الأعمدة

رؤى متجددة. :بشر رفاي : قراءة فكرية أولى حول المفاهيم الأساسية للعمليات السياسية والثقافية والدستورية ..

لم نكن نمارس الترف الفكري ولا البذخ المعرفي ولا الثراء الثقافي ، حينما طالبنا من سنين طويلة الأمم المتحدة بضرورة عقد مؤتمر أممي مرجعي هو الأول من نوعه حول التجربة البشرية برمتها .
تقدم من خلاله ثلاث أوراق عمل (بنيو إطارية) الورقة الأولى حول الماهية والثانية عن الهوية والثالثة عن الهوى البشري المرضي الخطير على مختلف الوجوه والوجود .
من منظور فكري بحثي متقدم محتوى الاوراق الثلاث يعتبر مصدر مزدوج للخير العميم وكذلك الشر المستطير ، ولذلك يعد من سابع المستحيلات أن يستقيم ظل الحياة البشرية الكريمة وتنوعها المكمل كما تسعى لذلك وبتكلفة باهظة لا متناهية الأمم المتحدة واطرها ، لايستقيم ظل الحياة وعود البشرية معوج ، وما أكثر صور الإعوجاج في عالمنا الأزلي والقديم والمعاصر .
منها ظلم الإنسان لربه ولنفسه ولأخيه الإنسان ومن صور الأخيرة ، القهر الإضطهاد الإستبداد العلو الإستحقار الإسترقاق الإتجار التطرف الفوضى الإنتهاكات الجسيمة الإرهاب الحروبات هدر كرامة الإنسان بالتعدي على حقوقه الطبيعية والطليعية وحقه الإنساني . وياليت وقف إعوجاج عود البشر عند هذا الحد ، وإنما تعداه بمسافات ( فرط كيلومترية ) إلى الكونيات والمنظومة البنيوية لتوازن النظام الكوني ، كالقيم والمبادئ والإخلاق والتسامح وكريم وجميل المعاملات ثم مضى التعدي تجاه البيئة والمناخ ومصادر الطاقة الحياتية والحيوية والموارد بأشكالها ومصادرها المختلفة الأحفورية وفي السطح والمسطحات وفي الآفاق وفي أنفس المورد البشرية الفاعلة والمتفاعلة على أساس وقوام وعروش إنسانية طيبة تعبر بصدق عن تمام البنيان وعن مساكنة وتعايش آمن مستدام بين الناس ، و في سياق تحديات ومهددات البنيان البشري الأخلاقي والضميري الإناني الذي تردأ وتردي قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرتش ذات مرة وهو في حالة صفاء فكري عميق حول ذات الموضوع موضوع المهددات البشرية الكامنة والمحيطة إبان إجتياح الفيضانات والسيول الجارفة لشبه القارة الهندية والحرائق الغابية المميتة ، قال مقولته الشهيرة وهو سيد العارفين ( الإنسان يهاجم والطبيعة ترد بعنف ) في إشارة واضحة صريحة للتردي البيئي والمناخي وجور البحث والإستخدام غير الأمثل للطاقة والموارد التي من نتائجها الإرتدادية السالبة الموجات الحرارية غير المألوفة والحرائق الغابية والفيضانات المدمرة والإنزلاقات الأرضية والزلازل والخلل في منظومة سلاسل المطر ، المناخ ونواقل المعصرات وصواعق الصعق وتيبس المزن ويباب الارض وجفافها وتصحرها والبراكين والكوارث وغيرها .
للأسف الشديد نفس الممارسات والتحديات البشرية في البيئات المذكورة تجدها في بيئات ومجالات أخرى ليس على سبيل المقاربات وإنما على أساس التطابق الكامل مثل مجال تعريفات الأشياء ومفاهيمها ، الأمر الذى حدى بنا أن نخطو خطوات فكرية عملية نحوها سنوردها بإن الله في حلقات متسلسلة ، وفي هذه القراءة نتناول موضوع المفاهيم وإتجاهاتها وتفكيكها بصفتين صفة المهدد الكامن بالعقليات وصفة اقصر الطرق لبلوغ المضامين و تقصير ظلها للناس تحاشيا لإستشراء فوضى خلطها ونتائجها المدمرة خاصة في البيئات الإجتماعية والسياسية والثقافية والدستورية وغيرها .
ولنبدأ بتفكيك مفهوم السياسة والعمليات السياسية . السياسة هي روح الحياة والثقافة نفسها المطمئنة ، تنطوي السياسة على عدة مفاهيم وتعريفات متدرجة ، منها مفهوم فن الممكن و علم الموازنات المستمرة و اللعبة القذرة وغيرها حسب تنوع مدارس الفكر السياسي ، ومن المفاهيم والتعريفات التي تفضلت بها الرؤى المتجددة بمسرد وسفر تعربفات السياسة والعملية السياسية بمفهومها الرسالي الإنساني الأشمل هي ( آلية تصريف شئون الأمانة والتي من أولى أمانتها أمانة الذات فإذا صلحت إدارتها صلحت إدارة سائر الأمانات ومنها أمانة شئون الناس وتصريف وقضاء حوائجهم وأمانة الدول والشعوب والأمم وأمانة الكون والكونيات .

يقسم هذا التعريف والمفهوم الأشمل للعملية السياسية ، يقسم الساسة إلى خمس مستويات متدرجة بمرجعيات إسناد محددة ، في مقدمتهم ( الساسة الأنبياء الرسل ) فهؤلاء يتمتعون بثلاث مصادر إسناد أساسية لم تتوفر لغيرهم ، المصدر الأول الإعداد الفطري الثاني الوحي الثالث علم اللدن ، ثم يليهم الساسة المفكرون وما أدراك ما سر العقول وديعة ربانية وضعت في الذات البشرية للإستثمار الأمل في فرص الحيوات ، ثم الأكاديميون ، والمهنيون ، والخبريون ..
في الفكر السياسي المتقدم ثمة فرق بين مهارات المهنة وفكرها ، مهارات المهنة مكتسبة تعني بالجانب التشغيلي وسوق العمل أما فكرها إبداعي تطويري ، وهو المسئول الأول عن أعمال التطوير والترقية وفتح الآفاق البحثية في المجال ، فلذلك يقال مهنة الزراعة والفكر الزراعي ، مهنة القانون والفكر القانوني مهنة المحاسبة والفكر المحاسبي ، مهنة التجارة وفكر التجارة مهنة العسكرية والفكر العسكري مهنة الإعلام والفكر الإعلامي مهنة التشريع والفكر التشريعي وهو المستوي التحضيري الأعلى من النصوص الدستورية وفوق الدستورية ، مهنة الطب والفكر الطبي مهنة الهندسة والفكر الهندسي مهنة الإدارة والفكر الإداري إدارة تقليدية ثانوية وحديثة وإدارة إستراتيجية متقدمة ، والقائمة تطول .
في المجال الثقافي يقسم الفكر المتقدم بيئة الثقافة إلى خمس صور ، ثقافة منتوج فكري صوامعها ومواعينها وسائل الأعلام بضروبها المختلفة ، المكتبات المسارح والتطبيقات ودور العرض المختلفة وغيرها ، ثم ثقافة الطبيعية ماعونها الكبير الطبيعة وماحوت من مقومات وموارد والطبيعة على سبيل المثال تمثل اهم مصادر الأعمال الفنية والأدبية ، دونكم وحي الكلمات ومصادر الإلحان والأدوات وغيرها ، آلة العمود والوتريات والدفوف والطبال من معينات ثقافة الطبيعية بشقيها المادي والمعنوي ، ثم الثقافة الروحية رسالية تقليدية إنسانية ، ثم صور الثقافة التبادلية أو مايعرف بعمليات المثاقفة ، ثم ثقافة الوسط الشعبي الموروثات التقاليد الأعراف والنظم والممارسات .
من مفاهيم وثقافة الفكر الدستوري المتقدم ، ينظم الدستور العلاقة بمفهوم أشمل بين الوطن ومضمونه والمواطن ومسئولياته والدولة مؤسساتها والحكومة وأجهزتها والإطر الساسية والإجتماعية وواجباتها وصيغ التضامن والتكامل بينهما لاحق بموجب القانون لخدمة أرفع وأنبل الغايات الإستراتيجية غاية السلام والمحبة والأمن والتعايش والإستقرار وفرص الإعمار ، تنقسم الإطر الدستورية إلى عدة صور وفقا لتنوع المفاهيم الفكرية والسياسية مقروءة بتنوع وتناقض مرجعيات تعريفات ومفاهيم السياسة والعملية السياسية التي اوردناها في متن القراءة منها الدستور الإنتقالي ، الدستور الإنتقائي ، المراسيم الدستورية الثورية ، الوثائق الدستورية ، وبالطبع أرفعها درجة وقيمة تتماشى مع مفهوم السياسة آلية لتصريف شئون الأمانة هو الدستور الدائم ولا دوام للدستور بمعنى الخلود إلا بتحري تمام مكارم الأخلاق والتي من شأنها بناء دستور دائم مكتوب وغير مكتوب قائم على أساس الإنسانية والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات والوطنية النزيهة التي تضع الوطن مدى الحياة في حدقات عيونها رحمة وفي تحديقاتها فداء وحماية ، واما فيما يلي موضوع الكفاءة المرتبط بهذه البيئات السياسية والثقافية والدستورية بالأساس .
يضع الفكر السياسي المتقدم مفهوم الكفاءة في سبع نقاط متلازمة وليس في نقطتين إثنين او ثلاث كما جرت العادة السياسية والأدارية والدستورية القاصرة . النقطة ١– تحري القيم والأخلاق ٢– القدرة على التفكير التشغيلي وعلى تنوع الفكر الإبداعي إستنتاج وإنتاج وإنتاجية ٣– المهارات التعليمية والقدرات العلمية ٤– المهارات المهنية ٥– القدرة على الأداء والعطاء فالأداء درجة والعطاء درجة تصحيحية ارفع ٦– المقبولية وهي من مشقين متروكة لفطنة القارئ ٧– الخبرات التراكمية . ختاما
تنقسم الشرعية الدستورية والشرعيات عموما لعدة مستويات ومدارس ، شرعية دستورية أصول ثابتة وهي من شقين ، الشق الأول الوطن ويشمل الإطار الجغرافي والشعب والقيم والمكتسبات التراكمية ، الشق الثاني الدولة ومؤسساتها البنيوية المعروفة والمعرفة بموجب الدساتير المقتدرة الراسخة عبر تجارب الدولة المتقدمة الواردة ضمن الشروط والإستحقاقات اللازمة للإنصمام للأمم المتحدة ١٩٤٥ ومن قبل الإعتراف بالشخصية الإعتبارية للدولة ( تابع محتوى ملف السودان الذي أودعه منضدة الأمم المتحدة دولة حرة ذات سيادة فور إستقلاله في ١/١ / ١٩٥٦ ونال بموجبه شرف عضوية الشعوب الحرة وعضوية المنظمات الإقليمية الأخرى )
الشق الثاني من الشرعية الدستورية هي شرعية الأصول المتحركة على مستوي التكوين والسياسات والبنيان والعمليات ، تشمل الحكومة والأطر السياسية والتشكيلات الشعبية والمدنية . عندنا في السودان الشرعية الدستورية الأصول الثابتة ممثلة في الوطن والدولة وأجهزتها منعقدة تماما ولا جدال حول ذلك على الإطلاق حتى وسط الذين يتعلمون فك خط وخطوط العملية السياسية ( وصحيح لكل قاعدة شواذ وبمبررات كموضوع الإنفصال لايسع المجال للخوض فيه ) الإشكال في السودان وفي قضيته ظاهره شرعية الأصول الثابتة ولكن في حقيقته المجردة غير قابلة للنفي كمايقول الراحل المقيم الصحافي عمر الكاهن منعقدة في شرعية الأصول الدستورية المتحركة وهي مربط الفرس لم تستطع إصلاح وتطوير نفسها ولم تضف قيمة مضافة نوعية تعزز بنيان ومسيرة حزم الشرعية الدستورية الثابتة بل صارت أكبر مهدد لوجودها وليس نموها وتطورها ..
أما عن الشرعيات بمفهومها العام المتعارف عليه فهي الشرعية الدستوريةالتأسيسة تأسيس ( الوطن والدولة) الشرعية الدستورية الإنتخابية ، الشرعية الثورية الإنقلابية ، شرعية الثورات الشعبية ، شرعية الغاب والفوضى والأيد القوية .
ملحوظة مهمة :- شرعية الثورة الشعبيةشرعية محصنة ضد الخصخصة وعمليات الإختطاف والألتفاف والأستيلاء والبلطجة والترقيد والمراقدة السياسية محصنة بقانون حقوق الملكية الفكرية للشرعية الشعبية الحرة ، تدار عملياتها ومكتسباتها بالتوافق لأنها قائمة بالأساس على التفكير الجماعي الضمير الجماعي الحراك والتدافع الجماعي التضحية الجماعية ، شرعية بهذه البنية السياسية والتنظيمية لا تنعقد على احد او فئة اوشريحة مهما تعالت أصواتها ومؤامراتها بالداخل وحيث الخارج لا تنعقد خارج آلية بوتقة التوافق والأجماع الشعبي (على حده الأعلى) إلا من أبي وتمانع لشئ في نفسه ونفس غيره ، شرعية الثورة الشعبية ستمضى على هذا المنوال لا تحيد عنه قيد أنملة بل (ضرة) حتى بلوغها مرحلة الشرعية الإنتخابية التفويضية عبر ادواتها الحصرية المعلومة بداهة الإستفتاء والإنتخابات الحرة النزيهة .
رفعت الأقلام وجفت صحف الكلام الممجوج والمجاني ..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى