الأعمدة

الخرطوم بحرى قصة مدينة عمرها الانجليز و دمرها السودانيين (5) : حديقة و ملعب البلدية بحرى بقلم : أمير شاهين

كلن من حسن حظ سكان الخرطوم بحرى ان انعم الله عليهم بوجود مفتش بريطانى نشيط مخلص فى عمله لازال سكان بحرى القدماء يذكرونه بكل الخير ! وهو المستر سيمبسون Mr. Simpson وقام السودانيين يسودنة الاسم فاطلقوا عليه المستر سمسم, فهو يعتبر لدى غالبية سكان بحرى الذين عاصروا تلك الفترة الرجل الذى ازدهرت على يديه مدينى بحرى ! وله يعود اليه الفضل فى نهضة و وتقدم الخرطوم بحرى الحديثة , فهو بصفته مفتش الخرطوم بحرى و برغم انشغاله فى الكثير من الاعمال الكبيرة مثل تخطيط توفير خدمات المياه و الكهرباء و تخطيط الاحياء الجديدة و رصف الطرق و انشاء المدارس و المؤسسا الصحية فى المدينة , الا انه كان يولى عظيم الاهتمام بالمنظر العام للمدينة و ترقية البيئة , فله يعود الفضل فى انشاء حديقة وملعب البلدية فى المكان الذى به الان فندق قصر الصداقة وكان هذا المكان فى الاصل ملكا للشيخ حمد ود ام مريوم مؤسس حلة حمد فى العام 1690م حيث كانت فيه خلوته و مزرعته ومن بعده قام احفاده بمنحها للخواجة نيكولا ليتخذها مزرعة لزراعة الخضروات و الفواكه اكراما له بعد ان تبرع بالاخشاب لبناء وتجديد مسجد الشيخ حمد ولاحقا قام المستر سمسم بشرائها منه لانشاء الحديقة و الملعب ليكون متنفسا لسكان مدينة بحرى وذلك بحكم موقعها الفريد شمال القصر الجمهورى وجزيرة توتى وخصوبة ارضها اذ ان النيل الازرق يجود عليها فى كل عام بالفيضان و الطمى , وحديقة البلدية كانت وبدون مبالغة هى الاجمل فى كل السودان فقد تم جلب الزهور والورود واشجار الزينة من جميع دول العالم وتم تعيين عمال ومشرفين من اجل الاعتناء بها و رعايتها و كانت الحديقة ، تقام عليها كل المناسبات و الأعياد ، و كان لها مسرحا مشهورا في ذلك الوقت وقد شهد هذا المسرح اول حفل غنائى فى حوالى العام 1938 قدمه الحاج محمد احمد سرور عميد فن الغناء السودانى وكان الفنانون قبل ذلك تنحصر حفلاتهم فى بيوت الاعراس فقط , كما كانت الحديقة المكان المفضل لمصطفى بطران شاعر الطبيعة وجاءت التسمية بشاعر الطبيعة بسبب تفرده من بين جميع معاصريه من الشعراء بالتغنى و الاحتفاء بجمال الطبيعة وكذلك من ضمن الالقاب التى اطلقت عليه هى ” الشاعر الوصاف” وذلك لتميزه بالوصف الدقيق وهذه التسمية اطلقها عليه الشاعر الكبير مبارك المغربى , كان مصطفى بطران يقضى كل اوقات فراغه فى حديقة البلدية القريبة من داره فى حلة حمد ففيها كان يجد الراحة والهدوء وجمال الطبيعة وفيها ومنها كتب اجمل اشعاره :
يا خفيف الروح روحي لك هدية
بينا يالله نروح حديقة البلدية
وانشد ايضا:
أطرد الأحلام يا جميل واصحى
ديك شواطئ النيل بالدرر واضحة
لابسة بدر التم والنجوم لافحة
شتلة الياسمين مايلة بي صفحة
اما ملعب بلدية بحرى فقد كان كان ملعبا في غاية الجمال و الروعة ، ذو أرضية عشبية، يانعة دائمة الخضرة بسبب خصوبة الارض التى اقيم فيها , وكانت تقام فيه مباريات دوري الخرطوم لكل الدرجات من الدرجة الأولي الي الدرجة الرابعة وكان يعتبر اول ملعب منجل فى العاصمة و الثانى فى السودان بعد ملعب عطبرة اذ ان ملعب دار الرياضة فى ام درمان كان الاقدم ولكنه لم يكن منجل وكانت ارضيته ترابية حجرية قاسية كانت كثيرا ما تسبب الاصابات للاعبين . ولكن بعد ذلك تم بيع هذه الارض التى تشمل الحديقة و الملعب للكوريين لتشييد فندق قصر الصداقة مكانهما , وبذلك تم حرمان اهل بحرى من حديقة جميلة كان من المتوقع ان تتطور لتصبح مركز جذب سياحى عالمى بحكم موقعها الفريد , اما الرياضيون فقد حرموا من ملعب كرة قدم كان الاجمل فى العاصمة و كان من الممكن ان يتحول الى ملعب عالمى .
والى اللقاء

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى