الأعمدة

خيار الجيش الاخير ! التمشيط الممهول ام المشاط فوق القمل ؟

الكلمتان اعلاه متماثلتان في المبنى ومتطابقتان في المعنى تقريبا مع قليل من الفروقات العملية التي لاتخل بالنتائج في آخر المطاف وهذا هو المهم .
وبعيدا عن التوغل في المصطلحات العسكرية او ادعاء الفهم في التكتيكات الحربية التي لها اهلها المدربون والمختصون ..ولكن حسب متابعاتنا للتحليلات في هذا الشان ..وكحصيلة معلومات عامة نقول.
اما التمشيط فيتم غالبا باستخدام الاسلحة الخفيفة بواسطة الجنود المشاة و اذرعتهم المساندة من اجهزة الاستخبارات والاستطلاع الاستباقي و قوات الشرطة التي تؤمن المواقع بعد ان يتم تنظيفها فيكون التمشيط باختصار هو الذي يعقب حسم المعارك الحربية برا وجوا وبحرا ..وذلك بغرض تقعب بقايا جيوب العدو المختبئة ارضا في المدن او الاحراش او التي تتخذ من السكان المدنيين دروعا بشرية لضمان الخروج الآمن او التسليم تحت ضمانات معينة .
فاما المشاط فوق القمل فهو كناية على هد المعبد فوق رؤوس الجميع باستخدام المدرعات والاسلحة الثقيلة او الطائرات الخ !
الان استطالت فصول هذه المعركة سواء في مدن العاصمة الثلاث او الاطراف البعيدة وبكل اسف فإن الواقع على الميدان يقول غير ما يبثه اعلام الجيش او التصريحات التي تترى عبر الوسائط المختلفة !
وهنالك شواهد مذهلة لإثبات كل ذلك من قلب ام درمان وحتى من داخل الخرطوم تشير اليه بكل الحسرة والاسى .
مواطن يقيم في احد الاحياء غير البعيدة عن وسط ام درمان ..طرق بابه جنود من مليشيا الدعم السريع وطلبوا ان يسلمهم سيارته الفارهة الغالية الثمن فقال لهم بكل بسالة ان ذلك امر دونه الموت ..فتراجعوا و عرضوا عليه ان يرحل بها خارج المدينة شريطة ان يراجع مكتب سلطتهم بذات الحي ويحصل على تصديق خاص مختوم منهم بعد سداد رسوم بمبلغ سبعمائة الف جنيه ومن ثم يوفروا له عنصرا يرافقه ليتخطى به كل الحواجز والارتكازات التابعة لهم حتى يدخل إلى تخوم ولايته المقصودة وقد كان له ما اراد وبلغ مقصده غانما بالسلامة .
ومواطن اخر في احد احياء شرق النيل حكى لي بعظمة لسانه هاتفيا من مكان نزوحه البعيد ان وكيله في الحي حصل له من مكتب الدعم السريع هناك على تصريح ممهور بختم ما يسمى بدولة ال دقلو اي والله بغرض عمل بعض الاستحكامات في منزله الذي يقيم فيه نفر من اخوان ام قرون نفسهم بعد ان نهبوا مقتنياته واثاثاته و سيارته ولكنه فقط اراد ان يؤمن ما تبقى من حوائط ذكرياته بعد ان سمحوا له بذلك عداهم العيب !
الزميلة الصحفية الاستاذة سهير عبد الرحيم في عمودها و من منطلق حرصها الوطني نبهت الجهات المختصة بالقوات المسلحة إلى تسلل ما يقارب المائة سيارة تاتشر تابعة للدعم السريع محملة بالجنود واكيد مزودة بمختلف انواع الاسلحة تسير حسب ما ذكرت الزميلة مخترقة حدود ولاية الجزيرة ومتجهة شرقا إلى منطقة تمبول ونواحيها تحديدا . بالطبع نشر مثل هذه المعلومات وبهذه الطريقة العشوائية وان كانت بحسن النية وابداء روح الإخلاص للجيش ولكنها قد تفيد جحافل الدعم السريع تلك لانها ستمنحها فرصة تبدل خطتها تفاديا للوقوع في اي كمين ينصب لها !
لان هذه المهام عادة يجب ان تتم في سرية تامة وبواسطة جهاز الاستخبارات العسكرية للإيقاع بالخصم قبل وصوله إلى الهدف المنشود .
ولعل واقعة الضربة التي تعرض لها متحرك شمال بحري التابع للجيش وسقوطه في كمين الدعم السريع وباستباق استخباراتي خبيث اسوا مثال على ذلك وقد خسرنا فيه نفرا عزيزا من الافراد العسكريين و غيرهم من المدنيبن بمن فيهم ضابط عظيم برتبة لواء نسال رب العرش العظيم ان يحتسبهم ضيوفا في الجنة مع الشهداء والصديقين .

نقول كل ذلك وبمزيد من الحزن العميق لان مأساة هذه الحرب تتفاقم تباعا مع مرور الزمن الذي يحمل كل يوم في طياته المخاطر الجمة من حيث تزايد اعداد الضحايا والمشردين وتعطيل دولاب الحياة في كل الدوائر و تاثر الخدمات سلبا و تناقص المخزون الاستراتيجي للغذاء والدواء هذا ان وجد اصلا .
والحقيقة المرة ان اهتمام المجتمع الإقليمي والدولي نراه يتضاءل كل يوم حيال هذه الماساة ولعل ذلك اصبح بائنا في تراجع اخبارها إلى مستوى متاخر في اولويات شتى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لاسيما بعد ظهور كارثة انقلاب النيجر على سبيل المثال حيث سحبت ضمنا بساط الاهتمام و متابعة اخبار حربنا التي لا مناص غير تلمس وسائل الوصول إلى إطفاء حريقها بالطرق السلمية . لان حصيلة السلام وان جاءت باهظة الثمن بتفعيل عقلية تغليب المصلحة العامة للوطن والشعب او جاءت على حساب انفعال القادة الساعين لإثبات وجودهم او رغما عن تحميس المؤيدين للحسم بالبل والجغم الذي اصبح طعمه علقما في حلوق كل الاطراف ..بل اكثر مرارة حصريا على حاضر ومستقبل هذه البلاد متى ما اتسعت دائرة الحرب وكل الدلائل تشير إلى ذلك الاحتمال القبيح الصورة و الذي نتمنى ان الا بتحقق وهذا لن يتاتي الا بعلو صوت ..تبا للحرب ..واهلا بالسلام الذي هو من الأسماء الحسنى للمولى الكريم .
وهو من وراء القصد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى