مكانة المرأة ما بين التاريخ و الواقع ,, تمثلاً في شخصية الملكة و زينب بلال. مسعدة اليامي / السعودية
الواقع أن السرد في الرواية أشبه باللوحة الفنية التي تُغْريك في اقتنائها لما تَمْتلك من فِتْنة الألوان .. التي تُثير بِدَاخِلك الأسئلة.
ألوان الرواية المتعددة تَسحركَ لدرجة أنكَ لا تَمْتلك القُدرة عَن التًوقف عن قراءة ذلك النتف المتساقط على أرض ساخنة بالتاريخ,و الواقع الفاتن رغم مرارة الحياة.** الألوان التي أقصد هي المواضيع المتشعبة .. التي تطرق لها الروائي أثناء الرواية.
المشكاة التي تُنير لك الطريق ,و التقدم في قراءة الرواية هي الأحداث المتواصلة التي لا تعرف الانقطاع ,رغم كثرة الانعطافات التي تجدها في كل بضعه من السطور.. تلك المنعطفات التي تزيدك فتنة بجمال الرواية التي رسمت بحرفية عالية.
تمكن الكاتب في التنقل من حدث إلى حدث بموضوعية و في وقت وجيز دون أن يخل ذلك بالعمل ,فإنما يحتاج منكَ التركيز,و التأمل حتى لا تتسرب منكَ تفاصيل الأحداث الكثيرة الموجزة و تلك هي البراعة في العمل .
فالكلمة أو العبارة التي وضعها على لسان الشخصية حدث قد يقرأ لوحدة في سطور و الجميل في العمل أن الروائي ربط مكانة المرأة و قوتها ما بين التاريخ المتمثل في قصة الكنداكة و ما أَقْدْمت عَلِيهِ من استدراج القائد الاسكندر .. الذي طمع في ثروات بلادها بالحيلة.و تلك تعد من الوثائق التاريخية الشهادة على قدرة,و ذكاء المرأة في تلك الحقبة الزمنية, تعرفت مسبقاً على الكنداكة من خلال الطفلة هديل أنوار من السودان ,بطلة تحدي القراءة العربي لعام 2019م عندما تحدثت بذلك للجنة التحكيم ,و قدمت ذلك الرمز هدية لدكتورة بروين حبيب, و السبب في ذلك أن اللجنة طلبت من المشاركين التحدث عن رمز من رموز بلاد كل مشارك.
قَدرتُ بَعد ذَلك أن الروائي يَبحث أو يناشد عن دور المرأة الرمز من خلال المرأة السودانية في الواقع الحالي ,فكانت شخصية زينب بلال ما بين مد وجز في الحيلة التي تريد بها أن يكون لها حياة مستقرة ,بعدما أصبحت أرملة و هي أم لـ (13) من الأولاد و البنات.
كانت تلك هي ساحة الكاتب التي لعب بداخلها من خلال الشخصيات الكثيرة .. والتي مرر عَبر ألسنتها الكثير من المشاكل,و القضايا على شكل تقاطع ,و من تلك المشاكل الاجتماعية ( الزواج العرفي,السحر, السيطرة على الأبناء في سن البلوغ) ذلك هو الشق الأول, أم الشق الثاني ما حدث نتيجة الأوضاع السياسية المضطربة, بكثرة الفساد,و الغلاء ,و البطالة و غيرها ,فما كان هناك أمام الكاتب إلا أن يصنع الحيلة في حياة الشخصيات حتى يتمكنوا من المضي قدوما في العمل السردي, و من الإسقاطات العميقة التي راقت لي كثيراً (الإلهاء)ألهاء الناس بالمباراة و متابعتها حتى تشغلهم ,و تلهيهم عن واقع السياسة وتلك حقيقة,ما تطرق لها إلا خبير صحفي متابع للأحداث,ليس في السودان فقط ,بل في الوطن العربي.
الجميل في الرواية أن الشر فالإنسان, ليس طبيعة أو فطرة أنولد بها و أنما الظروف هي من تدفع إلى ارتكاب بعض الحماقات,فوجدت نفسي أتعايش مع طبيعة متزنة لزينب ,و ابنتها فاطمة التي كانت تريد من المرأة أن تترك الاهتمام فقط بالحناء,و أن تشتغل بما هو من وجهت رأيها الأهم.
رواية رسام المملكة للروائي القدير صديق الحلو الواقعة في (85) صفحة من النوع القصير العميق ,المكثف بالأحداث ,و لن أنسى أن أقول أن شجرة النيم خلدت في الرواية السودانية الحديثة, فكأنها أسم الأب المتاخم لاسم الابن .. الذي لا يستطيع أن يمر من أي مكان بدونه و تلك أصالة نابعة من القلب,كونها توجد نفسها في أي مكان في الرواية السودانية .
و لا أغفل عن أن الكاتب أيضاً لوح بدور السينما و ما تقدم من أعمال ما بين التسلية و إلباس الشريحة المهمشة أو ما يقال عنها بسيطة التفاعل و الانغماس في متعة ما يشاهد حد الضياع و الشتات الفكري و النفسي و الضعف الجسدي أو الثورة الجسدية,فتزيد من بؤس البؤساء بؤس, ليظلون في ذات الدائرة يتحركون ,دون أن تلمس جباهم ضوء الأمل بالشروق بحياة أكثر استقراراً .
و شكرا لكم.