الأعمدة

هيه فوضى.. واللي مش عاجبة !!

 

قد تكون مصر الدولة الوحيدة التي تنفرد بمعاقبة المسروق و”تفليت” السارق ، على طريقة “دعه يفسد ..دعه يمر” رغم أنف قضائها ومحاكمها!.
تتجلى تلك الحقيقة في الملف المؤلم المسمى بـ” أماكن انتظار السيارات” والذي يزيد مشقة الحياة ،مشقة واثنين وثلاثة ، في كافة أنحاء البلاد .
قانون الإدارة المحلية الذي سنته الحكومة بيدها ، ألزم كل من يريد إنشاء بناية سكنية أو إدارية إقامة “جراج” لإيواء السيارات لاعتبارات كثيرة، لن أقول لإراحة سكان وقاطني المنشأة من عذاب التقاط مكان لانتظار سيارتهم ، إنما ـ على الأقل ـ لإفساح المجال لسيولة الحركة المرورية في الشوارع الرئيسية والميادين المحورية والشوارع الجانبية ، لكن المجالس المحلية تغاضت عن شرط الجراج ، وتغاضت (بالرشى والنفوذ)عن تحويلها إلى غير الغرض المخصص لها ، وبدلا من “جراج خاص” أسفل كل بناية ، اصبحنا أمام مقهى ومطعم وبوتيك وسوبر ماركت أسفل كل عمارة ومنشأة في البلاد.
نتج عن ذلك لجوء السكان والمواطنين إلى الشارع والرصيف كأماكن بديلة لانتظار سيارتهم ، لكن “المحليات عادت مرة أخرى (بالرشى والنفوذ) وتغاضت عن تصرفات أصحاب المحلات والبوتيكات وورش إصلاح السيارات وغيرها ، في وضع عوائق حجرية وحديدية ، لإفساح أماكن لانتظار زبائنها ، ليقضى المواطن المصري رحلة عذاب يومية للتفتيش عن “خرم إبرة” يُمَكِنه من مبيت سيارته بالقرب من منزله، واضطر كثيرون إلى وضع سيارتهم “صف ثاني” بجوار الرصيف بعد انعدام اماكن انتظار . فضلا عن وقوف سيارات المواطنين صف ثان وثالث في الشوارع لقضاء حوائجهم من المحلات والورش والبوتيكات التي حلت محل الجراجات.
الحكومة بدلا من معاقبة رجال المحليات على تغاضيهم عن تحويل الجراجات إلى محلات وبوتيكات ، تعاقب المواطنين (ومنهم مرضى وكبار السن وغرباء من محافظات أخرى) إذا ما انتظرت سيارتهم صف ثان ، وتخالفهم بغرامات مالية وهى تعلم جيدا أن هؤلاء التعساء من المصريين لا مجال أماهم سوى الصف الثاني والثالث؟
بقوانين المرور، تعاقب الحكومة المصريين من مالكي السيارات بالغرامة المالية على أوضاع لا ذنب لهم فيها ، واضطروا إليها بسبب فساد المحليات وتراخيصها المشبوهة في الإنشاءات التي حرمتهم من أماكن انتظار لسيارتهم ، وبقواعد “الفساد” تتغاضى الدولة عن تصرفات أصحاب المحلات والبوتيكات والمقاهي في احتلال الأرصفة وحجزها كأنها ملكية خاصة بهم ، وبقوة “الذراع” يدفع كل من يبحث عن مكان انتظار لعربته “إتاوة” لمنادي السيارات .
المصريون يدفعون ثمن فساد الإدارة المحلية ، من مالهم وأعصابهم وكرامتهم ، ويبحثون في الوقت نفسه عن “محامي تعويضات” يعيد لهم حقوقهم المسلوبة في حياة كريمة وأموالهم المنهوبة من حكومة لئيمة ، لديها خبرة تاريخية طويلة في مد اصابعها الى جيوب المواطنين بالقانون والذراع والالتفاف.
ما يحدث في مصر الأن خيانة للقانون والنظام العام والمسئولية الاجتماعية ، من قبل “المحليات” تجاه الوطن ، وكما قال أحد الحكماء ” الاحتفاظ بشخص خائن كالاحتفاظ بجثة عفنه ان استطعت اخفاء ملامحها لن تستطيع اخفاء رائحتها”
سيبقى الحكم المحلى ، مهما تدخلت الإدارة العليا، برائحة عفنة ، لأن الرقابة على المحليات غائبة تماما ، والرقابة في حاجة إلى حضور شعبى يتابع ويحاسب ، وهو أمر لا يمكن حدوثه إلا في مناخ ديمقراطى حقيقي يعلي من قيمة الانتخابات وصوت المواطن وحقه الدستوري في المطالبة بحقوقه ومعاقبة من يفسد ( بالقانون والذراع) حياته البائسة أصلا !
سؤال أخير: هيه فوضى واللا أيه؟
إجابة أخيرة : ايوة واللي مش عاجبة يشرب من البحر.

أحمد عادل هاشم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى