الأعمدة

· حلويات سعد وينو بديلها وينو؟؟ : بقلم: أمير شاهين

يمكن القول بان السودان هو بلد الماضي الزاهر والحاضر البائس، او البدايات الواعدة والنهايات القاتمة! ويمكن ملاحظة هذا الامر فى كثير من مناحي حياتنا. ففي منشور سابق تحدثنا فيه عن ازدهار الصناعات الخفيفة فى السودان فى فترة السبعينات حيث اخذنا المنطقة الصناعية فى الخرطوم بحري كمثال واضح لما كان عليه الحال وما أصبح الان حيث جاءت الحرب اللعينة وتمت الناقصة او زادت الطين بلة كما نقول فى السودان!! كمثال لجودة و تفوق الصناعات السودانية فى تلك الفترة وخصوصا صناعات النسيج و الزيوت و الصابون والمواد الغذائية , وعند ذكر المواد الغذائية والحلويات فلابد من ذكر مصنع حلويات سعد عملاق صناعة الحلويات و الاسم الشهير في هذا المجال , واذكر عند طفولتي كيف كانت حلويات سعد تملا ارفف البقالات بمجموعة متنوعة من الحلويات التي كنا نتسابق فى شرائها مثل حلوى الدروبس او الكرملة ( بفتح الكاف والراء و كسر الميم و تشديد اللام) وحلوى اللكوم ( الملبن) و النعناع والطحنية حيث كانت طحنيه سعد من اجود الانواع ولامنافس لها داخليا او خارجيا ! ولكن ومن وجهة نظرنا كأطفال يحبون الحلوى و المذاق المتميز فقد كان بسكويت كوكو هو قمة المتعة لدينا حيث كان مصنع سعد ينتج نوعين منه الاول ابيض اللون و بغلاف ازرق بنكهة الفانيليا و الاخر بنى اللون و بغلاف احمر بنكهة الشكولاتة وكان هذا البسكويت مصنوع من الويفر والذى كان فى جديد فى عالم الحلويات و اصبح اليوم متداول و شائع الاستخدام , ودلالة على مواكبة حلويات سعد لكل جديد في العالم فقد قامت بتصنيع و انتاج حلوى لولى بوبا وبنكهات متعددة وهى حلوى مصاصة شكلها مميز اذ ان الحلوى تركب على عود خشبي ابيض اللون صغير و قصير في الطول قد انتشرت بصورة كبيرة كموضة عالمية في السبعينات بسبب استخدامها من قبل المحقق و مفتش الشرطة ” كوجاك” بطل المسلسل التلفزيوني البوليسي المشهور في السبعينات وكوجاك كان مشهور بصلعته اللامعة و اكله للمصاصة لولى بوب ، حيث كانت لا تفارق فمه وكان يهدف منذ لك التخلص من التدخين , ويذكر انه بجانب حلويات سعد التى كان مصنعها فى الخرطوم كانت هنالك حلويات كريكاب في بحرى والتي كان لها ايضا نصيب لابأس به في سوق الحلويات و كذلك حلويات ريا والتي كانت مشهورة بشعارها المميز المرأة السودانية الشابة ذات الشلوخ , والتي كانت بالإضافة لتحديدها لهوية صاحبتها كانت سمة جمالية تميز المرأة السودانية في الماضي .
يقول التاريخ بان شركة حلويات سعد قد تم تأسيسها رسميا في العام 1950 بواسطة المرحوم السيد محمد إبراهيم سعد وأولاده يوسف وصلاح والمرحوم محمد إبراهيم سعد سوداني من أصول مصرية وقد بدأ مشوار النجاح في أواخر الاربعينات من القرن الماضي عندما قام بإنشاء مصنع صغير في شارع الخور في المنطقة الصناعية الخرطوم وبدأ بصناعة الطحينة ثم اضيفت لها اصناف اخري من الحلويات الشعبية اهمها حلاوة الدربس (الكرملة) وحلاوة اللبان وحلاوة البلح بالإضافة الي حلاوة اللكوم وجوز الهند.. وتواصل التطوير وادخال الجديد من مختلف انواع الحلويات مثل حلاوة التوفي معبئة في اكياس وعلب ورقية ومعدنية بمختلف الاشكال والاحجام والتصميمات وفى منصف السبعينات كان المصنع يعتبر واحدا من مفاخر الصناعة السودانية. وعرفت أيضا مؤسسة حلويات سعد بمساهمتها في تنمية وتطوير المجتمع او ما يعرف بالمسؤولية المجتمعية من من خلال انشاء مدرستين بمنطقة الصحافة بالخرطوم خلال فترة السبعينات من القرن الماضي وتم الحاقهما فيما بعد لوزارة التربية والتعليم.
لا شك في ان تجربة حلويات سعد جديرة بالاحتفاء والدراسة والتقدير، فقبل أسبوع قال لي أحد الأصدقاء من الجنسية المغاربية بان ابنته الصغيرة لديها هوس ببسكويت الويفر فهي لا تأكل سواه وقال لي والله هذا زمن غير زمننا حيث لم نكن نعرف الويفر هذا! فابتسمت وانا أتذكر بسكويت كوكو وقلت له هل تصدق باننا كنا نأكل بسكويت الويفر والذي كانت تصنعه حلويات سعد في الخرطوم منذ أكثر من 50 عاما؟؟!! وفى تلك اللحظة عادت بي الذاكرة لذلك الإعلان التلفزيوني الذي كان مشهورا وقتها والذي فيه يقول المغنى ” حلويات سعد .. حلويات سعد وينو بديلها وينو؟) وقد صدق في هذا فلم تكن لحلويات سعد بديل.
والى اللقاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى