الأعمدة

ضرا الأحباب ..عادة سودانية مستمرة رغم الظروف…

إقترب موعد الإفطار في اول ايام الشهر الفضيل من بعد نهار قائظ غابت عنه الكهرباء وتمنعت فيه الماء في قريتي الشقالوة ساردية إحدى قري شندى الراقدة غير بعيد عن النيل والنابضة بطيبة أهلها وسماحة أرضها زروعا ونخيل ..أخرج من الباب اعاين الطريق فقد سمعت أمس انه الي الشرق من دارنا يجتمع الناس علي مائدة الإفطار وكذلك الي ناحية الغرب . عادة (الضرا) حيث يحمل كل رب أسره مائدته ليفترشها علي الطريق ويشاركها جيرانه وعابري الطريق لا تزال محتفظه بنفس البريق رغم تقلبات الزمان كما هى عادات اخرى في تحضير الآبرى وأساسيات الأطعمة والمشروبات البلدية الجميلة.. المح جارى يحمل طعامه ويتجه غربا حيث تم مد المفارش وبدأ آخرون في التوافد..حسمت أمرى سأتجه كذلك غربا فالإتجاه الي الشرق يبدو أنه لا يحظى بإقبال كبير .. أصل الي أولئك ووالدى من خلفي يتوكأ علي عصاه ..ألقيت التحية مع جملة (رمضان كريم) وأتخذت موقعي بينهم أتأملهم بينما بدأت أطراف الحديث تتشابك..أعرف بعضهم ..مقيمين ووافدين جمعهم الإسلام والصيام وهم الآن يتحلقون حول الطعام ..غير بعيد من موقعنا المح تجمعا آخر بذات الترتيب .. قطع حديثنا وتأملاتي صوت الآذان وإنطلقت ايادينا وأفواهنا تتحلل من إمساكهما من بعد البسملة والدعاء بأن لك يا الله صمنا وعلي رزقك أفطرنا ثم اصطففنا للصلاة ووالدى يتقدمنا بتكبيرة الأحرام وشئ من القرآن والسلام ومن ثم عاد البعض الي الأكل وتواصلت الاحاديث التي لا تخلو من إسقاطات الواقع ثم بدأوا يتفرقون عائدون الي منازلهم قبل أن يتوجهوا الي حيث صلاة العشاء والتراويح.. رمضان هنا يتفق تماما مع جميع أصقاع ومدن السودان إشتغالا وإفطارا برغم انه يجئ وسط كم من الأحزان وعدم الأمان وانهيار في الأوضاع وتشتتا فاق الأسماع لكنه يبقي شهرا للصبر والدعاء والمواساة والاجتماع.. الجميع بذات المشاعر قلوبهم ثكلي وعقولهم منشغلة فقدا ونزوحا في انفسهم أو أقاربهم ولكنهم صمودا يأملون فيما عند ربهم وما عند ربهم خير وأبقي ..صبرا وصلابة تحسهما في احاديثهم وتندراتهم وضياء وجوههم فلا أحد يشكو قلة الحيلة ولا صعوبة الحياة .. رمضان في منطقتي ترتفع فيه درجات الحرارة وتنقطع عن المنازل الماء والكهرباء ولم ينقطع الناس عن (الضرا) و الصلاة ولم يسأموا من القنوت والدعاء ولا تزال صدى ضحكاتهم ترن في موقع الإفطار بإنتظار يوم جديد واجتماع جديد …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى