الأعمدة

عثمان حسين عبقرية في الغناء السوداني لاتتكرر

الفنان عثمان حسين فنان جسور. تربكك اغانيه لتجعلك ترتب حياتك من جديد. عبقري وله ريادة ولوج المستحيل ولديه القدرة لجعل روحك تحلق بعيدا في سماوات المتعة والدهشة. مبدع له شموخ الفنان وشفافيته.بدأ حياته عازفا للعود بصحبة رفيقة الفنان عبدالحميد يوسف في مطلع الاربعينات
كانت بداياته اغنية .حارم وصلي مالك. تمرد عثمان منذ البدء علي الألحان القديمة وسلك له اسلوبا احتل به وجدان شعوب السودان. بألحان شجية كأنها تعدو في نهر من الموسيقي وركضنا كلنا معه في بستان مليء بالشجن
عثمان ذو الصوت الطروب اسرنا جميعا بهذا الاسي والحزن مما جعلنا نلازمه مقتنعين بانسانيته ورؤاه الدفاقة وذاك الحنين. وفاؤه لفنه. فهو فلته بكل المقاييس قل ان يجود الزمان بها. قيل ان الحانه يسربها له الجن. كان قبل ظهورة هناك عمالقة الفن. ابراهيم الكاشف. احمد المصطفي. حسن عطية عبدالحميد يوسف. استطاع أن يحتل بينهم مكانا رفيعا منذ أن بدأ. احب اغاني خليل فرح. لم يقف عنده طويلا واختط له نهجا جديدا فكانت اغنيات:الفراش الحائر.لاتسلني. انا والنجم والمساء. لاوحبك التي طار الشباب بها ولها. مابصدكم. في محراب النيل. وشجن التي رقص علي انغامها الجميلين والجميلات. شجن انعطافة رائعة في مسيرة عثمان حسين. حملها الاثير للوهاد والبقاع ورقصت علي اثرها العرائس. عثمان حسين يعرف كيف يختار اغانية الرفيعة وهو يمتلك استعدادا فطريا ونفس مليئة بالجمال وبعذوبة صوت ملائكي ينطلق بك الي دنيا الخيال. موهبة دسمة لاجدال فيها تنساب كجدول رقراق. في خريف عام 1947م دخل الاذاعة السودانية بام درمان .وتعاون مع كبار شعراء الاغنية:محمد بشير عتيق. صلاح احمد. قرشي محمد حسن. قدم اغنية حارم وصلي مالك فغنت معه الطيور في وكناتها. ثم ذكري. وان تريدي ياليالي. واللقاء الاول. غرد الفجر. والقبلة السكري. عبر عن شباب جيله بصدق احبهم فاحبوه. فاحتل موقعه مع الخالدين. عثمان حسين الاناقة وكباية الشاي بالنعناع وذاك القبول. اثري عثمان حسين المكتبة الغنائية السودانية بالجمل المولودية والايقاع الإفريقي الساخن. غني بالعربية الفصحى والعامية فاجاد. تحس بالعظمة وانت تدخل عوالمه وتستمع اليه يجذبك كصوفي متبتل يحلق بك في فضاءات الشدو عاليا من الحنين. يخاطب العاطفة فيك والوجدان. ويسعي للتغيير. في شتاء العام 1950م ابتكر لونيات جديدة منطلقا من اسر حقيبة الفن فكان لقاؤه مع الشاعر قرشي محمدالحسن واغنية الفراش الحائر. كانت نقلة في مسيرته الذهبية. كما ارتبط برفيق دربه الشاعر حسين بازرعة ذو الشعر الغنائي العاطفي الرومانسي المميز. وكونا ثنائي باهر منقطع النظير خطا بيراع من الابداع والوفاء اسطر ناصعة. في مسيرة الاغنية السودانية. لمفردات وتعابير حسين بازرعة مذاق القرنفل. الحنزبيل والعسل. يعزف علي شغاف الوجدان وتلامس الحجاب الحاجز. لقد عبر عن الاحاسيس الفياضة في مرحلة الصبا الاول بغناء اخاذ واسلوب تصويري يعبر عن مضامين الشوق والوله. الفراق. الصد. واللقاء. وفي في كامل اندياحاته التطريبية غني الارض الطيبة عام 1956 في استقلال السودان. وفي تطور لاحق غني عثمان حسين اطرب ثم اجاد للسر دوليب واسماعيل حسن والتجاني يوسف بشير في محراب النيل. علي ايقاع البوليرو الاسباني مع الكورال. من منا لم يمت شوقا وحنينا في انت يانيل ياسليل الفراديس. نبيل موفق في مسارك. بألحان راقصة تطريب عالي وعميق. ذلك هو عثمان حسين ذو التراكيب الفنية المميزة. في نعومة وعذوبة تماهينا مع شجن
ذات الانغام الرائعة التي تعانق سماء الروح. في صوت ادائي فائق التميز وبجماليات تفوق الحصر وبصدق ونقاء يخرج الغناء ليخاطب الروح. هنا احتل مكانته في القلوب بجداره. هناك في القمة بأدائه المتمكن كانما هو من ينابيع الجنة صفاءا وجمالا وروعة. يطير بنا الي عوالم الحلم. في عناق رومانسي حميم وقدرة علي التماهي الامتزاج والزوبان في نهر من العسل فريد ومنغم. حينها نمتليء بالاشراق تزورنا النفحات نثمل ونتلاشي. ثم جاءت اغنياته:عاهدتني. اوعديني. اناوالنجم والمساء. الوكر المهجور. لا وحبك .انت لي. قصتنا. ما بصدقكم.شجن.
حفرت في ارواحنا بعيدا. وظلت هناك عالقة مابين الفؤاد والخاطر. لقد عشقناه جميعا حد الوله. لانه حمل الرسالة باخلاص وساهم في تكوين وجداننا وتطوره باريحية ابن البلد المتواضع رغم عبقريته الفذة. غني للزين عباس عماره اوعديني بكلمة منك. والوتر المشدود. كما غني ل محمد يوسف موسي الدرب الاخضر وتسابيح. لقد عشنا عصر عثمان حسين ملك غير متوج للغناء السوداني. لديه منهج ومدرسة في اختيار كلمات اغانيه في اضافته للاغنية السودانية. بثقافته ودربته وتجربته. لقد اسعد الناس واحتل مجدا مؤثرا. ولد عثمان حسين محمد التوم في قرية مقاشي بالشمالية. دخل الخلوة ورحل مع والده الي الخرطوم ليدرس بمدرسة الديم ولعب كرة القدم ثم عمل خياطا. استمع لكرومة وسرور وخليل فرح وتاثر بهما. كما استمع ل اسماعيل عبدالمعين. وعائشة الفلاتيه واعجب بهما
ثم صادق الفنان احمد المصطفي. واشتري عودا للغناء بواحد جنيه ونصف كان يعزف معه محمد اسماعيل بادي. وكان يعشق الاغاني المصرية وغني ل محمد عبدالوهاب. شجعه اخيه طه حسين وساعده في دخول الاذاعة بمعرفته لمدير الاذاعة متولي عيد
أستمع اليه فوراوي وسعد الدين فوزي وحلمي ابراهيم. وابوعاقلة يوسف . والخانجي كلجنة نصوص واجازوا صوته عند سماعهم لاغنية حارم وصلي مالك. ل محمد بشير عتيق. شاركة في العزف:عربي…عبدالفتاح الله جابو
رابح حسن. موسي ابراهيم. خميس مقدم.وغني للشعراء:علي محمود التنقاري
…كيف لا اعشق جمالك. ول اسماعيل خورشيد
وميرغني البكري. وعبدالمنعم عبدالحي. ناس لالا.واوراق الخريف. ول حسين عثمان منصور. وحياة عيون الصيد. ثم كان اللقاء الأول مع قرشي محمد حسن والفراش الحائر.
يا حبيبي اقبل الليل علينا
وضفاف النيل قد اصطفت الينا
وصباب الكاس يجثو في يدينا
وارتشفناها تباعا فارتوينا
كان بيته منتدي للمثقفين من جامعة الخرطوم علي المك. صلاح احمد ابراهيم .عبدالحليم محمد ومحمد احمد محجوب. وآخرين . اعجب باداءه الشاعر قرشي محمدالحسن فأعطاه قصيدتين الفراش الحائر وخمرة العشاق. وانتقل في الغناء من الدرجة الرابعة الي الاولي مباشرة نتيجة بأدائه المتجاوز. لقد اعترض والده في البدء ان يكون فنانا لانهم في نظره معاليك.ثم غير والده رايه بعد أن استمع منه الي اغنية كيف لا اعشق جمالك للتنقاري . وصار فخورا بولده. التقي بالشاعر حسين بازرعة في اغنية القبلة السكري .وصابازرعة صديقة وهو في ثانوية وادي سيدنا حيث مدفونا هناك والد الامام المهدي. حسين بازرعة شاعر مشبوب يلعب بالقوافي كلاعب النرد مع الكواعب.عشقا شفيفا وحزين. ثم اتي السر دوليب الشاعر الذي غني له مابصدقكم. ريدتنا ومحبتنا. قلبي فاكرك.داوم علي حبي. هنا شعر فريد يفيض بالشجن ذو خصوصية فائقة العذوبة والجمال. ثم لاحقا التقي الشاعر عوض احمد خليفة في عشرة الايام مابصح تنساها. كلها لحنها عثمان حسين كانما ياتي بالحانها من وادي عبقر. هاجمه خالد ابوالروس واشاد به حسن نجيله وعلي المك. وعبدالله حامد الامين وعيسي الحلو.
لقد كان نجما متوهجا يمارس غناؤه بتوهج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى