الأعمدة

مالك عقار واستحالة الفتوح بثلاثة جواكر !

ليس من المفيد أن نتوقف كثيرا عند الطريقة الدراماتيكية التي تم بها تعيين القائد الفريق مالك عقار نائبا لرئيس مجلس السيادة في ظل عدم التئام سلطة ناقصة الشرعية الدستورية إذ يفترض أنها تشكل مجتمعة منصب رأس الدولة ولا حق او سلطان لرئيس المجلس وحدة اتخاذ قرارات بمفرده إذ أن تميزه بتلك الصفة لا يتجاوز رئاسة الجلسات و توثيق القرارات التي يتخذها المجلس كراس للدولة بحكم الأمر الواقع والقسري الذي فرضه الانقلاب المشئؤم في الخامس والعشرين من أكتوبر 2022..وكان سائدا حتى في ظل الوثيقة الدستورية الراحلة !
المهم أن عقار حينما قبل منصب نائب الرئيس الذي خلا بإعفاء حميدتي ..بادر بالتصريح من قبيل اظهار الكبرياء والاعتزاز بالنفس فقال أنه لم يأت بديلا لأحد و أنه سيكون محايدا في الصراع الدائر بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع التي لم يسمها وقتئذ بأنها متمردة !
وقد باشر الرجل وكأنه مجرد وسيط مهامه منذ الوهلة الأولى برحلات أفريقية ماكوكية انطلق فيها من جوبا إلى أن حط طائره ممثلا للبرهان الذي تعذر حضوره وتروسه لاجتماعات الايغاد الأخيرة المنعقدة في جيبوتي ..ومن هنا كان من المستحيل أن يظل الرجل متسربلا بعباءة الحياد وهو الذي يفترض انه رجل السلطة الذي يمثلها ويتحدث انابة عن رئيسها .
وكان لابد له من أن يأخذ موقفا فاقعا وغير رمادي في تحيزه للجيش الرسمي حيث أسفر عن ذلك الموقف في موتمر صحفي عقده في القاهرة موكدا على حتمية انتصار القوات المسلحة على قوات الدعم السريع وقد سماها صراحة بالمتمردة وهو بالطبع موقف يمليه عليه وضعه الجديد اندغاما في الموقف الموالي لسلطة الأمر الواقع .
غير ان الذي يحير كل مراقب أن الرجل يتخذ منحى مناقضا لقناعات القائد العام ورئيس مجلس السيادة فيما يتعلق بدور الوساطات الأفريقية والإيغادية التي يؤمن عليها البرهان كوسيلة مثلى في رايه للخروج من أزمة البلاد الدموية مضافا إليها المبادرة الأمريكية السعودية ..حيث يصفها مالك عقار بأنها كلها مبادرات تهدف إلى احتلال السودان !
وبالتالي يمتطي الرجل ثلاثة سروج على متن منصبه الذي تجاوز به مقاعد زميليه من قادة الحركات المسلحة في عضوية مجلس السيادة شبه المجمدة و يتخطي به قناعات الصف الذي يقف عنده نائب القائد العام الفريق كباشي ومساعدي القائد الفريقين العطا و جابر وهم الرافضون للقاء البرهان حميدتي الذي يحاول عقار التبشير به ..وكل الشواهد تقول أن كل فريق من تلك المعسكرات التي تدعي سيطرتها على زمام المعارك على الأرض نجدها تغرد بعيدا عن الأخرى ..بينما يتحرك بينها عقار بازدواجية منصبه الذي ظل يتنافى مع حياديته المزعومة التي انكشف غطاؤها ولكنه رغم ذلك يتظاهر بالحرفنة تلاعبا بكل تلك الأوراق بما فيها محاولات الطعن في مواقف بعض الكيانات المدنية التي وصفها بأنها حاولت أن تتخذ من الدعم السريع ذراعا عسكريا للانقضاض على السلطة وهو بذلك كمن يلعب حواجب الغزل لمعسكر استمرار الحرب و تصعيد سياسة البل المحسوب على عناصر الإسلاميين !
ولكنه في الحقيقة بكل هذا التشعب في مواقفه المتباينة يصبح تماما كمن يسعى للفتوح المستحيل بثلاثة جواكر !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى