الأعمدة

الصافية قصة حي بحراوي انيق ووسيم! بقلم : أمير شاهين

كنا كثيرا ما نسمع الدعوة الظريفة ” يديك العافية ويسكنك الصافية ” اذ كان سكانه يصنفون بانهم من ” الناس المرتاحين” وهي تدل على فخامة السكن في حي الصافية ذلك الحى البحراوي الانيق و الجميل والذى كان يعتبر من اجمل الاحياء السكنية ليس فقط في بحرى بل ى كل العاصمة و السودان منافسا بذلك شقيقه حي الأملاك العريق الفخيم والذي سبقه بسنوات عديدة الى الوجود، ولكل منهما (الأملاك والصافية) طعمه الخاص وجاذبيته التي لا يعرفها الا اهل بحري والتي تشتهر بان لكل حى من احيائها المتعددة سحره وجماله وجاذبيته التي يتميز بها .
حى الصافية عند تأسيسه في الخمسينيات من القرن الماضي أطلق عليه في وقتها ا اسم المدينة الفاضلة , واهم ما يميز الصافية هو موقعها الفريد اذ يحدها من الشمال الخور الذي يفصلها عن المزاد وحي المغتربين، ومن الغرب شمبات الجنوبية، وتنتهي الصافية شمالاً مع الشارع الذي يفصل بينها وامتداد شمبات، ويفتح عليه قسم شرطة الصافية…
وقد لا يعرف الكثير من الناس بان اسم الصافية جاء من اسم مؤسسها رجل الأعمال الأستاذ المرحوم عبد القادر حاج الصافي عبد القادر احمد وهو من مواليد شمبات في العام 1904 ودرس في كلية غردون في العام 1925 وعقب تخرجه عمل في السلك الإداري كنائب للمأمور وقضى في الوظيفة حوالي الثلاثين عاماً ونيف، جاب خلالها العديد من مناطق السودان وعمل مأموراً لأم درمان، ثم مدير مديرية بوزارة الداخلية، وختمها بالمديرية الشمالية (نهر النيل حالياً) الدامر حتى أحيل للمعاش عام 1956م
وقد كانت الصافية حين اشتراها عبدالقادر حاج الصافي أراضي زراعية شرق شمبات وكان اهل شمبات يستخدمونها للزراعة المطرية و الرعى بغرض وذلك بغرض تحويلها لاراضى سكنية لما راى فيها من موقع فريد يربط بين بحرى القديمة و منطقة شمال بحرى ( شمبات و الحلفاية والخ) وفى هذا المكان أيضا كانت توجد غابة المسكيت ( التمر ابونا) والتي كان الانجليز قد زرعوها الحماية مدينة بحرى من رياح الشتاء العاتية ومكافحة التصحر وذلك لما عرف عن هذه الشجرة قدرتها الكبيرة على صد الرياح ومقاومة الزحف الصحراوى ويقال بان الانجليز قد جلبوا هذه الشجرة من أمريكا اللاتينية موطنها الاصلى في حوالى العام 1928 وقد امتدت غابة المسكيت من نهر النيل من الناحية الغربية إلى شريط السكة حديد من ناحية الشرق. وكان لها سور من السلك الشائك وخفراء يمنعون الناس من دخولها خشية الاحتطاب أو ممارسة أي نوع من أنواع التعدي عليها.
ويتفق اغلب الناس بان الصافية ظهرت للوجود عام 1953م عندما أفتتح الرئيس إسماعيل الأزهري أول بئر أرتوازية حفرها حاج الصافي إيذاناً بدخول مياه الشربالى الحي الناشئ حديثا مما أدى الى جذب واغراء عدد كبير من الناس الى المجيء والسكن فيها. وكذلك قام حاج الصافي بتأسيس مستشفى الصافية ومدارس الصافية وقد دخل في الاستثمار بإنشاء أول محطة خدمة بترولية. وأيضا سينما الصافية بالمشاركة مع «باسيلي بشارة». ومن اهم اعماله أيضا هو بناء مسجد حاجة النية والذي صار فيما بعد من اهم معالم المدينة الى جانب المستشفى والسينما تكريما لزوجته (حاجة النية) بالصافية والذي افتتحه بروفيسور عون الشريف قاسم سنة 1972 وهنالك عدد كبير من المشاهير الذين سكنوا في الصافية نذكر منهم:
اللواء محمد أحمد عروة وزير الداخلية أيام عبود ووالد الفريق طيار الفاتح عروة، وأنور حاج علي (وكيل شركة شل) للبترول والغاز، وعبد الرحمن علي طه وزير التربية في الخمسينيات وأخوه عبد الحليم، ود. محي الدين صابر أول وزير تربية في مايو، والذي غير السلم التعليمي في عهده من (4-4-4) إلى (6-3-3)، ونائب الرئيس نميري السابق القاضي (أبل ألير)، وعبد الرحمن العاقب، والأستاذ محمد أحمد النور (أبو النور) من أشهر معلمي الرياضيات في السودان ومناضل نقابي في السبعينيات والثمانينيات، وحسين عبد الحق المقاول المشهور والد الخبيرة (منى حسين عبد الحق).. والمقاول أحمد حسين، والشعراء محيي فارس، والنور عثمان أبكر، والزين عباس عمارة، والشاعر الكبير يوسف مصطفى التنى
نسأل الله ان تتوقف الحرب في بلادنا ويعود الامن والأمان الينا مرة أخرى وتكون هذه الاحداث بمثابة سحابة صيف سريعا ما تعدى وتتلاشى وتعود سماء بلادنا صافية وزرقاء كما كانت دائما
والى اللقاء في حى اخر من احياء المدينة الجميلة الساحرة
في الصور حسب الترتيب: أحد شوارع الصافية ومسجد حاجة النية والمرحوم عبد القادر حاج الصافي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى