الأعمدة

تفويض الجيش ام توريطه ؟!

ان هي صدقت النوايا وتوفرت الارادة فإن التحولات الدراماتيكية المفاجئة في مواقف قيادة الجيش تجاوبا مع الدعوات المحلية والإقليمية والدولية بضرورة الوقف الفوري لهذه الحرب اللعينة ..فان ذلك يعني بالضرورة لابد من ان يتبعه التاكيد على صدق تلك النوايا و التوفر الحقيقي للإرادة والذهاب مباشرة في اتجاه تحقيق تلك الامنية بزوال هذا الكابوس الذي جثم شهورا ثقيلة على صدور العباد وبدد مقدرات البلاد .
وهو امر يتطلب بالمقابل خطوات عملية من طرف قوات الدعم السريع التي يقع عليها العبء الاكبر في تاكيد ذات النوايا ونفس الإرادة والتراجع عن كل سوءات سلوكها الإجرامي متى ما ارتكن الطرفان إلى هدنة طويلة و حقيقية لوضع ترتيبات ما بعد الحرب على مستوى مسئولياتهما الامنية الحتمية المطلوبة.
ومن ثم يتهيا المناخ لبدء انطلاق العملية السياسية المدنية لإعادة ترتيب بيت الحكم الانتقالي الذي يقود إلى انتخابات عامة يتم الاعداد لها جيدا وبمختلف الضمانات الداخلية و الرقابة الإقليمية والدولية .
نعم فكل الشواهد تشير الى ان جهات معينة ومعروفة الاهداف صدمتها تلك التصريحات التي تصب في كل ما ذكر انفا وهي التي اعدت الملعب لحرب طويلة تظن ان حسم الجيش فيها سيجهز لها جسر العبور للعودة إلى الحكم مشيا فوق كل جراحات الحرب و مضاضة اوجاعها ..لذا فقد تواترت في الايام الاخيرة دعوات التحشيد لتفويض الجيش لاستلام زمام الامور وبقبضة ضاغطة اكثر وهي دعوات مكشوفة المرامي كتلك التي سبقت انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر2022 والذي قدم فشله الذريع دليلا صارخا على ان الجيش لايصلح للحكم وان ظلت تسنده في كل قفزاته السابقة إلى سدة السلطة اذرعا مدنية لاعتبارات انفعالية آنية وقصيرة النظر سواء من الاحزاب الطائفية او اليسارية او الإسلامية بل إن تاسيس التفويض على امثلة قريبة كالتي حدثت في مصر على سبيل المثال ليس بالضرورة ان تكون جلبابا يصلح الباسه مقياسا لجيشنا بتفويض مماثل وذلك نظرا لاختلاف تركيبة الجيش المصري المتماسك بعيدا عن اية تاثيرات فكرية عقائدية وبين جيشنا الذي ظل مختطفا لثلاثة عقود واكثر و الذي سيخرج ايضا من هذه الحرب كالاسد المجهد الذي يلعق جراحاته التي اصابته جراء حرب يحتم خروجه منها ان يتفرغ لتضميد تلك الجراحات واول علاجات الكي فيها هو إنهاء التسلح الفوضوي خارج اسواره استفادة من دروس الصدمة التي تلقاها من صنيعته قوات الدعم السريع والتي لا يجب ان تتكرر من اي كيان اخر يحمل سلاحا خارج سلطة الدولة هذا ان هي بقي فيها اصلا شي من التماسك الذي يحميها من التفتت لاسيما إذا ما انساق الجيش متراجعا عن نبذ الحرب مرة اخرى ومضى وراء الداعين لتوريطه في ثنائية اللهث خلف الحسم العسكري للمعركة التي استطالت اشعة شمسها الحارقة و باي ثمن وباعلى تكلفة و تفويضه للدخول في تجربة انقلاب جديد يمثل له حربا مع الشارع تكون اكثر وبالا على الوطن كله وتباعد بينه وبين هذه العاطفة الشعبية التي نالها تضامنا معه في اداء واجبه اثناء صدامه الدامي مع قوات الدعم السريع التي خسرت ذلك القدر اليسير من تلك العاطفة والى الابد !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى