الأعمدة

لدغ السودان من جحرها مرتين الإيغاد بين مد النجاح وجزر التفشيل

في فاتحة هذه القراءة نأمل أن لا تبسط وتفهم مقدمتها ببساطة بأنها كلاما إنصرافيا يحول دون الموضوع وإنما هي بنظرنا تصريف فكري معمق مهم يندرج في سياق معطيات التجربة البشرية والكونية ومساق علم السياسة المتقدمة وكذلك إحداثيات العملية السياسية المهجنة وحربها الشوم التي ضربت البلاد والعباد في مقتل .
حيث تشير المقدمة بأنه بمثلما تنقص الأرض من أطرافها والناس من أظافرها تنقص القيادة والزعامة من بصائرها وضمائرها ، فأفريقيا بغياب الكبير وقعت في بئر وبغياب الأب دخلت في جحر ضب ( مفوضية الإتحاد الأفريقي ومنظماته الفرعية الإيغاد شرقا والإيكواس غربا أبلغ دليل . فإذا أخذنا تجربة الإيغاد على وجه الخصوص ، فكيف بربك منظمة حكومة نشأت من أجل مكافحة الجفاف والتصحر والآفات بغرض ترقية البيئة والمناخات من أجل حياة أفضل للأقليم والقارة والإنسانية ، تفشل في تأكيد وتعزيز أهم أساسيات نجاح مهام ورسالة المنظومة ممثلة في وضوح ونضوج ماهي الفكرة والرؤيا وحدة الهدف حضور الأرادة ، نفاذ البصيرة الفردية والجمعية وغيرها .
إن مسألة غياب أو تغييب مثل هكذا أساسيات ومقومات للأسف الشديد تراجع بإداء الإيقاد لدرجة تثير الحزن والشفقة أمام مهامها المنصوص عليها في نظامها الأساسي ، على رأسها بلا أدنى شك تهيئة البيئات الداخلية الرسمية والشعبية الوقائية والإنتاجية لدول المنظومة ، بما يفضي إلى خلق أجواء مثالية لخدمة الإستقرار السياسي والإجتماعي والأمني أساس داعم لماهي مهام وفرضية قيام المنظمة . وللأسف الشديد أن ما ذكر هي بالضبط الحلقة المفقودة في البنية الهيكلية السياسية والتنظيمية والمفاهيمية لهذه المنظمة المهمة . وهي برأينا مسائل لايمكن إستعادتها وتأكيدها إلا بإستشعار مبدأ المسئولية التاريخية الملقاة على عاتق الجميع و بإستدعاء حكمة وحصافة كبار القارة والإقليم الذين أداروا مقاليد أمورها في حقبة الوحدة الأفريقية حتى بلوغ مرحلة الإتحاد الأفريقي والتشكيلات الفرعية المكملة ، فضلا عن ضرورة وضع حدا للتدخل والتداخل الأجنبي البغيض في شئون القارة والإقليم تدخلا بالأصالة والوكالة وبالإستضعاف الهيكلي والمهيكل بفعل فاعل تقديره السياسي هو وهي وهم .
وحتى لا يطلق الحديث على عواهنه فإن المتتبع لتجربة أداء منظمة الإيقاد تجاه الأزمة السودانية والسودان من المؤسسين يلحظ وبوضوح تام حالة الغموض في لعب الأدوار والمهام والمواقف هذا الخلل السياسي والتنظيمي والأدائي ليس المتضررين منه السودان وشعبه فحسب إنما أخلاقيات رسالة ومهام الإيغاد أمام التحديات والمهددات التي واكبت نشأتها حتى اللحظة . فالمسئولية في المنظمة من منطلق هذا الواقع المرصود باتت أقرب إلى التشريف السياسي منه إلى التكليف خاصة فيما يتعلق بالأزمة السودانية . فإذا لم يتم تدارك الأمور من قبل الإيغاد عند هذا الطور . ستتحول المهام والمسئولية داخل المنظومة تتحول بالمفهوم الشعبي السوداني من وضعية التشريف إلى إداة ( للشفشفة السياسية ) بحق دول المنظومة وشعوبها الصابرة الحرة الأبية .
التجربة الثانية عقدت الإيقاد قمة بجيبوتي قبل ثلاث أشهر تقريبا حول الأزمة السودانية برئاسة الرئيس الدوري رئيس جيبوتي السيد إسماعيل عمر قيلي خرجت القمة بمخرجات مثيرة للجدل لا تتناسب على الإطلاق والمأساة التي يعيشها الشعب السوداني . تحفظت عليها في حينها قبل أن ترفضها الحكومة السودانية جملة وبموجب حيثيات موضوعية معلومة قد أشرنا إليها في قراءات سابقة تزامنت مع المناسبة لاداعي لتكرارها .
التجربة الثالثة:- جاءت في أعقاب الأجواء التصالحية الأفريقية الأفريقية التي خلقتها القمة السعودية الأفريقية مؤخرا والتي إتبعت بجهود تصالحية رائعة ترجمتها زيارات رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن البرهان بدعوة لعدد من دول المنظومة مثال كينيا أثيوبيا والتي أسفرت عن مقترح عقد قمة طارئة للإيقاد حول الأزمة السودانية في النصف الأول من ديسمبر ٢٠٢٣ إلا أنه وللأسف الشديد جاءت القمة مصحوبة بترتيبات قاصرة متعجلة قادت إلى إنتهاء أثر القمة بالنسبة للشعب السوداني بإنفضاض سامرها .
من أوجه القصور الرؤى التحضيرية وسوء التحضير الذي شمل التوقيت وضيق الوقت الذي قاد إلى جملة من العيوب وعناصر الفشل السياسي والمهني والأداري والفني والتنظيمي والأخلاقي الذي مرمطه ومرمغ مسودة البيان الختامي والبيان نفسه بكيل رماد الفشل بشهادة الوثيقة التفنيدية التي دفع بها حينها الوفد السوداني المشارك ولم يصدر بشأنها أي تعليق أو إفادة من قبل سكرتارية الإيغاد . فسار الجمل بما حمل وكأن شئ لم يحدث ، فليس هكذا تدار وتساس أمور الشعوب الواعية والواعدة ..
التجربة الرابعة :- كيف تدعو سكرتارية الإيقاد عن رغبة وإرادة كاملة للقاء بتلك الأهمية وتؤكد فيه بأنها قد حصلت على كافة ضمانات نجاحه من كل النواحي ، قبل أن تعود وفي ظرف سويعات ضيق لترسل إعتذارات على خلفية أن أحد طرفي اللقاء لم يتمكن من الحضور في الزمان والمكان المحددين لأسباب فنية وعبر مذكرة صادرة من وزارة خارجية دولة جيبوتي رئيسة الأيقاد . في حين لم تمض ساعات قليلة من مذكرة التأجيل حتى تناقلت الأنباء على نطاق واسع بأن قائد التمرد وهو الطرف الذي تغيب لأسباب فنية أو كما قال وقالوا ، قد قام بزيارات معلنة لأوغندا مودعا أمام الإدارة الأوغندية تصوره عن كيفية وقف الحرب وبناء الدولة السودانية ثم واصل جولاته حسب وكالات الإعلام إلى دولة إثيوبيا . فإذا صحت تلك الأنباء فأن سبب التأجيل الوارد في مذكرة الخارجية الجيبوتية غير صحيح بالمرة وبالسوداني ( طلع ماسورة ساي ) وبتالي في هذه الحالة لن يخرج التأجيل من ثلاث أسباب الأول تأجيل سياسي تكتيكي ، الثاني سياسي إستراتيجي ، الثالث بسبب تدخل طرف ثالث نافذ (والمكضب كلامي ) عليه برأي المثل الشعبي عن فطرية الذكاء الرعوي ( البحاوت الجافلات بلقى الجفلن ) .
لذلك قلنا مرارا وتكرار أن الأزمة السودانية وحربها اللعين إذا لم يتم تحريرها هي أولا من قبضة الأجندة الداخلية المتطرفة والخارجية المتصرفة بخبث شديد سلما وحربا صعب الوصول لخيارات حلول مرضية منصفة خاصة في ظل وجود طرف ثالث أجندته لا تتحقق برأيه إلا برهن الوطن ومقدراتها والمواطن وإرادته والدولة هيبتها وكرامتها جملة واحدة . خلاصة القول أن موقف الدولة تجاه صيغ المعاملة والممارسات التي ظلت تتلقاها بصورة أشبه بالممنهجة من قبل سلطة وسكرتارية الأيقاد بما في ذلك موقفها وتصرفها الأخير بخصوص الدعوة المعلنة الخميس ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٣ والمؤجلة يعتبر موقفا صحيحا وتصرف حضاري مئة بالمئة ، إنطلاقا من نقطة الإستعداد التام للقائد العام رئيس المجلس السيادة لحضور اللقاء .
من منطلق ثلاث مبررات ، فإذا دعاك فإجبه ومنطلق الإستيفاء بإستحقاقات المسئولية الأخلاقية والوطنية والتاريخية تجاه الوطن والمواطن ورفع معاناة الحرب اللعينة عن كاهله والتي تبث بما لا يدع مجالا للشك بأنه هو المستهدف الأول ومنطلق تكذيب أولئك الذين ظلوا يرددون وبأستمرار بأن الدولة والجيش وآخرين من دونهم هم من ظلوا يقفون من وراء أستمرار الحرب وتأجيجها والإتجار فيها وتكريس سادية المعاناة بلا رحمة بحق المواطنين . مع التأكيد التام بالتجارب والمقارنات والمقاربة بأن أي معركة حربية طال زمنها أم قصر يتوقع حسمها عن طريقين الحزم والحسم العسكري ، وطريق الجنح للسلم والتفاوض وعقلنة الحلول ، وفيما يلي بيان وزارة الخارجية حول موضوع التأجيل فهو بلا شك بيانا موفقا من حيث التوقيت والتفنيد وإحاطة الرأي العام بالحقائق كاملة جاعلا الدولة ومؤسساتها تتقدم بقاط سياسية دبلوماسية مريحة في روليت مساعي الحلول السلمية والديمقراطية والمدنية للحرب والأزمة في إنتظار الجولة الثانية من دوري الإيقاد بإمتياز وسيوبر جدة المؤجل مابعد أعياد رأس السنة وكل عام وأنتم بخير .
نصيحة غالية للشعب السوداني ولقيادة الدولة ومؤسساتها في مثل هذه الظروف الحرجة والحساسة عليكم بوحدة الصف والكلمة وتماسك عناصر الجبهة الداخلية والإبتعاد الكامل عن مهددات تماسكها وقود الحرب المشتعلة وهي للأسف الشديد نقاط ضعفنا التاريخية والمرحلية والظرفية ممثلة في الأجندة السياسية والحزبية والتصنيفات الإستهدافية المغرضة والتدخلات الأجنبية الإستعمارية الإرتزاقية والعصبيات الإجتماعية الجوفاء كالجهوية والعرقية والقبلية والعنصرية وخطاب الكراهية . وهنا نشيد بالدور المهم الذي تفضل به أهلنا في ولاية نهر النيل محلية أبي حمد بالرد الميداني عبر شاشة الفضائية السودانية ومن شهود عيان وبإلسنتهم وتجاربهم رد عملى على دعاة إثارة النعرات العنصرية والجهوية ضد الولاية وأهلها على فضائيات ووسائل تواصل الفتنة . ثم حذاري وحذاري من الوقوع في فخ التشكيك في القيادة وطعنها من الخلف عن طريق بلع طعم الدعاية السياسية السالبة وطعم ( اللهم أشغل أعدائى بأنفسهم ) .
نصيحة أخيرة للرئيس الجيبوتي الرئيس الدوري للإيقاد إسماعيل عمر قيلي . بصراحة شديدة أنت اليوم تمثل عميد أسرة منظومة دول الإيغاد إذا لم يكن إسرة الأفريقية بإسرها لا يماثلك في هذا الشرف العظيم بوصفكم من قناديل عطاء الجيل الرئاسي القديم المؤسس سوي رؤساء الكنغو برازفيل عمنا دينيس سيسو نيجوسو ، والعم يوري موسفيني الرئيس اليوغندي وبعامل السن والعمر المديد ماشاء الله والمواكبة التاريخية النضالية العم عبد المجيد تبون الرئيس الجزائري . فالكبير كبير ف ماما أفريكا وجامعة الدول العربية سعادة الرئيس عمر قيلي لن تنال كرامتها وعزتها وإستقلالها المجيد وشرفها الباذخ إلا حينما عقدت العزم وإمتلكت عزتها وكرامتها وقدمت اغلى ما عندها من تضحيات جسام . فالشعب السوداني من منطلق مواقفه الثابتة تجاه حرية وإستدامة استقلال وكرامة الشعوب الأفريقية يضع ويجدد ثقته بكم وانتم تتولون أخطر ملفاته ملف وقف الحرب وبناء السلام والإستقرار ، وهذا لن يتأتى برأينا في ظل تعقيدات الأزمة السودانية وحربها الخبيثة إلا بإحاطتكم التامة بالإبعاد الحقيقية التي تقف من وراء حالة اللاحرب واللا سلم بجانب إعمال مبدأ الحزم والحسم التام لكافة المحاولات المستمرة من قبل الأجندة الخارجية اللاعبة على كرت وكرات تمييع وإستطالة أمد الحرب وحلول الأزمة الأمر الذي لم يدفع ثمنه الباهظ السودان والشعب السوداني فحسب وإنما منظومة الإيقاد ودولة الرئاسة والإستضافة الشقيقة جيبوتي …
كاتب مستشار / أبشر محمد حسن رفاي علوي.. رئيس المجموعة الأفريقية التمهيدية المدنية والاهلبة للشراكة من أجل التنمية المستدامة بعموم أفريقيا ( السودان ) ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى