وهل ستكون الحرب السودانية ضمن اهتماماته، أم أنه لن يأبه بشيء اسمه السودان!؟ مناظير – زهير السراج : ترمب والسودان المنسي!
بانتصار (دونالد ترامب) في انتخابات الرئاسة الأمريكية، ينضم مستبد آخر لقائمة المستبدين الذين يحكمون العالم، ولا أعتقد أنني في حاجة إلى أدلة لتبرير وصفي له، فالجميع يعرف استبداده وغروره اللذين لا يهماني بشيء، ولكن تهمني بكل تأكيد الطريقة التي سيتعامل بها مع القضايا التي تشغلني ومنها الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة ولبنان وقتل المواطنين الأبرياء بلا ذنب ولا جريرة، والحرب الروسية التوسعية على أوكرانيا وقتل وتشريد شعبها وتأثيرها السلبي على الاقتصاد العالمي وارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة، والحرب المدمرة في وطني والتدخل الخارجي البغيض الذي يعمل على تأجيجها واستمرارها بغية السيطرة والاستيلاء على خيراته ونفيه من الوجود، وتشريد شعبه إلى الأبد بمساعدة بعض أبنائه ــ للأسف الشديد!.
هؤلاء (الأبناء) الذين درجوا على وصف غيرهم ممن يطالبون بوقف الحرب والجنوح للسلم بالعمالة والخيانة، بينما تنطبق هذه الصفات عليهم هم لرفضهم المستمر لكل مبادرات التفاوض ووقف الحرب رغم المعاناة القاسية التي سببتها للشعب والدمار الهائل للوطن، بالإضافة إلى علمهم الأكيد بعدم قدرتهم أو قدرة الطرف الآخر على تحقيق نصر عسكري قريب أو حتى بعيد، مما يعني استمرار الحرب أطول فترة ممكنة وهو ما تريده القوى الأجنبية الساعية لانهيار السودان تماما وزواله من الوجود لتسهُل عليها السيطرة على أرضه وخيراته واسترقاق شعبه بدون أن تجد من يقف في طريقها .. وكنتُ قد شرحت ذلك بالتفصيل في مقالاتي السابقة، ولن أمل من تكراره أبداً لعل البعض يفوق من غفوته ويعلم حجم المؤامرة التي يشارك فيها ضد وطنه وشعبه بالتحريض على الحرب بدون أن يدرك خطورة ما يقوم به!.
لا أدري إن كان (ترمب) قد سمع بالسودان أو ما يدور به أم لا، ولكن ما هو معروف إن نهاية فترته الأولى (2016 – 2020 م) شهدت الاتفاق على عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الولايات المتحدة والسودان وتبادُل السفراء بين البلدين إثر زيارة رئيس الوزراء السابق (عبد الله حمدوك) إلى الولايات المتحدة في ديسمبر 2019 بعد سقوط النظام البائد في إبريل من نفس العام، بالإضافة إلى بدء التفاهم حول رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والذي تكلل باتفاق في عهد الرئيس الحالي (جو بايدن) بعد دفع تعويض مالي لأسر ضحايا المدمرة الأمريكية كول قدره 350 مليون دولار، وهو الشرط الذي وضعته الحكومة الأمريكية لرفع السودان من القائمة التي أضيف إليها في عام 1993 في (عهد الرئيس كلينتون) بسبب دعمه لعناصر إسلامية متشددة، كما اعتبرت الإدارة الأمريكية لاحقا أن السودان كان مسؤولا عن الهجوم الانتحاري الذي تسبب في تفجير المدمرة (يو إس أس كول) على شواطيء اليمن (في أكتوبر عام 2000) باعتبار أن الانتحاريين اللذين نفذا الهجوم تلقيا تدريبهما في السودان!.
وعد (ترمب) خلال حملته الانتخابية بوقف الحروب في العالم في حالة فوزه في الانتخابات، وها هو قد فاز وسيتسلم منصبه في العشرين من يناير القادم (2025 )، ونأمل أن تكون الحرب السودانية من بين اهتماماته، خاصة مع تأثيراتها السلبية الخطيرة على المناطق الملتهبة في شرق وغرب القارة الأفريقية وعلى الأمن العالمي بأسره بتهديد الملاحة في البحر الأحمر الذي يتمدد السودان على حوالي 800 كيلومتر من سواحله الغربية، وهو ما أغرى البعض بالسعي لاقامة قواعد عسكرية تساعده في تحقيق رغباته التوسعية، والبعض الآخر بإنشاء موانئ بحرية تدر عليه الكثير من الإيرادات المالية الضخمة فضلا عن هيمنته على التجارة العالمية.. إلخ، كما ينظر إليه البعض كشريك محتمل لتوسيع نفوذه الإقليمي أو ما يسميه ب (محور المقاومة) في منطقة الشرق الأوسط خاصة مع التعاون العسكري الذي نشط في الآونة الأخيرة بينه وبين الجيش السوداني، وهو ما يعني تصعيد التوتر والصراع السياسي العسكري في المنطقة ويضفي المزيد من الخطورة على الأمن والسلم العالميين، ولعل الجميع قرأ قبل بضعة أيام خبر تعليق الخطوط الجوية الفرنسية التحليق فوق البحر الأحمر وسماء السودان لأجل غير مسمى بسبب رصد أحد طواقم رحلاتها لجسم مضيء غريب على اتفاع عالٍ في السودان، ولم يصدر حتى الآن تعليق من الحكومة السودانية على النبأ، أو إيضاح آخر من الخطوط للقرار.
تُرى هل سيفي الرئيس (ترمب) الذي عُرف بقوميته المتطرفه وتركيزه على المصالح الأمريكية، بوعوده بإيقاف الحروب في العالم، وهل ستكون الحرب السودانية ضمن اهتماماته، أم أنه لن يأبه بشيء اسمه السودان، لا يعرف موقعه في الخريطة ولم يذكره على لسانه في يوم من الأيام؟!.