عبدالله حمدوك.
وشدد حامد في حديثه لـ”العرب” على أن تنسيقية “تقدم” لم تنجح في تشكيل أكبر كتلة مدنية لوقف الحرب وكان ذلك ضمن الأهداف الرئيسية لها، غير أن تباين الآراء بين المجموعات السياسية أفرز واقعا وضع التنسيقية ومن يرفض استمرار الحرب في خانة تأييد قوات الدعم السريع، في حين أن التاريخ يشير إلى أنه لا وقف للحرب دون مفاوضات، وأن اجتماعات عنتيبي تناقش وضع آليات عملية لتنفيذ اتفاق جدة.
وتوافقت قوى مدنية سودانية مؤخرا، تضم أحزابا وتنظيمات منضوية تحت تنسيقية “تقدم” ومجموعات أخرى رافضة للحرب تيارات كانت تتخذ موقفا مؤيدا للجيش، على وثيقة تتضمن مبادئ وأسس وآليات للحل السياسي الشامل للأزمة في البلاد.