الأعمدة

رؤى متجددة : أبشر رفاي / الشهيدة شادن بت طمي التي توسدت الباردة

????التعارف آية كريمة والتعرف على الأشياء والشخوص سنة ماضية وقيمة إنسانية نافذة . الشهيدة شادن محمد حسين جمعتني بها ولأول مرة والأخيرة الصدفة البحتة عن طريق مشاركتنا معها في برنامج أسرة اليوم الرابع في عيد رمضان قبل الماضي بالفضائية السودانية الإعلامية المعروفة ملاذ مدثر ابوضراع مبدعة البرنامج التوثيقي الميداني الشهير ( يلا نسافر )
اذكر جيدا مع بداية فقرات الحلقة كنت على وشك الوقوع في حرج ثقافي فني وذلك بطلب أغنية المحبوب التراثية المسموعة على إيقاع الجراري بإعتقاد خاطئ بأنها من أغنيات شادن ولكنها للمبدعة إنصاف فتحي ، فنجوت بإعجوبة من الحرج ، ولكن مع بداية الفقرات الغنائية فاجأتنا الحكامة شادن وهي في كامل أناقتها اللافتة فاجأتنا بباقة من الاغنيات التراثية من العيار الثقيل والمختارة بعناية الأولى دارفورية والثانية عن رمزية الإبل وتراث الأبالة عموما نظم الأعلامي الكبير يحي حماد ( إلبل عملن جوطة ) وإسم الإلبل هو الإسم المفضل لمجتمع الأبالة ولا يحبذون مسمى الجمال ( أفلاينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) .
نأمل أن تعاد تلك الحلقة التراثية المهمة التي أبدعت من خلالها شادن وإدارتها وفرقتها المتمكنة المتجانسة أبدعت أبداع المودع للحياة وقد كان . عاد عيد رمضان هذا العام والتعاسات تلف الجميع تعاسة الحرب اللعينة تعاسة حال المواطنين تعاسة الإستشهاد المفاجئ لشادن يعني بالتراثي كده ( أنا في البير وقع فيني فيل ) .
إكتشفت من خلال تلك الحلقة الفنية التراثية بأن شادن محمد حسين ليست مجرد فنانة بالمفهوم التقليدي ، شادن شخصية في درجة عالية من العلم والثقافة بل أعمق من ذلك حينما لاحظتها وكثير من المشاهدين أثناء مداخلاتها وتعليقاتها بأنها تقوم بطلعات فكرية سياسية ثقافية مركزة تجاه قضايانا الوطنية العامة ، وفي مجالها الفني تجيد شادن من منظور فكري فلسفي تجيد الغنا وفن الغنا وفكره كذلك ( عازة في هواك ) بجانب حفظها للتراث على أصوله وتفعيله وتجسيده وتجسيره على صعيد المثاقفة والتبادل الثقافي .
من رأي شادن حسبما فهمنا من حديثها كل من يود أن يتعاطى ويتعامل مع الفن من منظور تراثي عليه أن يتقنه أولا من باب أن الإنسان إبن بيئته ، ومن غير الصحيح أذا كان هناك من يغني تراث جهة من الجهات أن يدمغ بالجهوية والعنصرية وخلافها من أشكال الأحكام المسبقة التي يصدرها البعض ظلما بحق الآخرين ، بالعكس تفضل شادن بأن كل مبدع تراثي أن يبدأ بمنطقته ومن ثم يسعى للتواصل والتشبيك مع الأخرين على سبيل الإثراء الثقافي والمثاقفة .
اهمية الفكرة تضمن سلامة وسلاسة وتسلسل الأصول الثابتة ومنقولات الأعمال التراثية والثقافية على مستوى المواعين التعبيرية اللغوية ودقة المعاني وسحرها وربما سعرها كذلك ، وهذا كفيل بمنع كافة أشكال التزوير والتحريف والتجريف والتلاعب في وبالنصوص التراثية كما الحال في كثير من اغاني الحقيبة والتراثيات الشعبية السودانية التي شكلت ولا زالت تشكل البنيات التحتية والمرجعيات الفنية لحاضرنا ومستقبل منتوجاتنا الفكرية والفنية والأدبية ( المارشات العسكرية والأعمال الأدبية الفنية الحماسية ، الراجل الحمش فوق الجمر بمش بخلي ذكرى زينة ) .
من المقالب التي شربتها في تلك المناسبة التراثية التي جمعتني والحكامة شادن كنت مرتديا زيا افرنحيا بالكامل كما لو ذاهب إلى محاضرة او مناظرة وذلك لعدم علمي المسبق بطبيعة البرنامج في الوقت الحكامة شادن ومقدمة البرنامج ملاذ حضرن في كامل أناقتهن التراثية ولو علمت أن البرنامج تراثي بتلك الصورة لعملت على تكييف نفسي وهيئتي مع المطلوبات التراثية كالجرارى الكرنق الدرملي البليل الكيسة البخسة الفنفانج اليانقو الكيتا وأم صلبونج والجبنة والمردوع جنوب النيل الأبيض والمردوم الكردفاني الرقصة الشعبية الشهيرة كما المصارعة السودانية الكردفانية ، ولأحضرت معي ادواته وإكسسواراته الأصلية ، مركوب كازقيلي ابوكرشولاوي منقل ٤٠٠ مسمار ، عراقي تترن سلك سادة ببلين سمني مكويات ببخات السكر لزوم تكسير تنسيق تقعيد المكوة ، عصاة ام جلداي ، فرار بواجهتين ، وعصاة كرتبو تندي وهي عصاة متقلة بصامولة أظنها صامولة قطار او الترماي بيضاء اللون كما الفرار بالضبط ، صفارة ميري او ترماي وتلالات وعاج مشبط في منتصف الذراع وهو عاج إكسسوار مصنوع من عشبة المشبط ، وريش الإضليم نوع من النعام واحدة مثبتة على الجبين والتانية على راحة السكين سكين مقنطرة مكركرة القنطرة غطاء من الفضة النقية يوضع اعلى السكين والكركار زيت بلدي معطر ود عم الخمرة والروراو التربلول والمجموع ود عمهم لزم له عدة إستخدامات منها لتعطير السكين ودرء الصدأ الصدأ هذا النوع من السكاين لايجوز الذبح والسلخ به على الإطلاق ومن أدوات المردوم الدندور وهو إسم الدلع المرادف لإسم الكشكوش ، الدندور هو السعف الذي يصنع منه البروش والحبال وهو منتوج غابي متوفر بجودة فاخرة بكثير من مناطق السودان وجنوب كردفان منها منطقة الدندور ومحلية الليري الملقبة ( بالكريس كمل نومك ) هذه الأدوات التراثية وغيرها من أدوات تنوعنا التراثي الثقافي لم تفارقنا طوال مراحلنا الدراسية الجامعية وفوق الجامعية والمدنية وفوق المدنية ، لأننا ندرك بوعي ثقافي متقدم بأن التراث هو الختم البارز للشعوب حذر الإستلاب الثقافي وطمس وتعويم الماهيات والهويات ..

الحكامة شادن وهو اللقب التراثي الذي تفضله على لقب الفنانة فاجأتنا بأجادتها للعب المردوم على اصوله وهكذا تقال المفردة تراثيا لعب المردوم وليس رقصته ده كلام مدن ساكت ساي ..
الحكامة شادن لعبت المردوم على أصوله في تلك السهرة ، بلزماته الأيقاعية عند البنات ، كالتشبيل الإيقاعي الثابت وهو رمي الشبال عن يمين وشمال بتحريك الرقبة خلاف شبال العرضة والتمتم ، وإيقاع نعام جفل ، ووزين عام ، وتجي تجي ، وقمري كتل هد بمعني نزل حيث يريد بكثافة ، وعند الصبيان وهي مفردة تراثية يعنى بها الشباب والصبي الداقس رجل أربعيني ناضج عكس مفهوم الكلمة عند مجتمع المدن هؤلاء جميعا يفصلون المردوم على أصوله وتفاصيله مثل كمشة سادة ومقطعة ومشكلة ، والتدلي شراب الموية هي عبارة عن حركة إستعراضية مهارة فردية ثنائية ذكية يفعلها الشباب أمام البنات ، ومن رقصات المردوم التراثية التي تعرضت للتجريف والتحريف الثقافي كرفاي ام ضل ، والبلابل ، وجبون ابولستك وأبو لستكين ، وأم زايدة قناش ، ومسيري ، وحاجة كافرا حاجة فلاتية ، وعجمي دفن العجوز ، وإلى آخره اللهم ارحم الشهيدة شادن محمد حسين بت طمي التي توسدت الباردة أرحمها رحمة واسعة وألزم ذويها الصبر وحسن العزاء ، والصبر جبر كمايقولون ، ومفردة بت طمي تقابلها ول ضمي وأحيانا تقال ولضم ساي خاصة عند الأمهات وهي مفردة تراثية إستخدمتها معاي الشهيدة شادن في الحلقة التراثية أكثر من مرة وكنت جاهزا ولدينا المزيد بمغلاة التراث المحلي والمغلاة او المغلاية ماعون جلدي ومنسوج متعدد الاستخدامات منها يعلف عليه بنات سعدان وهن الصافنات الجياد ، ومفردة توسدت الباردة بمعنى رحلت وبمعنى آخر وضعها ترقيدها على يمناها حيث القبر وتوسيد الميامن في ثقافة الوسط الشعبي المحلي تفاؤل إيماني بطيب المرقد وثرى الأجداث ….

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى