الأعمدة

ازدواجية عسكرة الدبلوماسية..و فتح المسار السياسي وآثارها في إطالة الحرب

تاتي عادة محاولات الوساطات ببن الاطراف التي تشهد نزاعات عسكرية مع اي طرف خارجي او داخلي بدءا بطرح المبادرابداياته و من البديهي ان تستجيب تلك الجهات المتحاربة غالبا تجاوبا مع تلك الجهود والوساطات الخيرة من هنا وهناك إبداء لحسن النية في احتواء الصراع بما يحقق السلام الذي يقوم على مصلحة كل الاطراف ولو في الحد المعقول .
ولعل المبادرة السعودية الامريكية التي انطلقت في جدة ومنذ الايام الاولى لانطلاق شرارة الحرب بين الجيش السوداني و صنيعته التي شقت عصا الطاعة عليه ..فكانت مبادرة مقدرة لمعالجة الامر ولكن من الوجهة العسكرية البحته من منطلق تقييمها لطبيعة تلك المواجهات والدليل على ذلك إنها غضت الطرف عن مشاركة الدبلوماسي الممثل لوزارة الخارجية السيد دفع الحاج والذي اقتصر دوره في انتظار مؤتمر القمة ليلقي كلمة السودان من قبيل إثبات الحضور في ظل عدم تمكن راس الدولة من السفر نظرا لظروف الحرب .
فكانت صفة ممثلي الطرفين
طبعا كممثلين للطرفين العسكريين وهما ضابطان رفيعان.
فجاءت مقررات محادثات جدة التي سارت بين المعسكرين على طاولة التفاوض ولم تغادر مربع تلك الهدن الهشة التي كانت تهدف إلى التهدئة لتفعيل الجهود من اجل فتح المسارات الإنسانية دون الخوض في تفاصيل مبدا كيفية وقف الحرب الذي يحتاج من آليات مراقبة وقف إطلاق النار و الدفع بالقوات للخروج من شوارع العاصمة مالم يتوفر بصورة واقعية على الارض مما اطال في عمر الحرب بهذه الصورة الشائهة حيث تحولت إلى هذا المستوى من التقتيل من المدنين و انتشار الفوضى الى اخر كل هذه البشاعة المرعبة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مقابل التلكو من طرف الجيش في حسم الامور لصالحه لاعتبارات بعضها ربما فني و البعض الاخر يعود لتقديرات السلطة الغائبة عن المشهد الا من ظهور متقطع وباهت الملامح !
إلان يبدو ان جولة من الصراع الدبلوماسي والسياسي قد بدات معالمها تسفر عن تجاذبات إفريقية حادة و مزدوجة ماببن الاتحاد الافريقي ومنظمة الايغاد وفي تباعد بائن مع مبادرة جدة وكل طرف افريقي يريد الانفراد باستلام ملف الحرب السودانية وفقا لمقترحانه مما سيدخلنا كما يبدو في معمعة صراع المحاور بتوسع استقطابي وهو ما سيوجل من إمكانية قرب ان تضع الحرب اوزارها وتصبح مادة لمطاولات المؤتمرات و تسويق المبادرات والتنازع على تسيد زمامها و توجيه دفتها وفقا لرؤية هذا المحور او ذاك ولعل استطالة زمن الصراعات المشابهة في الإقليم على سبيل المثال في ليبيا واليمن وسوريا خير شاهد على هذه المخاوف المشروعة وهو ما لن تحتمله بنية السودان السياسية والاقتصادية و الاجتماعية التي تختلف عن تركيبات تلك الدول .
و الحل كان يمكن في تبسيط وتسريع خطى مساعي الحلول الداخلية لان اس الصراع اساسا هو بين طرفين يتمثلان في تضارب مصالح قيادتهما قبل ان يتطور إلى جر موسستيهما ..وقد كانا حتى الامس القريب سمنة على عسل ولكن شيطان المصالح الذاتية دس يده في ماعون مادبة سلطتهم المسروقة ولو انهما إعاداها بالحسنى ليقرر فيها الشعب لما احتجنا لكل الذي يحدث فقط ليرضي كل رجل منهما غروره بانتصار ولو حقفه فهو مهزوم بمسئوليته امام الله والتاريخ عن هذه الارواح التي ازهقت و البنى التي ارهقت و الانفس التي مزقت لحمتها و تفرقت في مسارات الذل وقد سلبتها عزتها مجرد نزوة رجلين لن بغفر لهما شعبنا ما فعلاه به ..والايام بين الحق والباطل ميزان ..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى