الأعمدة

فضيلي جماع : إنّ الإغتصاب – لمن يحسبون ذاكرتنا بهذا الضعف – هو أحد أهم أسلحة إذلال المعارضين وإجبارهم على السكوت

إنّ الإغتصاب – لمن يحسبون ذاكرتنا بهذا الضعف – هو أحد أهم أسلحة إذلال المعارضين وإجبارهم على السكوت في الأربع وثلاثين عاماً الماضية لحكم الكيزان. بل إنّ قضية الشهيد احمد الخير كشفت أنّ نظام الحركة الإسلاموية في السودان قد استنّ وظيفة “مغتصب”، تدفع الدولة لصاحبها راتباً مالياً مقابل هذا السلوك المنحط.(راجع حيثيات قضية الشهيد احمد الخير.)
وأخيراً فإنّ من يرمون الرافضين لهذه الحرب العبثية بين فصيلين من الجيش بالخيانة للوطن ما هم إلا أعوان النظام السابق الذي سددت له ثورة ديسمبر 2018 الضربة القاضية ، ليلفظ أنفاسه عبرها بالتدرج. نعرف أن الحرب العبثية الحالية كما أسماها جنرالاتها في الطرفين المتحاربين إنما هي حرب بين ما تبقى من الجيش السوداني الذي أنهكته الحروب ضد مواطنيه منذ استقلال البلاد ، والذي صار مليشيا بقيادة ضباط الأخوان المسلمين، و جناحهم العسكري ، والفصيل الذي أقاموه ليحارب كجيش مشاة بالوكالة عن جيشهم المنهك. وإما تبين لهم أنّ رضيعهم (الدعم السريع) صار غولاً ، حاولوا الإجهاز عليه لكن بعد فوات الأوان. نسوا أنّ أبناء الهامش الذين ضمهم فصيل الدعم السريع قد أتقنوا فن اللعبة طوال بقائهم ذراعاً يمنى لجيش قيادته عقائدية ، وكل هم تلك القيادة الفاسدة أن تبقى في السلطة ولو على جماجم كل شعب السودان !!
نصيحة لأدعياء الثقافة والوعي الزائف:
أود في الختام أنّ أوجّه نصحاً لعدد ضخم من أدعياء الثقافة والسياسة في بلادنا. لقد “صدعتمونا” بادعائكم محاربة الإسلامويين (المؤتمر الوطني). وكتبتم عنهم من قبل ما لم يقله مالك في الخمر. واليوم – ما بالكم تلتزمون الصمت حيال ما قام به جيش المؤتمر الوطني من حرب لم تبق ولم تذر؟ حرب شردت الملايين. وقضت على البنية التحتية البائسة أصلاً في عاصمة البلاد. وراح ضحيتها المئات من شباب بلادنا الغض ومن مواطنين أبرياء لا يد لهم فيما يجري بين جيش الأخوان المسلمين وشريكهم حتى الأمس القريب – الدعم السريع. جيش لا يعرف شبراً من هموم خارطة الوطن إلا حيث تصرف له الأوامر فيغتصب ويقتل!! لماذا لم تقولوا يا أدعياء الثقافة إنّ جيش السودان أصلاً هو سبب دمار هذا البلد؟ لماذا تتحاملون ما لاحت لأحدكم فرصة على الدعم السريع وتتجاهلون المؤسسة التي أفرخت كل هذه الحرب ومن قبلها حروباً ابتليت بها بلادنا قرابة السبعين عاماً؟
أنتم – وأعني أدعياء الوعي الزائف – ثالثة الأثافي لحربٍ ستكون بإذن الله آخر الحروب في بلادنا !
كاتب هذه السطور يقف ضد الحرب- أياً كانت أسبابها.. فالحرب لمن ينادون بها ويذكون لهيبها بالزعيق والنعيق ، وهم بعيدون كل البعد عن جحيمها – الحرب ليست نزهة. بل هي من أكثر آفات العقل البشري تفاهة وانحطاطاً !!
فضيلي جمّاع
لندن – 28-8-2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى