ليس للفوضى اخلاق !
الإنسان هو الانسان في كل زمان ومكان على اختلاف درجات وعيه و ثقافته ولغته و لون بشرته وحتى دينه ..فقد لا تخلو نفسه من تنازع الخير والشر فيصبح لكلتا الميزتين اوانها ..فتتلاشي الحدود الجغرافية مهما كانت متباعدة في تنشيط فعل الخير لإغاثة انسان ما لاخيه الإنسان في زمن الكوارث والحروب وخلاف ذلك وبينهما قارات تعبرها اجنحة الاخاء بلا كلل او ملل.
ولكنه يتساوى ايضا في تفعيل الشر داخل نفسه مع تباين الدوافع ..فيصبح الفرنسي المشبع بالثقافة الاوروبية بكل مافيها من قيم الديمقراطية السياسية والحريات العامة ورفاهية الحياة الاجتماعية وتساوي الناس الى درجة نسبية ما في المواطنة من حيث الحقوق والواجبات و تحقيق العدالة على الاقل بما هو منصوص عليه في الدساتير و المواثيق والاتفاقات الدولية ولكنه رغم ذلك يتساوى في لحظة احتكام الشارع لقانون الفوضى مع عدم اخلاق الجنجويدي الدعامي المشبع بثقافة المجتمع الرعوي المنقلت واقصد هنا القائم على الصراعات والنزاعات الذي اتخذ قادته من الذرائع السياسية الضحلة مدخلا استغله الجندي المشحون بصغابن اجتماعية فبجنح الى افعال تخطت بكثير ما
يحدث عادة في الحروب من نزال عسكري إلى ما يشبه التشفي الاجتماعي بدوافع طبقية وهمية غرستها فيه تراكمات ليس للمواطن الحضري فيها يد و الذي تشرد بعد ان فقد ارواحها عزيزة. و اموالا ه واملاكا غالية وامتهن عرض حرائره ا الاغلى بدون ي ذنب فيما اختلف فيه جنرالات الطموح السياسي البغيض .
تماما مثلما بتبارى يسار فرنسا للخروج بمكاسب انتخابية و نفوذ نقابي من بين رماد هذه الفوضي التي تنتشرت في ارقى عواصم ومدن العالم ..بينما يسعى اليمين المتطرف لتحقيق هدف في مسالة الحد من طاهرة الهجرة التاريخيةالتي خلقت هذه الاحزمة النارية اللاهبة بالمظالم و التباغض الطبقي والعنصري حول خصور الحضر الفرنسية ..التي تحرقها الان بكل هذا العنف الفوضوي الذي لا يعرف اخلاقا تختلف في المعايير بين الخرطوم و باريس و مرسيليا ونيالا ..ولا في النتائج وان اختلفت في عقلية المعالجات الرسمية الامنية والسياسية و في الحضور الكامل للدولة بكل ادواتها المخصصة لمواجهة مثل هذه الاحداث هناك.
و الغياب شبه الكامل للدولة هنا قيادة وحكومة و التي حملت كل اوزار اخطائها وقصورها البائن للجيش وحده و المغلوب على امره وان كان جنوده ابطالا ولكنهم اكرهوا على قتال الفوضي التي رباها قادته و اكتوى معه الوطن بكل عدم اخلاقها !