الأعمدة

وان رحلت فسيظل مشروعها حيا .

عبرت عالم الفن سريعا كظل الطير خطا ومن ثم ذهبت بلا استئذان وكأنها نسمة سجلت ذكراها محفورة في مساحات الانفاس وبراحات العيون و مجالات الأسماع .
لم تكن الفنانة الشابة شادن مطربة فحسب تبحث عما يطلق عليه أهل الطرب (بالعدادات ) أو التكسب من الاستعراض بالإثارة و لا هي مغنية تخنق اللغة بالعبارات السوقية التي تخدش الذوق و تثير الاسمئزاز !
ولكنها كانت عصفورة تنشر بأجنحة أصالتها دعوة المحبة و توحيد كل اهل السودان على صعيد التألف مع تراثهم دون تحيز جهوي أو تمترس قبلي ..وكانت تحمل تلك الرسالة بإيمان وطني صادق لتقرأها على العالم بلسان كل اهل السودان ..وتعرف الناس بهويتها وهي تفتخر بأن عندها من الموروث ما يتجاوز الحدود الإثنية الضيقة وينفتح على كافة أطراف الوطن ليحضن بين دفتيه مستقبلا رسمته هذه الفنانة التي تجلت روعتها بجدارة وكفاءة رغم قصر مشوارها وقد قطعته بقناعة رسخت له في سفر التاريخ الحديث للفن السوداني الاصيل والمفيد للأجيال القادمة مثلما كان مدرسة تراثية فصولها الاعتزاز و شهادتها التباهي بجمال زخرفه ونضارة حواشيه .
فإن ذهب شباب شادن احمد حسين باكرا إلى باري الأرواح ومستودعها فقد تركت مشروعا لن يموت إذ طاشت عنه تلك الطلقة اللعينة التي اختطفت جسدا ديدنه الفناء منذ الأزل والى يوم البعث ولكن الذكرى تبقى ما بقى العمل الجيد يتجدد مع تعاقب الأزمان
وداعا ايتها الجميلة فكرا و الأنيقة عملا ..وقتيلة عبث الذين
يستهترون بامن الاوطان وحياة الإنسان بحثا عن الخلود المستحيل. .قاتلهم الله الذي نسأله أن يتقبل هذه الفتاة الطيبة في واسع رحمته و يدثرها بوافر غفرانه ويربط على قلوب ذويها و محبيها ويقتص لهم من قتلتها الإثمين في الاولى والاخرة .
وانا لله وانا اليه راجعون .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى