ياسر العطا حديث الهزيمة والجهل وتسويق الاحلام : *✍🏼د مرتضى الغالي
تسمع لقادة الانقلابيين فتأخذك الدهشة من هذا التيه والضلال الذي يعمهون فيه..! وهكذا فعل ياسر العطا فذهب إلى الجهة العكسية من البحر التي ذهب منها موسى وهارون..! .
شخص واحد يقرر إلغاء”الوثيقة الدستورية“ التي مهرتها الثورة .. ثم يقرر استبدالها بدستور جديد مكتمل الأركان لا يدري أحد متى تم إعداده .. وربما كتبه هو والبرهان حتى يستطيعا تشكيل مجلس (سيادة) جديد وإعلان حكومة (تكنوقراط) جديدة لإدارة الفترة الانتقالية التأسيسية..!
هذا هو ”قائد منطقة أم درمان العسكرية“ التي يتحدث عن انتصاراته وانجازاته وقرب إعلان النصر في تحرير كافة مناطق السودان .. وأم درمان لا تزال تسقط فيها الدانات والمتفجرات وتقتل الناس في أحياء الجرافة وبانت وحارات الثورة .. وهو يعلن بعضمة لسانه إن مليشيات الدعم السريع استولت على جنوب وشرق وغرب دارفور وموجودة في شمال دارفور وكردفان وولاية الجزيرة والخرطوم والخرطوم بحري وشرق النيل وبابنوسة والجنينة وسنار والنيل الأبيض..! .
كل هذا (مجرد تقصير) يقول انه يعتذر عنه للشعب السوداني..!..فقدان كل هذه المناطق من الوطن وتركها للموت الأحمر وتشريد السودانيين في جهات العالم الأربع وتدمير جميع المرافق وإعادة السودان للعصور الوسطى مجرد تقصير يعتذر عنه ياسر العطا وينتظر السماح..!
ثم يقول إنهم تخلّوا عن حماية المواطنين في كل هذه المناطق بسبب مسؤوليتهم تجاه حماية الحدود..!! .
انسحبوا من نيالا لنقص الذخيرة..! ومن مدني وولاية الجزيرة انتظاراً لتقرير لجنة التحقيق .. وليس لأن قائد المنطقة رفض تسليم القيادة لكتيبة البراء وأعلن ابتعاده عن القيادة مرغماً..ثم عندما جاءت مليشيا الدعم السريع هرب البراؤون وتركوا المواطنين تحت سنابك الموت..! .
شهود العيان قالوا إن القوات الأوكرانية عندما أرادت الانسحاب من إحدى القطاعات التي تقدمت فيها القوات الروسية نقلت المدنيين أولاً إلى مناطق آمنة داخل البلاد ثم انسحبت .. لأن هذا واجب حماية المدنيين في أوقات الحرب..!
يواصل العطا ترديد اتهامات الفلول الكاذبة للقوى المدنية التي تقف ضد الحرب بأنها تناصر الدعم السريع..! ثم يعلن بعضمة لسانه انه لا يرفض التفاوض بل (يريد من الدعم السريع تنفيذ اتفاق جدة للانتقال إلى المراحل الأخرى)..! إذن الرجل يقبل التفاوض مع الغزاة كما يسميهم..! .
رأيه الشخصي : لا مشكلة في منح روسيا قاعدة في أراضي السودان المطلة على البحر الأحمر وان يعطي أمريكا أيضاً قاعدة مجاورة وكذلك مصر والسعودية والكويت إن أرادت .. لأن المكان واسع..! ويقول ما الغرابة في ذلك..! .
يقول العطا إن حال عساكر الجيش بائس ولكنهم يفضلون ألا يستخدموا الخوذات وأحذية الميدان اقتداء بتاريخ الجندية السودانية .. وهم يرفضون استخدام السواتر في الحرب من باب الإيمان..! ولكنه لم يقل أين ذهبت الـ 80% من ميزانية الدولة المخصّصة للقوات النظامية..! .
وعن حكاية كتائب الفلول يقول إنهم لا يريدون أي مقابل سياسي .. وانه اجتمع بسبعة من قادتهم وقالوا له إنهم (مهنيون مغتربون) حضروا استجابة للاستنفار ولا يريدون أي موقع في السلطة (وسيكتفون بالأجر)..! .
ورد في مقدمة كتاب (تاريخ الكذب) للفيلسوف الفرنسي “جاك دريدا” أن الكذب مرتبط بالتنكر للعهود والإخلال بالوعود والحنث بالقسم..! ولا يوجد كذب بغير قصد وإرادة ورغبة واضحة للخداع..! فالكاذب يتنصل بالكذب عن وعوده للآخرين بقصد إلهائهم عن كذبه بكذبات أخرى لخداعهم وتوجيه سلوكهم .. وهو لا يكذب على نفسه … ولكنه يمارس التدليس والتلاعب بالأحداث والمواقف والآراء ولا يعي بالعواقب الوخيمة المترتبة على ذلك..! ومن الكذابين من يهبط بالكذب إلى الحضيض .. حيث أن الكذب يحتاج إلى درجة من الإتقان والحس الفني..! هل يملك العطا هذا الحس الفني..؟! .
خلاصة خطاب ياسر العطا انه وجنرالاته ضد الثورة وليس ضد الدعم السريع .. حبيبهم الذي انقلب عليهم..!
هذا الرجل يريد إيهامنا بأنه هو وإخوانه جنرالات الانقلاب يتحكمون في الاخونجية وكتائبهم .. في حين إن العكس هو الصحيح .. وإنهم ليسوا أكثر من بيادق وقطع شطرنج بين أيدي الكيزان..! .
العطا يحاول أن يسوّق للشعب هزائمه في صورة انتصارات..! ولا بد أن نضع عقولنا في الرف .. حتى نفهم كلامه ووعوده … وكما تساءل محمود درويش : هل على المواطن أن يُصاب بالسل حتى لا ينسى أن له رئه..! الله لا كسّبكم ..! .