الأعمدة

كفى … أوقفوا هذه الحرب القذرة … بقلم بابكر عيسى

 

بقلم/ بابكر عيسى أحمد

استوقفتني اللآءات السبعة التي تضمنها خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أمام “دورة الإنعقاد السنوي الثاني والخمسين لمجلس الشورى” حيث تصدر حديث سموه عن الأوضاع العصيبه التي تفوق التصور والتي يعيشها أشقاؤنا الفلسطينيون، فاعلن سموه أولاً: أنه لا يجوز السكوت عن القصف الهمجي غير المسبوق الذي يتعرض له المدنيون في قطاع غزة -إحدى أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم- وثانياً: لا يمكن تجاهل الأعداد المهولة من الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء، وثالثاً: أن قطر لا تقبل الكيل بمكيالين ولا لتجاهل واقع الإحتلال، ورابعاً: لا للتصرف وكان حياة الأطفال الفلسطينيين لا تحسب وكأنهم بلا وجوه وبلا أسماء، وخامساً: لا لإستخدام قطع الماء ومنع الدواء والغذاء أسلحه ضد شعب بأسره، سادساً: لا يجوز أن تمنح اسرائيل ضوءاً أخضر غير مشروط وإجازة غير مقيدة بالقتل، سابعاً: لا يجوز استمرار تجاهل واقع الإحتلال والحصار والإستيطان والتصريح الإسرائيلي العلني بالنوايا غير الشرعية مثل التهجير وغيره.
هذه الكلمات الصادقه تعكس بشاعة المحنة التي يعيشها الشعب الفلسطيني وهو يتعرض إلى هذا القصف الهمجي والبربري والمتوحش الذي يستهدف أبناء فلسطين الصامدون فوق ترابهم الطاهر الذي دنسه الإحتلال، ولا خوف رغم الدعم الغربي اللامحدود والأمريكي على وجه التحديد أن تتبدل قناعة الإنسان الفلسطيني وحقه المشروع في تحرير ترابه الوطني، والحق الذي وراءه مطالب حق لن يضيع، كما اثبتت حقائق الواقع والتاريخ.
الفلسطيني مثل النخلة يسقط بنيران العدوان وهو واقف يدافع عن ما هو حق أصيل لا يمكن التلاعب به أو التفريط فيه، ومن هنا تنطلق روعة الملحمة الفلسطينية رغم العدوانية والدموية واللا إنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وفي كل شبر من ثرى الأرض الطاهرة.
سمو الأمير المفدى قال كفى ودعى إلى وقفة جادة إقليمياً ودولياً أمام هذا التصعيد الخطير الذي نشهده والذي يهدد أمن المنطقة والعالم، كما دعى سموه إلى وقف هذه الحرب التي تجاوزت كل الحدود وحقن الدماء وتجنيب المدنيين تبعات المواجهات العسكرية والحيلولة دون إتساع دائرة الصراع.
أمير قطر توجه بالسؤال إلى المصطفين خلف الحرب، والذين يعملون على إسكات أي رأي مخالف، ويضيف: ماذا بعد هذه الحرب؟ هل ستجلب الأمن والإستقرار للإسرائيليين والفلسطينيين؟ وأين سيذهب الفلسطينيون بعدها … الشعب الفلسطيني باقٍ، وكذلك معاناته في ظل الإحتلال والحصار والمصادرة والإستيطان … الحرب لن تقدم حلً من أي نوع، كل ما يحصل هو تفاقم المعاناة وازدياد عدد الضحايا، وكذلك الشعور العميق بالغبن، وسوف تنشأ أجيال من الأطفال الذين مروا بهذه التجربة المروعة بما فيها صمت المجتمع الدولي على قتل اخوانهم واترابهم … إن السبيل الوحيد لضمان الأمن والإستقرار هو ما يتم تجنبه حتى الآن، وهو تحقيق السلام العادل والدائم وحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة التي أقرتها الهيئات الدولية بما فيها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
“طوفان الأقصى” تجاوز حدود فلسطين المحتله وتمدد خارج الحدود حيث خرجت الجماهير والشعوب العربية والإسلامية -رغم قمعية بعض الأنظمة- تناصر الحقوق الفلسطينية المشروعة وترفع في الساحات والميادين العلم الفلسطيني نصرة لأهل الأرض الذين يقاومون الإحتلال الغاصب، وجاءت انتفاضة “عرب المهجر” في قلب العواصم الغربية لتنتصر للذين تقتلهم الطائرات الأمريكية والأسلحة الغربية الفتاكة.
لن تفيد القروض والهبات والمساعدات اسرائيل كثيراً، فالكيان الصهيوني يواجه “الصدمة الوجودية” بسبب الحرب التي تدفع بالإقتصاد الإسرائيلي إلى المجهول حيث جاء في تقرير لوكالة رويترز من القدس المحتلة “قوى عاملة مستنفرة، صفارات إنذار مستمرة تحذر من خطر الصواريخ … شعور بالصدمة بسبب الهجوم غير المتوقع … هذه كلها عوامل تسهم في حجم التكلفة التي سيتكبدها الإقتصاد الإسرائيلي نتيجة للحرب مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” والتي يتوقع أن تكون مختلفة عن أي شيء آخر تعرض له الإقتصاد منذ عقود … فإسرائيل قد اهتزت بصدمة السابع من اكتوبر عندما اجتاح مسلحوا حماس من قطاع غزة بلداتها الحدودية في أعنف هجوم على المدنيين في تاريخها … وفي الأسبوعين التاليين نفذ الجيش الإسرائيلي حملة قصف مدمر للقطاع”.
هذا تقرير نشرته جهة محايدة عن الواقع الإسرائيلي بعد “طوفان الأقصى” وستحكى العديد من القصص والروايات عن “الهولوكوست” الإسرائيلي وتضحيات أبناء الشعب الفلسطيني في ظروف أقل ما توصف بها أنها بشعه وغير إنسانيه.
العزاء للزميل وائل الدحدوح الذي فقد أسرته وهو ينقل لمشاهدي الجزيرة جرائم الإحتلال والتحية لقناة الجزيرة التي سجلت السبق واتسمت بالجسارة في تغطية الأحداث في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية والتحية لكل القوى الثورية التي تناصر الشعب الفلسطيني، وأعتقد جازماً أن “طوفان الأقصى” سيكتب صفحة جديدة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني وقد أن الآوان أن تستيقظ بقية الدول العربية وأن تخرج لمناصرة هذا الشعب المقاوم فهو بحق وحقيقه “شعب الجبارين” وعلى الغافلين والتائهين أن يفتحوا أعينهم جيداً فالطوفان قادم لا محالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى