الأعمدة

رؤى متجددة : أبشر رفاي / يحلها الحلال والشربكها إنقلاب النيجر أدخل الجمل في الإبريق وقرني الماعز في جر الحميض !

في ثقافة الوسط الشعبي والوعي المعرفي تتعدد القضايا والأزمات وكذلك خيارات ومهارات الحلول ، مثل حل الحلال ( الحق تعالى ) وحل الشرباك وحل الأيد وحل السنون والحل الني والحل النجيض والحل العرفي وحل البل وحل بلة وفي ثقافة الوسط الرسمي أيضا هناك إتاحات واسعة الحلول منها حل التفاهم وحل التفاوض حل الحوار الحل القانوني الحل الدستوري الحل الدبلوماسي حل العصا وحل الجزرة وحلهما معا وحل عاصفة الحزم وحل الحبوب والحل حبة حبة وحل الضربة القاضية وحل الجاشية .
وفي سياق البحث عن الحلول لقد أدخل الإنقلاب النيجري المباغت الذي نفذه قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تشياني أدخل الجمل في إبريق النيجر في إشارة واضحة إلى صعوبة حل المسألة ، فرأي المثل الشعبي الشهير عنوان القراءة لايحدثنا عن كيفية دخول الجمل في الإبريق ولا عن دخول قرني الماعز في جر الحميض وإنما عن كيفية الخروج خروج الجمل من الأبريق وقرون الماعز من (جر) الحميض الذي بات مهددا بالكسر والدشدشة ، الجر بفتح الجيم أناء تراثي يصنع من الفخار في حجم الزير الصغير يستخدم خمارة عجانة لعجن العجين حاله حال عجانة الخبز بالضبط ، أما الحميض بفتح الحاء وكسر الميم هو عجين الذرة تغير طعمه إلى الحماض بفعل بكتريا التخمير بعض المجتمعات تطلق عليه مسمى العجين المر بمعنى الحامض كطعم الليمون ، وهنا لاندري ماذا تسميه الحبوبات وجدات الزمن الجميل بغرب أفريقيا وفي تشاد والنيجر على وجه الخصوص .
اليوم والنصيحة لوجه الله إنقلاب النيجر الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم قد أدخل الجمل في إبريق الشقيقة النيجر وقرون الغنماية في جر حميضها ، الأمر الذي شكل إمتحانا بالغ الصعوبة لمن يهمه الأمر أولها بالطبع الجبهة الداخلية النيجرية ودول الجوار المباشر والمنظومة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا ( الإكواس ) والإتحاد الأفريقي والغرب الكبير والصغير على رأسه فرنسا التي تلقت في السنوات الأخيرة ضربات إنقلابية متتالية في معقل نفوذ مستعمراتها القديمة غينيا كوناكري مالي فولتا العليا سابقا وبريكينافاسو الآن التي شهدت إنقلابات عسكرية ناجحة وكذلك الصين وروسيا وما أدراك ماروسيا والقائمة تطول وللقصة بقية .
منظومة دول الإكواس أمهلت وجانبها قادة الإنقلاب فرصة
أسبوع واحد فقط للتراجع عنه والذهاب إلى حيث الثكنات ملوحة بعدة خيار من بينها التدخل العسكري ، ثم مضى في نفس الخط ولكن بوتيرة مختلفة الإتحاد الأفريقي ممهلا قادة الإنقلاب خمسة عشر يوما . وفي الإتجاه المعاكس لتلك الخطوات أعلنت قيادة دولتي مالي وبريكينافاسو عبر بيانات رسمية رفضها القاطع لأي عقوبات وتدخل عسكري في الشأن النيجري الداخلي معتبرة أي تدخل عسكري في النيجر لا سمح الله هو بمثابة أعلان حرب على الدولتين ، من ثم مضى البيان بالقول بأن التدخل العسكري في النيجر تحت غطاء منظومة دول الإيكواس هو بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على المنظومة وينتهي عزاؤها بإنتهاء مراسم دفنها في أجداث مواقفها وتصرفاتها غير المحسوبة والمحوسبة بعناية تجاه فهم وتفهم ماهي الإنقلاب وطبيعة القضية والأزمة النيجرية بأبعادها التاريخية والمرحلية والراهنة . ولذلك
نقول بدءأ من حيثيات بيان الأنقلاب ومبررات قيامه والمرافعات المضادة له مرورا بمواقف الجهات المشار إليها أعلاه في إطار الفعل وردات فعله جميعها تعبر عن تحديات ومهددات بيئة النزاع السياسي وتطوراته الخطيرة والتي ربما ستبلغ في أي لحظة مرحلة المواجهات العسكرية في حال تجاهلها أو الإلتفاف عليها او الإملاء الداخلي والخارجي بحقها ، حيث لا ننسى بأن النار وحريقها الضخم من مستصغر الشرر وفي حال حدوث ذلك لا قدر الله حتما سيلحق الضرر البالغ بالنيجر والنيجرين وعاصمتهم الجميلة سيلحقها ( أمات طه ) كما يقول السودانيون وقديما قالوا الشقي يشوف في نفسه والسعيد في غيره وحذار من أن تؤتى أفريقيا وشعوبها من باب حرب العواصم والمدن والأبعاد الخارجية ، فهل أنتم مدركون لما نقول ، فالننتظر قليلا حتى تأتينا الأيام القريبة بأذن الله بالخبر اليقين من قلب الشقيقة النيجر وما جاورها .
نعم أن بيئة الإحتقان السياسي الداخلي والمدعومة بالتآمر والتربص والأطماع والتتطميع والإستتطماع الخارجي حسب التجارب والمقاربات الحية لا تساعد إطلاقا في إحتواء ومعالجة الأزمة النيجرية ولا في حل قضيتها حلا موضوعيا منطقيا آمنا بل ستزيد طينها بلة والحي يشوف .
وبالنظر إلى تاريخ الدولة النيجرية عبر تركيبتها الديمغرافية والديمقراطية والجو سياسية ودور الإستعمار ووكلاء الإستعمار وخارطة طريق عدالة توزيع الموارد الطبيعية وعدالة توازن فرص تنمية الموارد البشرية والتنمية الشاملة على نطاق البلاد جد الأمر خطير يحتاج لعميق التفكير وحصافة التقدير وهو أعمق بكثير عن قضية الكرسي الرئاسي ودون الرئاسي والإنتخابات والإنقلابات والإنقلاب الأخير .
وللخروج من نفق هذه الدوامة والأزمة الراهنة ومتاهات القضية النيجرية وتحدياتها يقترح الآتي :- أولا ضرورة محاصرة وتحريز البيئة السالبة بيئة الإحتقان والنزاع والتهديد السياسي القائم الآن من جميع الأطراف ومن ثم تجاوزها إلى حيث البيئة الموجبة بيئة البحث عن خيارات حلول موضوعية منطقية تستلهم دروس وعبر التحديات والمهددات التراكمية والماثلة الآن إستلهامها برسم خارطة طريق واضحة المعالم والمفاتيح لإحتواء الأزمة وتحويل تحدياتها ومهدداتها إلى فرص تفيد النيجر وشعبها الشقيق ، خارطة طريق يضع من خلالها الشعب النيجري وقواه السياسية قاطبة دون غيرهم مؤشرات حلول إجتماعية سياسية إقتصادية دستورية إستراتيجية تحل على أساسها التعقيدات التراكمية التاريخية والمرحلية للمشهد النيجري الراهن ولمستقبله كذلك بإعتبار أن ذلك يمثل البعد الجوهري والمحرك الأساسي للأضطرابات السياسية والمدنية ولدورات الإنقلابات منذ تاريخ إستقلال النيجر عن فرنسا في الفاتح من ستينيات القرن الماضي التي بلغت في مجملها خمس إنقلابات على الأرجح . النقطة الثانية :- وهي جوهرية ومقدمة منطقية تساعد في الدخول لبيئة الحلول الإيجابية وهي ضمان حسن معاملة الرئيس المعزول محمد بازوم وأعضاء حكومته من قبل قادة الإنقلاب والتي كما إتضح من إشراقاتها السماح له بمقابلة ضيوفة في سابقة إخلاقية نادرة في تاريخ إنقلابات الدول الأفريقية . النقطة الثالثة :- الزيارة التاريخية السياسية العرفية العرفانية الحميمية الطارئة التي قام بها الرئيس التشادي الفريق أول ركن محمد إدريس دبي إتنو كبير الدولة قام بها في أصعب الأوقات والظروف إلى الشقيقة النيجر وحسن الإستقبال والمقابلة الأخوية الكريمة المحترمة التي قوبل بها من جانب رئيس وأعضاء المجلس الوطني لقادة الإنقلاب وسماحهم له بأريحية بمقابلة الرئيس المعزول محمد بازوم ، هذه بكل صراحة خطوة موفقة حكيمة نالت إعجاب الأمم والشعوب المتابعة لمجريات أحداث النيجر خطوة عبرت عن عمق أصالة حضارة الشعبين الشقيقين ودولتيهما تشاد والنيجر ، وبتالي لا أحد يتصور بأن الرئيس دبي قد خرج من المقابلتين خالي الوفاض وبخفي حنين حتى يتجه مباشرة للقاء قيادة الأيكواس بنيجيريا ، وبالقطع سيكون قد تواصل في تلك اللحظة مع رئيس الإتحاد الأفريقي رئيس دولة جزر القمر السيد غزالي عثماني وكذلك مع الدكتور موسى فكي محمد وزير الخارجية التشادي السابق رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي الحالي الذي أمهل هو بدوره قادة الإنقلاب خمسة عشر يوما . النقطة الرابعة من بيئة الحلول الإيجابية :- ضرورة فتح حوار وتواصل إستراتيجي مباشر خالي من صور الوعيد والتهديد فتحه خلال الفترات الزمنية المقررة بين أطراف النزاع وقيادة الأكواس ومفوضية الأتحاد الأفريقي ورؤساء مالي وغينيا كوناكري وبريكينافاسو وذلك لبحث فرص حل الأزمة من داخل بيئة الحلول الإيجابية حلها حلا عقلانيا موضوعيا منطقيا يجنب الدولة وشعبها ودول الجوار وشعوبها مخاطر مأساة يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي أعدائهم وآخرين من دونهم .
وفي سياق البحث والعصف الذهني عن خيارات الحلول الموضوعية ضرورة أن يضغط الرئيس المعزول بازوم ورئيس المجلس الوطني عبد الرحمن تشياني قائد الإنقلاب يضغطان على جراحهما ومواقفهما ليس من زاوية النصر أو الهزيمة وإنما من باب الشعب النيجري الفسيح الذي إنتخب الرئيس بازوم لأجل خدمته ومن ثم جاء تحرك الجنرال عبد الرحمن تشياني ورفاقه بنفس الدوافع والأهداف حسب تقديراتهم التي عبر عنها بيان الإطاحة . إذن في هذه الحالة الحالة النيجرية يمكن القول تتعدد الوسائل والأساليب والهدف والمستهدف بالخدمة الوطنية هي النيجر والشعب النيجري . النقطة الخامسة :- من خيارات الحلول المباشرة خروج الطرفين للشعب النيجري وشعوب القارة والقارات خروجهما ببيان تاريخي مشترك يعلى من قيمة الوطن وحقوق شعبه وكرامته على أي حقوق أخرى يقدم هدية له ولدولته الفتية ، كما فعل ذلك بالضبط في المدى المنظور الرئيس الروسي بوتن ورئيس مجموعة فاغنر الروسية أبان تمرد الأخير حيث نزلا للحق والحقيقة وحيث المسئولية التاريخية الخاصة بصون الشعوب والأوطان نزلا في لحظة تاريخية حاسمة شهد لها تاريخ الوطنية المسئولة مجنبين بدورهما روسيا والشعب الروسي خطر المواجهة الحتمية المدمرة التي كادت أن تضرب روسيا والشعب الروسي في مقتل مشمتة عليه الأعداء وتملأ بالحزن المقيم قلوب الأصدقاء . النقطة السادسة :- وهي من قلب بيئة الحلول الموضوعية والمنطقية كذلك التأكيد الإيماني القاطع بأن الملك بيد الله يؤتيه من يشاء وينزعه كيف ومتى يشاء حين تمام أجله وهو كالروح بالضبط ، فضلا عن ضرورة إعمال حكمة وفضيلة أحترام وقبول التغيير أذا كان في الأصل هدفه مضاعفة سعادة الشعب النيجري وليس العكس وفي هذه الحالة يجب ان يترك الأمر للأيام وهي وحدها التي تأتي بالخبرين ( الني والنجيض ) مع تقديم وافر الشكر والتقديره للشعب النيجري بمناسبة إنتخابه ومنحه ثقته في الإنتخابات السابقة للسيد محمد بازوم . النقط السابعة :- إطلاق سراح الرئيس المعزول محمد بازوم وأعضاء حكومته وحزبه فورا في إطار عفو رئاسي وطني دستوري عام لا تلاحقه وحكومته وحزبه وأنصاره أي ملاحقات ومحاكمات سياسية وإعلامية تشهيرية إنتقامية خارج سياق الدستور والقانون وبإسميهما ، وبالمقابل يلتزم هو ومنظومته خلال الفترة الإنتقالية بعدم ممارسة أي عدائيات داخلية وخارجية على خلفية حيثيات الإنقلاب ومراراته المعلنة والمبطنة النقطة الثامنة :- تشكيل مؤسسات دستورية إنتقالية تتحرى القدر الممكن من التوافق الوطني القومي العريض على رأسها حكومة وحدة وطنية تشكل بموجب أحكام دستور وطني يعلي من شأن الوطن والمواطنة تضم أعضاء من حكومة الرئيس بازوم من الذين يلتزمون بميثاق بيئة الحلول الموضوعية المنطقية للأزمة والقضية . النقطة التاسعة:- السماح للرئيس محمد بازوم بالبقاء الحر في النيجر او ذهابه إلى أي وجهة يقررها بمباركة ورعاية المجلس الوطني الإنتقالي وبموجب عهدين عهد الحق تعالى وعهد الشعب النيجري الوفي .
النقطة العاشرة :- إطلاق عملية سياسية دستورية وطنية شاملة تخاطب تحديات الأزمة وجذور القضية .
النقطة الحادية عشر :- الإعلان عن قيام إنتخابات مبكرة حرة نزيهة في أقرب مدة ممكنة فقا للدستور والقانون ، إنتخابات تكفل حق الترشح للجنرال عبد الرحمن تشياني رئيس المجلس الوطني وللرئيس المعزول محمد أزوم وغيرهما على أن يترك القول الفصل للشعب النيجري الشقيق .
هذه تعرف بإستراتيجية الحلول السياسية الإبداعية الذكية التي تحيط اليوم وبصورة إستثنائية بيئة المشهد السياسي الأمريكي من خلال سجال ومساجلات الرئيس الديمقراطي جو بايدن وسلفه وربما خلفه مجددا الجمهوري دونالد ترامب . فالحديث عن هكذا إستراتيجيات سياسية ذكية إبداعية في الفكر السياسي المتقدم سيطول حيث لا يسمح المجال بذلك .
مستشار / أبشر محمد حسن رفاي علوي / رئيس المجموعة الأفريقيةالمدنية التمهيدية للشراكة من أجل التنمية المستدامة بعموم أفريقيا .
السودان …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى