الأعمدة

المونديال … “الله يا عمري قطر” حدث استثنائي ولوحة زاهية من التوهج والبهاء

بقلم/ بابكر عيسى أحمد

ما عشناه منذ انطلاق مونديال قطر -فيفا 2022 لكرة القدم كان حدثاً استثنائياً بكل المقاييس … فمنذ سنوات لم تعانق عيوننا حدثاً بهذا الألق والدهشة والإبهار, فقد اذهلت قطر العالم بأسره, وتحولت شبه الجزيرة القطرية إلى واحة من التوهج والفرح والتلاقح الحضاري حيث تجمعت في حب وتجانس وأمان مختلف الحضارات في حب والفه وتعاضد حتى أصبح النسيج البشري العريض عبارة عن لوحة زاهية من الجمال والألق والتوهج وتحولت الدوحة والمدن القطرية التي تحتضن الإستادات العملاقة إلى شيء غير مسبوق, فمنذ سنوات لم نشاهد هذا التلاحم الإنساني وهذا الحب الأصيل الذي عبر عنه الجميع بالإبتسامة وبألوان الدول المشاركة وبتباين السحن والبشرات والعيون المشحونة بالفرح.
قطر تكتب تاريخاً جديداً في منطقة الخليج والشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي والمحيط الدولي, وهي سطور عنوانها الإرادة والرؤية , فما تحقق خلال السنوات الماضية يفوق الوصف حتى خرجت هذه اللوحة الزاهية التي فرح بها الجميع وعاشوا أجواء البهجة والفرح والأمان.
وسيشهد التاريخ أن قطر عبر الرؤية الثاقبة للقيادة الحكيمة سطرت واقعاً جديداً سيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل تجاوزه في المستقبل القريب أو المنظور.
انسيابية الأحداث وروعة الإفتتاح الذي قدم للجمهور العربي والإسلامي والإنساني لوحة زاهية اختلطت فيها الأصالة بالحداثة وبرز كل شيء بصورة راقية وحضارية انطلاقاً من الوصول لمطار حمد الدولي انتهاءاً بمقار الإقامة حيث عبر الكثير من لاعبين وزائرين عن دهشتهم من روعة النتظيم وسهولة الوصول عبر شبكة حديثة ومتطورة من القطارات الأرضية وشبكات المترو التي امتعت الراكبين والزوار … ووقفت الملاعب العملاقة شاهداً على حجم الإنجاز الذي تحقق على أرض الواقع.
ليس غريباً على القطريين الكرم وحسن الضيافة وحضارية التعامل الجميل مع جميع الزوار وضيوف كأس العالم 2022 الذي تستضيفه قطر لأول مرة في التاريخ بعيداً عن عواصم القرار التي تهيمن على كل شيء في عالم اليوم.
كانت قطر متفردة في هذا الحدث الكبير وأثبتت للعالم بأسره أن شهادة ميلاد الأمم والشعوب لا تكتب بحجم سكانها أو امتداد مساحتها الأرضية, فاليابسة مهما كان صغرها تظل ساحة للإرادة وفضاءاً للإبداع وأضافة لإبداع جديد … ومن هنا تفوقت قطر على نفسها وقدمت للعالم صورة زاهية ولوحة جميلة أبهرت الجميع … والإبداع هو الإرادة التي يترجمها الإنسان فعلاً على أرض الواقع.
عندما أطل الأمير الوالد حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلتهبت الأكف بالتصفيق والحناجر بالهتاف فهو أمير التحديث الذي وضع اللبنات الأولى لهذا الصرح العملاق والذي كان وراء الحدث منذ تتويج قطر بإستضافة بطولة كأس العالم عبر مايزيد عن عقد من الزمان, وبالتحديد في عام 2010, وطيلة تلك السنوات حتى شروق شمس العشرين من نوفمبر عام 2022 موعد افتتاح البطولة ظل سموه وراء كل الخطوات التي جسدت الحلم واقعاً على أرض قطر.
وحيا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الجماهير التي إمتلاء بهم استاد البيت الذي هو عبارة عن خيمة تضم العرب وكل صنوف البشرية مع تعدد أعراقهم ليعطي شارة البدء للإنطلاق مؤكداً أن هذا الحدث فرصة للتلاحم والإتحاد والإئتلاف بعيداً عن الكراهية وازدراء الآخر, وأن قطر تقدم هذا الأنموذج هدية لشعوب العالم وللبشرية.
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”
بهذه الأية الكريمه شارك غانم حمد المفتاح الطفل القطري المعجزة في حفل افتتاح المونديال وحاور الممثل الأمريكي الشهير مورغان فريمان وقائلاً أن الجميع مرحب بهم في هذه الخيمة مضيفاً أن مايجمع البشر أكثر مما يفرقهم داعياً للتوحد والألفة والتحابب, مشيراً إلى أن استاد البيت يسع الجميع.
أحداث مونديال قطر تحتاج إلى صفحات وصفحات لتستوعب كل وقائعها الصغيرة والكبيرة، ولعل أبرز هذه الأحداث أن المونديال بدأ عربياً بقوة وجسارة بعد فوز المنتخب السعودي على منتخب الأرجنتين المرشح بقوة للفوز بالكأس وتلى تلك النتيجة المشرفة تعادل منتخبين عربيين تونس والمغرب على منتخبين كبيرين هما الدنمارك وكرواتيا.
“الله ياعمري قطر” هذه الأغنية التي غطت السماء القطري في ثمانينات القرن الماضي ستعود من جديد أغنية يهتف بها الجميع عرباً وعجماً وبكل لغات الدنيا … فالإنجاز القطري والمفاجات المفرحة مازالت تعبق سماء البطولة وما زالت الجماهير عطشة لمزيد من التوهج والإبهار.
التحية والتقدير والتجلة لكل من ساهم في انجاح هذا العرس العربي العالمي وتحية خاصة لسمو الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني المبعوث الخاص لسمو الأمير المفدى الذي يضع بصماته العميقه في كل جدران قطر وفي كتارا الحي الثقافي الذي أصبح منارة شاهقة تشع فكراً وضياءاً وفعاليات متنوعة، كما تبقى بصمات حضرة صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند جلية وظاهرة للعيان دون اغفال جهد كل أنجال حضرة صاحب السمو الأمير الوالد وليحفظ الله الجميع فقد أصبحوا مشاعل خيراً في سماء قطر متمنين مزيداً من العطاء في كافة الحقول والمجالات وليحفظ الله قطر من كل مكروه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى