طرحها السفير نادر فتح العليم وقاتل من أجل أن ترى النور،، الآلية الثلاثية لمناصرة القضية الفلسطينية،، فكرة سودانية..
رغم ظروف الحرب، حضور سوداني لافت في الفعاليات الإقليمية والدولية..
تكريم السفير فتح العليم بمنحه شرف التوقيع على الوثيقة مع أبو الغيط وطه..
تأثيرات متوقعة للآلية الثلاثية في توصيل صوت القضية الفلسطينية بالقوة المطلوبة..
السفير نادر: نجحنا في تجميع 134 دولة لتتحدث بصوت واحد حول قضية واحدة..
تفاؤل بإمكانية نقل التجربة لمناصرة قضايا مماثلة في القارة الأفريقية..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
للمرة الثانية خلال أسبوع واحد فقط يخطف السودان الأبصار ويلفت إليه الأنظار من خلال حضوره خضم فعالية إقليمية ودولية، فبعد المشاركة الناجحة في النسخة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالمي الذي أنهى أعماله بالعاصمة المصرية القاهرة الاثنين الماضي، ها هو السودان يجدد ذات الإبهار ويرسم الدهشة على الوجوه من خلال مشاركته في القمة العربية الإسلامية التي اختتمت فعالياتها أمس الاثنين بالعاصمة السعودية الرياض، فإن كان السودان قد قدَّم في القاهرة رؤيته حول قضايا التنمية والبنية التحتية وسبل تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وحشد الجهود والاستثمارات الممكنة لإنجاح الخطط والبرامج التنموية على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن قمة الرياض العربية الإسلامية شهدت تتويج فكرة سودانية خالصة بالتوقيع على الآلية الثلاثية لمناصرة القضية الفلسطينية، والتي كان قد اقترحها السفير نادر فتح العليم مندوب الاتحاد الأفريقي بالجامعة العربية، وأحد المرشحين لتقلد منصب رئيس وزراء السودان خلال الفترة المقبلة.
هدف نبيل:
ويهدف إنشاء الآلية الثلاثية لمناصرة القضية الفلسطينية إلى حشد وتنسيق جهود ومساعي المنظمات الثلاث من أجل نُصرة القضية الفلسطينية، من خلال إجراء مشاورات سياسية منتظمة وتبادل المعلومات والمعطيات بصفة دورية واتخاذ مواقف مشتركة في منضدة المحافل الدولية، وتنظيم عمليات الإغاثة الإنسانية، وبرمجة الفعاليات الإعلامية والثقافية التي تُسلط الضوء على نضال ومعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، ومنذ السابع من أكتوبر 2023م اتخذت القضية الفلسطينية مساراً جديداً في المواجهة بعد أن اقتنع الفلسطينيون أن موازين القوى لا تسمح بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، بعد أن وصل ( دهاقنة) التطرف الصهيوني إلى سدة الحكم، ومارسوا أنواعاً من الغطرسة والاستعلاء رفضوا من خلالها حتى مبدأ الجلوس والتفاوض مع الفلسطينيين، ليجد الفلسطينيون أنفسهم مجبرين على اتخاذ خيار المواجهة من أجل الدفاع عن أرضهم، لتكون معركة 7 أكتوبر بمثابة استراتيجية جديدة لصراع مفتوح يطمح في تغيير موازين القوى ليتسنى للفلسطينيين تقرير مصيرهم سواءً في إقامة دولة على حدود 67، أو الذهاب لخيارات أخرى.
تكريم مستحق:
وحسناً فعل الاتحاد الأفريقي وهو يمنح السفير نادر فتح العليم شرف التوقيع على وثيقة الآلية الثلاثية لمناصرة القضية الفلسطينية ممثلاً للسيد موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ليمهر توقيعه التاريخي في أسفل الوثيقة جنباً إلى جنب مع توقيع السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، وتوقيع السيد حسن إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ثم يلوحون معاً بوثيقة الآلية الثلاثي لمناصرة القضية الفلسطينية في مشهد يثلج الصدر، ويُشعر كل سوداني بالعزة والفخر، ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على علو كعب الكوادر السودانية الممسكة بمفاصل العمل السياسي والدبلوماسي، والمتبوءة أرفع المناصب في المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية، ويعتبر السفير نادر فتح العليم واحداً من سودانيين كثر يزينون جيد الوطن وهم يقودون دفة العمل في مختلف بقاع العالم، عالين كالمجد، وبازخين كالشمس، فما أحوج السودان لمثل هذه القدرات الوطنية التي تتوافر على علم ومعرفة، وفكر وصولجان.
قتال مستميت:
ويقول مندوب الاتحاد الأفريقي في الجامعة العربية السفير نادر فتح العليم إنه ومنذ العام 2016م، طرح فكرة تشكيل آلية ثلاثية تضم الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي التي أصبحت فيما بعد منظمة التعاون الإسلامي، وأكد السفير فتح العليم في إفادته للكرامة من العاصمة السعودية الرياض، أن الوصول إلى الغاية النبيلة بإنشاء هذه الآلية الثلاثية لم يكن سهلاً، وأن الطريق إلى ترجمتها واقعاً ملموساً، لم يكن مفروشاً بالورود، منوهاً في هذا الصدد إلى تجاوز العديد من العقبات والمشكلات والمطبات، بفضل تعاون وتفهم القيادة العليا والمسؤولين في المنظمات الثلاث، وأمّن السفير نادر فتح العليم على أهمية الفكرة وما يمكن أن تحققه من خلال بلورة المعنى الحقيقي لمفهوم أن في الاتحاد قوة، وزاد” قاتلنا قتالاً مستميتاً ” في إشارة إلى الجهود التي بذلها من أجل ترى فكرته النور، وأن تتحقق رؤيته بتجميع 134 دولة، منها 57 دولة ممثلة لمنظمة التعاون الإسلامي، و55 دولة ممثلة للاتحاد الأفريقي، و22 دولة ممثلة للجامعة العربية، وصهرها في بوتقة واحدة، وآلية واحدة تتحدث بصوت واحد دفاعاً ومناصرة لقضية واحدة.
تأثيرات متوقعة:
ومن هنا فإنه واعتباراً من قمة الرياض العربية الإسلامية التي اختتمت أعمالها الأحد، وأصدرت توصياتها ومقرراتها، فلن يكون بمقدور الاتحاد الأفريقي، أو الجامعة العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي، أن يعزف منفرداً ويقاتل وحيداً من أجل القضية الفلسطينية في ظل وجود الآلية الثلاثية، حيث إن الدول المنضوية تحت لواء الآلية الثلاثية وبجغرافيتها الواسعة، تستطيع إحداث تأثيرات كبيرة، ارتكازاً على منطوق قراراتها القوية التي ستجد صدىً وارتداداً لها في منصات الدول والمنظمات العالمية المعنية بالقضية الفلسطينية، فلن تكون قرارات ومخرجات قمة الاتحاد الأفريقي، أو الجامعة العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي، حبراً على ورق، أو حبيسة الأدراج، أو حتى مبذولة على (السوشيال) ميديا، والمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي دون أن يكون لها تأثيرات أو ردود أفعال تذكر.
طموح مشروع:
ويبقى الطموح مفتوحاً في إمكانية تطوير هذه الآلية الثلاثية بعد قراءة تأثيراتها بخصوص القضية الفلسطينية، لتكون آلية معنية بكافة القضايا المتعلقة بالمنطقة الأفريقية والعربية والإسلامية، وما أكثر القضايا التي تؤرق مضاجع هذه الدول في ظل استمرار محاولات الهيمنة الغربية للتمدد في هذه المنطقة الجغرافية التي تضم الدول ال 134، فمن الواضح أن هنالك محاولات ملموسة لنقل الصراع من منطقة الشرق الأوسط وتمدده نحو المنطقة الأفريقية، وليس ما يجري في السودان بمعزل عن هذا التوجه، ومثله ما يجري في النيجر، وتشاد، وتبقى المخاوف حاضرة في أن يتمدد الصراع والنزاع إلى دول مجاورة لتزداد مساحة الحريق كيل بعير، خاصة مع وجود دول كبرى تقف على خط الأزمات وتسعى جاهدة من أجل تحويل القارة الأفريقية إلى بؤرة صراع واستقطاب حاد تحضر فيه دول مثل الصين، وروسيا المتنافستين مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل فرض استعمار جديد يستهدف الإمكانيات والموارد والثروات التي تكتنزها المنطقة الأفريقية الغنية والتي يسيل لها لعاب هذا التنافس المحموم بين الشرق والغرب، وفي مضمار سباق المصالح تسقط القيم والأخلاق .
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، يبقى السفير نادر فتح العليم مندوب الاتحاد الأفريقي في الجامعة العربية، مفخرةً للسودان بوجوده الدبلوماسي والسياسي القوي داخل اثنتين من المنظمات الفاعلة على المستوى الإقليمي، وما يميز السفير نادر مبادراته وأفكاره التي تجد آذاناً مصغية داخل المنظمتين الإقليميتين الأمر الذي يعكس أهميته كشخص فاعل ومؤثر، وقطعاً فإن الدفع به كمرشح لمقعد رئيس الوزراء لمرحلة ما بعد الحرب، لم يأتِ من فراغ، وإن كان سيترك فراغاً داخل أروقة الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، ولكن جرح البلاد النازف في حاجة إلى من يضمده بخبراته وتجاربه الثرة، فأرجو أن ينال السفير نادر فتح العليم وأمثاله من الكوادر السودانية الفاعلة والمستنيرة والمنتشرة في دول ومنظمات العالم فرصة ليقدموا لبلدهم، وما أحوج السودان في وقته الراهن إلى أبناءه البررة المتسلحين بالعلم والدُربة والشخصية والتجربة، امنحوهم الفرصة فهم قادرون على تمزيق الكثير من الفواتير، وهم القادرون على كسر قاعدة أن “زامر الحي لا يُطرب”.