الأعمدة

الذكرى ال 68 لاستقلال السودان الازرقيون يقولون: لقد قلناها أكثر من مرة الاستقلال كان كارثة على البلاد!! (الحلقة الثانية)

” أن معظم السودانيين يقدسون حريتهم ولا يحبون أن يكونوا تحت سيطرة بريطانيا (أو غيرها)، بيد أنهم في ذات الوقت يحبون البريطانيين جدا، ويتطلعون كأفراد ومسئولين إلي إقامة أقوى جسور الصداقة والتعاون معهم،
الدكتور يوسف فضل
واللافت للنظر بان العم الازرق لم يكن لوحده في ذلك الزمن الذي يكن مشاعر الود والحب للإنجليز فهنالك الكثير من الشخصيات العامة ورموز وقادة المجتمع، الا ان العم ازرق قد تفوق عليهم بانه اتخذ خطوات عملية للتعبير عن هذا الود وهو تأسيسه لحزب سياسي والمجاهرة بأفكاره التي كما قلنا كانت وقتها مرفوضة جملا وتفصيلا، فمثلا! الناظر الحكيم بابو نمر الذى كان مشهورا بالسخرية و سرعة البديهة كان من المعجبين ايضا بالإنجليز ويحكى عنه انه كان في زيارة الى بريطانيا حيث انبهر هنالك كما قال برقى و تقدم الانجليز وعند عودته من زيارة للندن قال في مدحهم إن الواحد من هؤلاء الناس “إن عفصك يقول لك سوري، وإن عفصتو برضو يقول لك سوري”.
وهنالك مقال مشهور للدكتور يوسف فضل باللغة الانجليزية بعنوان “المملكة المتحدة والسودان: خير الأعداء” ذكر فيه كيف أن معظم السودانيين يقدسون حريتهم ولا يحبون أن يكونوا تحت سيطرة بريطانيا (أو غيرها)، بيد أنهم في ذات الوقت يحبون البريطانيين جدا، ويتطلعون كأفراد ومسئولين إلي إقامة أقوى جسور الصداقة والتعاون معهم، وكثير منهم ينظرون بعين الاحترام إلى سلوك البريطانيين الشخصي والعام باعتباره سلوكا مثاليا يصعب (إن لم يستحيل) التشبه به. فسلوكيات معتادة مثل الحفاظ على المواعيد، وعدم الكذب، وأداء الواجب، لا تذكر إلا وتأتي معها الصورة النمطية لـ “الخواجة” (البريطاني عادة) الجنتلمان المنضبط، صادق الوعد (ومن هنا جاء تعبير “مواعيد خواجات”)!
وبالعودة مرة اخرى الى العم ازرق والذي لم تفلح كل محاولاته فى الابقاء على الانجليز لمدة 20 عاما اخرى، فقال بعد خروج الانجليز واستلام السودانيون الحكم” عليه العوض ومنه العوض بلد وخربت !!” ولكن هل كان العم ازرق يرى ما لم يراه الاخرون؟ فبعد اقل من سنتين من قيام اول حكومة مدنية وطنية , قام الفريق ابراهيم عبود باول انقلاب عسكري مدشنا بذلك عالم الانقلابات و ممهدا الطريق للسير في هذا الاتجاه ولكى لا نرمى بكل اللوم عليه فانه من المعروف بان رئيس وزراء الحكومة المدنية آنذاك عبدالله الخليل هو من طلب من الجيش استلام السلطة نتيجة للتشاكس و الاحتقان الحاد داخل الحكم المدني الأول , وبعدها كما يقول المصريين ” عينك ما تشوف الا النور ” دخل السودان في دائرة حكم مدنى لا يستمر كثيرا بسبب الانقلابات العسكرية والتي تكون في الغالب مدعومة من احد الاحزاب السياسية !! وهكذا تدور ساقية الحياة السياسية في السودان (حكم مدني. حكم عسكري) الى يومنا هذا، ومنذ الاستقلال وحتى الان فان الحصيلة كانت كالاتي:
• 1956: استقلال السودان وبداية الحكم الوطني.
• 1958: الجنرال إبراهيم عبود يقود انقلابا عسكريا ضد الحكومة المدنية المنتخبة حديثا في بداية العام.
• 1962: اندلاع الحرب الأهلية في الجنوب بقيادة حركة التمرد “أنيانيا”.
• 1964: ثورة أكتوبر التي أطاحت بعبود وقيام حكومة وطنية برئاسة الصادق المهدي.
• 1969: الرائد جعفر محمد النميري يتزعم الانقلاب العسكري المعروف باسم “ثورة مايو”. بدعم الشيوعيين
• 1971: إعدام قادة الحزب الشيوعي السوداني بعد فشل انقلاب هاشم العطا الشيوعي
• 1972: أصبح الجنوب منطقة حكم ذاتي، بموجب اتفاق أديس أبابا للسلام بين الحكومة وحركة “أنيانيا”.
• 1985: اندلاع ثورة شعبية ضد حكم النميري عرفت بانتفاضة أبريل وانحاز فيها الجيش إلى جانب الشعب وتأسس مجلس عسكري مؤقت لحكم البلاد برئاسة الفريق عبد الرحمن سوار الذهب.
• 1986: فوز حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي في انتخابات ديمقراطية وتشكيل حكومة ائتلاف برئاسته.
• 1989: العميد عمر حسن البشير يقود انقلابا عسكريا من تدبير الجبهة الاسلامية القومية التى كانت مشتركة فى الحكومة الديمقراطية برئاسة الترابي ويستولى على الحكم،
2011: انفصال جنوب السودان و تأسيس دولة جنوب السودان
• 11ابريل: نجاح الثورة التي اطاحت بحكم البشير وكانت شرارتها قد انطلقت في ديسمبر 2018,
• وفى 5 سبتمبر 2019 تم تكوين الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور حمدوك
• وفى25 اكتوبر2021 قام البرهان بانقلاب واعتقال حمدوك رئيس وزراء الحكومة الانتقالية
وفى 25 ابريل 2023 اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ولا تزال الحرب مشتعلة حتى اللحظة!! ولا مؤشرات على توقفها قريبا
الازرقيون يؤكدون بان فترة حكم الانجليز للسودان 1899-1956م كانت بكل المقاييس هي الأفضل للشعب السودانى من جميع النواحي فهم ببساطة يقولون ان الانجليز وجدوا السودان في أسوأ حالة ولم تكن هنالك دولة وعندما غادروه كان السودان يوصف بانه الأفضل في افريقيا , ومن ما يدعم هذا الراي ذلك الاستطلاع الإلكتروني الذى قام به موقع سودانيزاونلاين في العام 2011م وكان عنوانه ” من هو افضل حاكم اجنبي او وطني في السودان ؟ ” فكانت النتيجة هى ان الاغلبية الساحقة من المصوتين قد صوتوا الى ان الحاكم الإنجليزي كان هو الافضل للسودان بكل المقاييس وقد جاء ما يلى عند اعلان نتيجة التصويت ذكر الاتي:
ا” من الملاحظ أن نتيجة هذا الاستطلاع ، والتي نأمل أن تتغير لصالح الحكومات الوطنية، قد جاءت مخيبة للآمال الوطنية لأن رأي الأغلبية الساحقة من المصوتين السودانيين ، حتى الآن ، هو تفضيل حكومة الاستعمار الانجليزي على كافة الحكومات الوطنية السودانية ومن المؤكد أن هكذا تصويت يثبت ما يلي:
أولاً: الاعجاب القديم الجديد بحكم الانجليز الذين استعمروا السودان منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى النصف الثاني من القرن العشرين ، ففي أثناء حكم عبود وحكم نميري كان عدد معتبر من شيوخ السودان يقولون بلا حرج: “رحم الله الانجليز فقد كانوا يوفرون لنا الجاز والسكر حتى في زمن الحرب” ، فبالنسبة للأجيال التي عاصرت الاستعمار الانجليزي كان حكم الانجليز يعني لهم دقة وانضباط سكك حديد السودان ونجاح مشروع الجزيرة وتفوق جامعة الخرطوم وتوفر خدمات الماء والكهرباء والصحة وازدهار الأندية الرياضية والاجتماعية والثقافية… الخ ، ولعل جميع السودانيين قد سمعوا من كبارهم تلك المقولة التي مفادها أن الجنيه السوداني الواحد كان يساوى عدة دولارات أمريكية في زمن الانجليز لكن الدولار الأمريكي الواحد أصبح يساوى آلاف الجنيهات السودانية في زمن الحكومات الوطنية فلا حول ولا قوة إلا بالله! ” انتهى التقرير الذي نشر في سودانيزاونلاين
ونواصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى