تقارير

جريدة بريطانية : هل ولاية الجزيرة في مأمن من هجمات الدعم ؟

هل ولاية الجزيرة في مأمن من هجمات “الدعم السريع”؟
لم تحكم سيطرتها على الخرطوم بشكل كامل والمغامرة بمعارك جانبية يسهم في إضعاف جهودها وتشتت قواتها
أثار توغل “قوات الدعم السريع” في ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم مخاوف السكان من اتساع رقعة الاقتتال، وانتقال المعارك إلى مناطق جديدة بخاصة بعد اجتياح مدينة العيلفون الواقعة على بعد 30 كيلومتراً شرق العاصمة السودانية، مما أدى إلى نزوح آلاف المواطنين.
دفعت سلطات الإقليم بتعزيرات عسكرية كبيرة لمناطق شمال وشرق الولاية والجهة الشمالية الغربية من مشروع الجزيرة للتصدي لأية محاولات للهجوم، لا سيما بعد أن هدد القائد الميداني بقوات “الدعم السريع” أبو عاقلة كيكل باجتياح مدينة ود مدني من خلال حديثه في مقطع فيديو بالقرب من قرية العيدج، لكن الجيش السوداني رد بعد وقت وجيز على مزاعم انفتاح هذه القوات على مناطق جديدة، ونشرت المنصات التابعة له فيديو لجنود من القوات المسلحة يقفون بالقرب من مدخل الموقع الذي تحدث فيه كيكل.
تعزيزات لبسط الأمن
وفي هذا السياق قال والي الجزيرة المكلف إسماعيل العاقب “إنه أرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة لتلك المناطق، وستعمل هذه القوات على بسط الأمن وتمشيط ومسح جميع حدود الإقليم المتاخمة لولاية الخرطوم، التي تعرضت لانتهاكات من الميليشيات المتمردة”، وفقاً لتعبيره.
وقلل العاقب من الهجمات التي تنفذها قوات “الدعم السريع” تجاه عدد من قرى الجزيرة، مشيراً إلى أنها “محدودة لأغراض ترويع المواطنين والسلب والنهب ومن ثم الفرار”.
وطمأن والي الجزيرة السكان لجهوزية القوات المسلحة للتعامل مع أي “عدوان محتمل على الولاية”، لافتاً إلى أن “الدعم السريع تروع المواطنين من خلال نشر صور وفيديوهات بالوسائط الإعلامية في عدد من المناطق، لا تمثل الوضع الحقيقي”.
تأمين شامل
من جهته رأى المتخصص في التخطيط الاستراتيجي والعلاقات الدولية ناصر حسب الرسول السيد، أن قوات “الدعم السريع” ليست لديها قدرات عسكرية تمكنها من اقتحام ولاية الجزيرة، لأنها فقدت أعداداً كبيرة من الجنود في معارك الخرطوم، و”بات الهدف الرئيس لمنسوبيها السلب والنهب وترويع المواطنين، وهذا ما ظل يحدث خلال الفترة الماضية في العاصمة والولايات”.
وذكر السيد أن “كل حدود الولاية مؤمنة تماماً من أجهزتها الأمنية وأهلها، وحتى في حال وجود خلايا نائمة فهي مرصودة وتحت أعين السلطات وقواتها النظامية المختلفة”.
وواصل القول “مجتمع الجزيرة متماسك وكل مجموعات الإدارات الأهلية هم أعمدة القوات النظامية، بالتالي يسهل معرفة الغرباء في المناطق كافة وهي ميزة تمنع أي متسلل إلى الإقليم”.
مغامرة خطرة
في المقابل اعتبر الباحث السياسي لؤي عبد الرحمن أن “مدينة ود مدني بعيدة للغاية من الخرطوم، وفي هذه المساحة الشاسعة يوجد عدد من المناطق والقرى وهي تتبع لإدارات أهلية معروفة، وفي حال هجم على هذه المجموعات السكانية قبل عاصمة ولاية الجزيرة، فستكون الخطوة بمثابة عداء وقتال مباشر مع القبائل المختلفة مثل العبدلاب والرفاعيين والشكرية والمسلمية وغيرهم، بالتالي فإن المواجهة مع الإدارات الأهلية ستكون عواقبها وخيمة على قوات الدعم السريع”.
وأضاف أنه “ليست هناك أهمية استراتيجية للهجوم على ولاية الجزيرة، خصوصاً وأن ’الدعم السريع‘ لم تحكم سيطرتها على الخرطوم بشكل كامل، ولذلك فإن المغامرة بمعارك جانبية تسهم في إضعاف جهودها وتشتت قواتها، وكلما كانت الرقعة الجغرافية ضيقة يسهل التحكم فيها من أية قوة، وعلى النقيض فإن اتساع المساحة يصعب عملية التأمين ويقود للفشل في كسب نقاط إضافية”.
واعتبر عبدالرحمن أنه “يمكن استصحاب الخطوات التي أقدمت عليها سلطات الولاية تحسباً لهجوم محتمل، بزيادة القوة العسكرية لتأمين حدود الإقليم”.
إمداد غذائي
المواطن خالد سليمان قال إن “قوات الدعم السريع ليست لها خطة ورغبة في السيطرة على ولاية الجزيرة، إنما تحركات مقصود بها شغل الجيش عن الخرطوم وتأمين مداخلها لعدم دخول إمداد عبر الإقليم”.
وأشار إلى أن الهدف الرئيس من هذه التحركات يتمثل في الحصول على إمداد غذائي من ولاية الجزيرة.
واستبعد سليمان اقتحام الإقليم “في ظل وجود جبهة مشتعلة في العاصمة الخرطوم وأخرى في كردفان ودارفور”.
“الدعم السريع” تنفي
من جهتها نفت قوات “الدعم السريع” ارتكابها أعمال سلب ونهب، موجهة الاتهام لبعض المسلحين الذين يرتدون زيها بهدف إلصاق التهم بعناصرها.
وأشارت في بيان إلى أنها “رصدت عمليات تخريب واسعة ونهب لمنازل المواطنين ومقار الشركات والمصانع”، معتبرة أن “من يقف وراءها فلول وعناصر النظام السابق للرئيس المخلوع عمر البشير”.
وشددت على أنها تعمل على رغم انشغالها “بإبعاد قوات الانقلاب وعناصر النظام السابق، على توفير الخدمات الضرورية للمواطنين إلى جانب تأمين عمليات إجلاء البعثات الدبلوماسية ورعايا الدول الأجنبية، وتأمين الطرق وتسهيل عبور المواطنين إلى المناطق الآمنة”.
وقال المستشار السياسي لقائد “الدعم السريع” يوسف عزت إن “قوة مسلحة ترتدي زي الدعم السريع وتستقل سيارات تحمل لوحاته وترتدي الكدمول ولهجاتها مشابهة لها، تمارس الانتهاكات ضد المواطنين وتعمل في الاعتداء والسرقة ونهب المنازل والسيارات والبنوك والمحال التجارية”.
وأضاف عزت في تصريح صحافي سابق، أن قوات “الدعم السريع” ألقت القبض على سيارات مدنية بالقرب من مدينة الأبيض غرب العاصمة الخرطوم، ووصف المخطط بالكبير والمنظم، وأن قواتهم “تواجهه بصمت”.
ونفى وجود منسوبي “الدعم السريع” داخل منازل المواطنين، وقال “لا مصلحة لنا في الوجود داخل المنازل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى