الأعمدة

جيشنا ليس جيش ( المفراكة ) ولكن ..!

أحد الظرفاء من عندنا سافر إلى إحدى دول الخليج وسأل عن مجموعة من أصحابه أصحاب البشرة الناعمة الذين سبقوه إلى تلك البلاد أو من يسميهم اولاد البلد المخشوشنين بجماعة
( جرحتني كرتونة )
تندرا بليونة عزمهم و هشاشة عظمهم ..فقالوا له كلهم التحقوا بقوات دفاع ذلك البلد.
فضحك حتى سالت دموعه ..
وهو يقول ..
(والله كان كدي جيش البلد دي انا ممكن اسكو قدامي بالمفراكة )
في تلك المرحلة كانت تلك البلاد تعتمد على فرضية الكثرة في تعمير صفوف قواتها دون التركيز كثيرا على خيار النوعية وهي البلاد مسالمة .
ولكن حينما تبدلت الظروف انتبهت حكوماتها إلى ضرورة تأهيل قواتها فاستعانت بمحترفي بعض الجيوش الأخرى لتأهيل قواتها المسلحة أعدادا وتدريبا وكان جيش السودان أحد أهم ملاذاتها سواء باستيعاب مفصولي وحداته المختلفة أو عبر انتداب كوادره وفق الاتفاقات الثنائية أو ابتعاث ضباطهم للسودان بغرض الدراسة في كلياته العسكرية المشهود لها بالكفاءة والانضباط في كل مستوياتها العسكرية والأكاديمية .
وكان اثر ذلك على تلك الدول بأن جعل من جيوشها أرقاما يشار إليها بالبنان في امتلاك كل مقومات الجيوش الحديثة التي توفرت لها الإمكانات التقنية و كافة أنواع الأسلحة و احدث الطائرات المقاتلة وأجهزة الرصد وخلافه .. الخ.
و رغم ما عانى منه جيشنا في سنوات حكم الإنقاذ وذلك بتاثره البالغ بالنهج الفكري السياسي الذي طغى على اولولية أهمية العقيدة العسكرية لاسيما كمثال على مستوى الطريقة التي اتبعت في تنقيح واختيار طلاب الكليات الحربية و التأكد جيدا من خميرة تشكلهم العقائدية .
ولكن ذلك بالطبع لم يقدح في بسالة الضابط او الجندي السوداني الذي شهدت له مقولة الفارس المغوار اللواء صديق الزيبق التي باتت مادة تدرس لتلقين الأجيال اللاحقة عفة شخصيتنا العسكرية الاصيلة حينما أمر ذلك القائد جنوده بعبارة ..( أرضا ظرف )
رافضا مكافأة امير الكويت لهم مقابل دفاعهم عن دولته حينما تعرضت لتهديد رئيس العراق عبد الكريم قاسم بغزوها في ستينيات القرن الماضي .
بالامس وعقب غزوة قوات الدعم السريع التي لامست تخوم حاضرة الجزيرة وشقت ارتالها ارض المحنة جهارا نهارا ..تعالت أصوات دعاة البل والجغم قبل غيرهم وهي تنتقد بل و تشتم استخبارات الجيش التي غفلت عن استباق ذلك الحدث المريع .. ولعنت البرهان وأركان حربه لتفريطهم في تراب الوطن وكرامة انسانه و تركهم الحبل على غارب جحافل الغزاة لتعيث فيه فسادا و تنكيلا.
لم اسمع كلمة واحدة والحق يقال تمس بسالة الجندي السوداني المقاتل باحترافيته الوطنية أو خبرة الضابط الذي لا يلتفت لتلقي تعليماته من قادة او صبية كتائب التنظيم الاسلامي .
بل كان كل لهيب الغضب موجها لقادة الانقلاب الذين لطالما
( فرشوا للناس بحر الاماني بطحينة النصر و حلاوة قرب الحسم ) منذ انطلاق شرارة هذه الحرب اللعينة !
ذلك الوعد الكذوب الذي لم يأت ولايبدو أنه يلوح في أفق الازمة التي تخنق هذا الوطن واهله وقد شارفت على إكمال العام .
وهؤلاء القادة بعد كل هذه الشهور من الانتكاسات الفاضحة لم يشعروا بخزي الفشل أو بخجل التقصير على الأقل ..مثلما أقر به قادة الجيش الاسرائيلي و مدراء الاستخبارات الذين اقروا بفشلهم في قراءة الوضع قبل ضربة حماس المؤلمة لاسرائيل التي فجرت الحرب الحالية في غزة .
فوضعوا استقالاتهم و أنفسهم رهن المحاسبة بعد أن يكملوا ما اسموه بواجب الخلاص من كابوس حماس الذي قض مضاجعهم .وياليت لو فعل قادتنا الفاشلون بدءا من برهانهم المذبذب المواقف وبقية كورس السيادة والهتيفة من حملة المفاريك وحذوا ذلك الحذو اقتداء باخلاق اولئك الضباط والمسئؤلين اليهود وان كانوا انجاسا و قتلة محتلين !
الصورة للفريق أحمد محمد الجعلي اول قائد للجيش السوداني قبل الاستقلال .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى