الأعمدة

*مولد الهدى ..امدرمانيات

استوقفتنى فيديوهات تعبر عن جانب من فعالية زفة المولد النبوي الشريف في شارع الوادى واظنها قد انتهت الي ميدان المولد بالحارة الثامنة قبل ان يتفرق الجمع علي غير العادة حيث كانت تنطلق من أمام قسم الشرطة الشمالي يتقدمها علية القوم وطوابير القوات النظامية وحملة الإعلام والخيول ورجالات الطرق الصوفية علي وقع موسيقي الجيش ومعزوفات المديح النبوي يتبعها المئات من المحبين وتظل في مسيرها تحفها جموع المواطنين علي جانبى الطريق بالحلوى والعصائر والماء البارد والزغاريد ..والأصوات تتعالي في سماء امدرمان يوحدها الحب ومقالها :
*بأبي وأمي أنت يا خير الورى وصلاةُ ربي والسلامُ معطرا
يا خاتمَ الرسل الكرام محمدٌ بالوحي والقرآن جئت مطهرا
لك يا رسول الله صدقُ محبةٍ وبفيضها شهِد اللسانُ وعبّرا
لك يا رسول الله صدقُ محبةٍ فاقتْ محبةَ كل مَن عاش على الثرى
لك يا رسول الله صدقُ محبةٍ لا تنتهي أبداً ولن تتغيرا
الرحمةُ المهداةُ جاء مبشِّرا ولأفضلِ كل الديانات قام فأنذرا
ولأكرمِ الأخلاق جاء مُتمِّماً يدعو لأحسنِها ويمحو المنكرا
صلى عليه اللهُ في ملكوته ما قام عبدٌ في الصلاة وكبّرا
صلى عليه اللهُ في ملكوته ما عاقب الليلُ النهارَ وأدبرا
صلى عليه اللهُ في ملكوته ما دارت الأفلاكُ أو نجمٌ سرى
وعليه من لدن الإلهِ تحيةٌ رَوْحٌ وريحانٌ بطيب أثمرا
وختامُها عاد الكلامُ بما بدا بأبي وأمي أنت يا خيرَ الورى
………. .. ………. ..
وفي كل حين تقف المسيرة محيية بطل من أبطال المدينة والسودان فيخرج أهل الدار مرحبين بهذا التكريم عالي المقام من مسيرة معطرة بذكر سيد الأنام..تلف المسيرة أحياء امدرمان القديمة وسوقها العتيق بذات الاريج والعبق قبل أن يستقبلها ميدان الخليفة لتكون ايذانا بافتتاح ليالى المولد في موسم ينتظره المريدون المحبون للتعبير عن فرحهم بميلاد أعظم البشارات الذى انار بمولده ظلامات الجهل والاشراك ..والميدان نفسه أحسه يشتاق الي هذه الأيام فكأنما قد عادت اليه الروح فهو نبضا يرتفع وهديرا له وقع منذ أن دقت الخيام ومدت بساطات الذكر والصلاة والسلام ثم ما يلبث ان تتمايل جنباته والمسيرة تدخل حرمه الميمون وتتعالى أصوات المديح وتأوهات المحبين وتنتظم الصفوف في برامج مدارسات السيرة النبوية الشريفة ويتبارى المنشدون في توقيع المديح ويتسابق المتحدثون في ذكر مناقبه وصفاته واخلاقه صلي الله عليه وسلم .. ويستمر هذا الحراك يوما بعد يوم حتى يختم في ليلة هي سر الليالى ..ليله كأنما تقف الساعات فيها وتنفتح الارض علي افلاك السماء ويخرج النور يملأ الآفاق ويدور الكون مسترجعا ذلك الحدث السعيد فقد ولد في مثل هذا اليوم النبي الكريم.. كل ذلك والجموع تملأ الميدان وكلهم في شغل من ذكر أو مديح ..سابحون سائحون في بحر الحب والوجد وحالهم جميعا شكر الله علي نعمة إيجاد هذا النبي الكريم الذي لأجله خلق الكون وفى اتباع دعوته وتتبع سيرته الفوز والشفاعة يرتجون.. هذا العام افتقدت دروب امدرمان القديمة هذا المسير المبارك والميدان بات في شوقه ينتظر دخول الزفة من جهة الباب الغربي ..هو لن يسمع دقات الطبول ووقع الاقدام حينما تقترب ..وحتما لاحظ ان لا خيام قد تم نصبها ولا زينة قد تم تركيبها وانه لا يزال في حال بالى فلا أحد اهتم بتنظيفه وتجميله..سيتذكر انه لم يسمع منذ وقت طويل الا اصوات القتل والدمار ..سيغمض عينيه حزينا وستنحنى مآذنه حزنا وحق له ولها فقد طال الغياب وتوارت تلك الأيام الرحبة الرحيبة وراء السراب ولكنها حتما ستعود ..ستنقشع تلك السحابة ويطل من خلف الركام فجرا جديدا تحمله ذات المسيرة لتنتهى عند الميدان فرحا وحبورا وذكرا وانشادا..فذرات الرمل لم تنسي وقع تلك الاقدام ولا تزال مواقع الخيام في تردداها لإنشاد الحب والهيام وإن تطاولت أصوات الرصاص ..فيا رسول الله أن أهل امدرمان والسودان لم يقطعوا عادتهم في الاحتفاء بمولدك البهى ومقدمك السعيد ولكنهم حرموا كمال بهجتهم ومنتهي حبورهم باحياء هذه الليالى بفعل اوباش مجرمين قتله..فيا رسول الله نتوجه بك الى ربنا جل وعلا ونسأله ان يخزبهم ويقتلهم ويشتت شملهم فقد منعوا امدرمان اشياءها الجميلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى