الأعمدة

جدة ( المنكورة منكم ) ليست شينة!

سبعة اشهر وانفاس الاطراف المتحاربة تتقطع لاهثة والكل يسعل من رائحة دخان صراعهم المحموم في غباء مثل هبل اصحاب الرؤوس الصلعاء وهم يتقاتلون حول مشط مكسور وهو النصر المفقود والذي وان وجد بعد كل هذا العناء، وناله هذا الطرف او ذاك فانه يصبح نصرا ماسخا هزيلا مثل الفوز في مباراة كرة قدم طويلة مملة غادرها الجمهور بعد ان تثاءب في المدرجات وقد مر زمنها الاصلي و الوقت الاضافي.. لتنتهي بالضربات الترجيحية على وقع انتصار باهت الملامح و هزيل الحماس وبلا متفرجين منتشين له!
فجماعة التمرد الذين ظلوا يرتكبون فظائع الانتهاكات وتجاوزوا ميدان الوغى الى حرمات المواطنين الامنين لا معنى لانتصارهم المزعوم وهو ليس فيه الا المزيد من التعدي والترويع.. بل اسوأ ما حصدوه بعد ان فقدوا قواتهم وقوتهم وعتادهم فانهم مسحوا بسيول الدماء اي معالم لهم في خارطة هذا الوطن الجريح عسكريا واجتماعيا اذ ان مكانتهم السياسية اساسا لم يكن محسوبا لها حسابا في ماضيهم ولا حاضرهم ومن الطبيعي الا يكون لهم في موضع اعراب مستقبلها موقعا!
اما جيش الوطن الذي وضع قدمه على قشرة الموز التي وضعها له اصحاب الغرض في طريق غفلته فانزلق على حين غرة ودون استعداد للسقطة في حرب.. لو كان متماسكا حيالها بعقيدته المهنية الخالصة دون تشتت تفكيرة ماببن زناد بندقيته و تشويش ولائة لفئة بعينها حنينا الى عهد الظلام الانقاذي لكان مؤهلا لكسب المعارك في اقل من هذا الزمن بكثير والكلام هنا لخبير عسكري وطني سمعته بالامس عبر احدى الاذاعات.

الان الحرب لم تعد سجالا بالاسلحة و لعبة كر وفر بين قوات مهاجمة واخرى مدافعة.. لذا ففرضية حسمها ولو بعد حين وبعد اتساع رقعتها في خطوط النار اصبحت وهما مستحيلا.
لانها تجاوزت مرمى اطلاق الرصاص.. الى كل مناحي الحياة.
فهي حرب الشتات الاجتماعي و التفكك الاسري والاوبئة والجوع فضلا عن فقدان خيرة كفاءات الجيش وامكاناته.الضخمة ومواقعه الحساسة .
بل و باتت حربا دخلت في لحم الاقتصاد المهتري نهشا باظافر جبريل . وقد تجاوزته الى عظم الانتاج كله لاسيما الزراعي الذي تعطل موسمه لعدم قدرة الزراع على مواجهة غلاء اسعار المدخلات التي رفعت الدولة الغائبة يدها عنها وتكلفة الحرب وتغطية رشاوي الحركات تمتص عروق خزينتها التي سكنها عنكبوت التصخم!
والحرب الان تتبدى ملامحها في عدم وجود الدولة نفسها لينفرط عقد الامن و تصبح الفوضى هي الحاكمة في كل شي وليس فقط في حواجز الجبابات التي اصبح كل من يحمل خرطوشا لصيد الطيور يفرضها في معابر منطقته مادا لسانه لهيبة السلطات التي باتت حتى بعيدا عن موضع المتفرج خجلا من عجزها عن التصدي لكل ذلك العبث هذا ان لم تكن شريكة في اقتسام تلك الاتوات من خلف ستار الحاجة في عدم ايفاء الدولة بسداد الرواتب منذ شهور.
فالذين ينكرون جدوى بصيص الضوء في اخر نفق (جدة) التي ليست شينة كما ظنوا.. لن يجدوا غير الجمر الحارق تحت اقدامهم وهي تسير حافية في طريق الحرب و التي عادة ما يملك الاطراف المتحاربة قرار الدخول فيها.. ولكنهم سرعان ما يفقدون الدليل الذي يقودهم الى نهاية دربها الشائك و الملغم بكل عناصر الهلاك و مصير الندم.
جدة.. امامكم…لفك ضائقة الشعب وكربته و الانفتاح على العالم بعد عزلة انقلاب تخريب المسار .
اما حفرة الجغم والبل فستتسع من خلفكم .. ومن سار على درب العقل البائن الملامح نجا بفطنته قبل عينيه..
واما من بتدحرج ناكصا الى الوراء فهو سيسقط في جب المهالك بغبائه و غمضة وهمه الحالم بالعودة الى زمان لن يعود..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى