الأعمدة

دوائر خارجية روّجت لها (كحرب بين جنرالين)،، حرب السودان .. تمرد (جنجويد )وعمالة (قحاتة)..

انقلاب للاستيلاء على السلطة وإحداث تغيير ديمغرافي..

الناطق باسم الجيش: تهديدات استبقت ١٥ إبريل ” الإطاري أو الحرب “..

المتمرد حميدتي: (عمارات الخرطوم )ستتحول إلى خرابات تسكنها القطط..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو
مع دخول الحرب التي اندلعت في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، شهرها السادس عشر، مازلت بعض الدوائر الإقليمية والدولية تنظر إلى هذه الحرب على أنها صراع ونزاع بين الجنرالين الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة، ونائبه في المجلس الانتقالي المتمرد محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي القائد العام لقوات الدعم السريع، وتقول الدوائر الإقليمية والدولية إن الجنرالين أشعلا فتيل هذه الحرب من أجل الوصول إلى السلطة والانفراد بحكم السودان.
عبد الفتاح البرهان:
ووصل الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى منصب القائد العام للقوات المسلحة وفقاً للتراتبية العسكرية بعد أن رفضت الجماهير في بواكير ثورة التغيير التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير، الفريق أول ركن عوض أبن عوف رئيس اللجنة الأمنية التي انحازت لرغبة الشارع وأزاحت نظام الإنقاذ بعد ثلاثين عاماً من الحكم، وعقب التوقيع على الوثيقة الدستورية أصبح الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيساً لمجلس السيادة الانتقالي وهي المؤسسة المعنية بكافة القضايا المتعلقة بسيادة الدولة والإشراف على هياكل ومؤسسات الحكم وسلطاته المختلفة التنفيذية والتشريعية والقضائية.
محمد حمدان دقلو:
منطلقاً من موقف داعمٍ للثوار، ومساندٍ لثورة ديسمبر، لمع نجم محمد حمدان دقلو المشهور بحميدتي والذي كان معنياً بحماية الرئيس المخلوع عمر البشير، قبل أن يقلب له ظهر المِجَن وينحاز مع اللجنة الأمنية إلى أشواق وتطلعات الجماهير الراغبة في التغيير والإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، حيث أظهر حميدتي في بواكير الثورة دعمه اللامحدود للثوار وكشف عن رفضه لتوجيهات الرئيس المخلوع بفض اعتصام المتظاهرين أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في أبريل ٢٠١٩م، ولكنه بعد نحو شهرين وتحديداً في الثالث من يونيو ٢٠١٩م، قلب الطاولة في وجه الثوار وقام بفضِّ الاعتصام، وأزهقتْ قواته ” ميليشيا الدعم السريع ” أرواح المئات من الشباب الأبرياء والعزل فيما عُرف بمجزرة القيادة العامة للجيش في خواتيم شهر رمضان المعظم.
حرب مشروعة:
ويرفض الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد ركن نبيل عبد الله التصور الإقليمي والدولي الذي يختزل الحرب الدائرة منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣م على أنها صراع حول السلطة بين جنرالين، ويقول في حديثه للكرامة إن هذا التوصيف يجافي الحقيقة، مبيناً أن الذي يجري في السودان منذ الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م حرب مشروعة وواضحة بل هي أكثر الحروب وضوحاً في تأريخ السودان، باعتبارها عدواناً ومحاولة للاستيلاء على السلطة من قبل فصيل تمرد على القوات المسلحة، تسانده مجموعة سياسية مرتهنة تماماً للخارج، واستدَّل الناطق الرسمي للقوات المسلحة بالتهديدات التي استبقت الحرب من قبل بعض قيادات المجلس المركزي لتحالف قوى الحرية والتغيير الذين قالوها صراحة ” إما الإطاري أو الحرب” وما سبق ذلك من تهديد نائب القائد العام لميليشيا الدعم السريع عبد الرحيم دقلو الذي طالب الجيش بتسليم السلطة في وقت تشكل فيه قواته جزءً من هذه السلطة، ونوه العميد نبيل عبد الله إلى تهديدات قال بها قائد الدعم السريع نفسه عندما توعد حميدتي في خطاباته المتكررة سكان الخرطوم بأن هذه العمارات والبنايات ستتحول إلى خرابات تسكنها القطط.
حرب بالوكالة:
ومن ذات النافذة الرافضة لتصنيف الحرب على أنها صراع بين جنرالين، يُطلُّ الخبير العسكري مقدم ركن متقاعد علي ميرغني الذي يقول في حديثه للكرامة إن الحرب الدائرة في السودان منذ الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، هي حرب فيها جزء بالوكالة لخدمة بعض المصالح الواسعة في الإقليم وخارج الإقليم وفي المنطقة وعلى المستوى الدولي، مبيناً أن الإعلام السالب نجح في تسويق هذا المفهوم بكونها حرباً بين جنرالين، وقال ميرغني إن القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وصل لهذا المنصب الرفيع بالتراتبية المعروفة في الجيش السوداني، موضحاً أن الظروف لم تخدمه عندما اندلعت هذه الحرب وهو على قمة الهرم في المؤسسة العسكرية، مؤكداً أن البرهان لا يمثل نفسه وإنما يمثل مؤسسة تعتبر بمثابة حقيقة باقية، فمهما تغيرت أنظمة الحكم وتبدلت الحكومات، يظل الجيش مؤسسةً ثابتة لا تموت إلا بموت الدولة نفسها.
توصيف صحيح:
ويمتدح الباحث والإعلامي الأستاذ الركابي حسن يعقوب موقف الحكومة التي قال إنها نجحت في توصيف الحرب الدائرة توصيفاََ صحيحاََ بكونها حرباً تدور بين الدولة السودانية من جهة، وبين ميليشيا متمردة مدعومة من دول وكيانات إقليمية ودولية تريد الاستيلاء على السلطة وإحداث تغيير ديمغرافي في الدولة بإعادة توطين مجموعات إثنية أجنبية في السودان، وأن القوات المسلحة السودانية تخوض هذه الحرب دفاعاََ عن كيان الدولة ضد عدو أجنبي يهدد بقاء الدولة والنيل من وحدتها وسيادتها، ويتهم الأستاذ الركابي حسن يعقوب في حديثه للكرامة الإعلام الرسمي بالضعف في بلورة رؤية الحكومة وتصميمها في رسالة إعلامية واضحة ومن ثم (تحميلها) في الفضاء الإعلامي العالمي لتصل إلى الرأي العام على مستوى العالم، مبيناً أن ضعف الآلة الإعلامية جعل المراقب للشأن السوداني يركن إلى الفكرة السائدة في الرأي العام العالمي أن الحرب في السودان هي بين جنرالين من أجل السلطة، ويراها البعض الآخر أنها حرب أهلية أطرافها سودانيون فقط وليست لها أبعاد خارجية، وهو الأمر الذي يفسر حالة (اللامبالاة) من كثير من المحاور الإقليمية والدولية باستثناء حكومات الدول الغربية وبعض حكومات الدول الأفريقية والعربية التي تقف مساندة لميليشيا الدعم السريع، وينوه الأستاذ الركابي إلى قصور دبلوماسي، رافق القصور الإعلامي، مستثنياً من ذلك بعثة السودان في الأمم المتحدة التي قال إنها نجحت نجاحاََ منقطع النظير في عكس توصيف السودان للحرب في أرفع منبر دبلوماسي يضم كل دول العالم.
غياب الإعلام الرسمي:
ويتفق الخبير العسكري مقدم ركن متقاعد علي ميرغني مع رؤية الباحث الركابي حسن يعقوب ويقر بوجود قصور كبير في الإعلام الرسمي والعسكري، الذي قال إنه سجل غياباً كاملاً وترك فراغاً كبيراً ملأته ما وصفها بالبراميل الفارغة التي هي أعلى صوتاً، مبيناً أن الكلام المثير والمشين أكثر وأقوى انتشاراً من الخبر الجيد الموثوق، وقال ميرغني إن الإذاعة والتلفزيون، ما عادتا الأوسع انتشاراً، خاصة في ظل هذه الحرب التي تشوبها الكثير من التعقيدات كالانقطاع الدائم للكهرباء ونزوح المواطنين، الأمر الذي جعل من منصات التواصل الاجتماعي أسرع وأقوى، داعياً إلى أهمية وجود الإعلام الرسمي والعسكري في هذه الوسائط الإلكترونية، كما شدد على ضرورة أن يتصدى الإعلام الرسمي والعسكري للشائعات والأكاذيب التي ترد في السوشيال ميديا.
سياق غير صحيح:
القصور الإعلامي حديث لا يأتي في سياق صحيح، هكذا دافع الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد ركن نبيل عبد الله عن الاتهامات بشأن ضعف الإعلام الرسمي والعسكري في دحض توصيف بعض الدوائر الغربية للحرب في السودان باعتبارها حرب بين جنرالين، وقال العميد نبيل إن الذين أشعلوا هذه الحرب خططوا وأعدوا لها إعلامياً، ووفروا لها إمكانيات مهولة، وحاولوا تجيير بعض مؤسسات الدولة بتسخير المعينات التي جاءتهم من الدول الضالعة في هذا المشروع الذي يعمل على إقعاد الدولة وتوجهاتها، ويستهدف الشعب السوداني، ويسعى إلى طمس الهوية السودانية والحضارة السودانية.
فرصة متاحة:
ويرى الباحث والإعلامي الركابي حسن يعقوب أن الفرصة ما تزال متاحة لترقية الأداء الإعلامي والدبلوماسي خاصة وأن الشواهد تقول إن قضية الحرب ستشهد خلال الفترة القادمة حراكاََ ونشاطاََ دبلوماسياََ بزيارات مرتقبة لمسؤولين إقليميين ودوليين للسودان، مما يقتضي نشاطاً إعلامياً ودبلوماسياً واسع النطاق لإسناد الموقف الإيجابي للجيش على الأرض وكسب المعركة على الصعيد الدبلوماسي والإعلامي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى