وداعاً جوليا السوداني إيرادات واعدة في دور العرض المصرية
استطاع الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» تحقيق إيرادات تخطّت المليوني جنيه (65 ألف دولار) في شباك التذاكر المصري خلال أسبوعين، فجعلته منافساً قوياً للأفلام المصرية في الصالات. فقد حقّق بأسبوع عرضه الأول إيرادات أقل بنحو 80 ألف جنيه (الدولار الأميركي يعادل نحو 31 جنيهاً مصرياً) فقط عن الفيلم المصري «الخميس اللي جاي» لعمرو عبد الجليل، فيما حلّ «وداعاً جوليا» ثالثاً في شباك التذاكر المصري للأفلام العربية بعد فيلم «فوي فوي فوي» الذي عُرض في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وتفوّق على أفلام معروضة منذ الصيف الماضي، منها «العميل صفر».
تتناول أحداث الفيلم السوداني، من كتابة محمد كردفاني وإخراجه، قصة «جوليا» التي تنتمي أصولها إلى جنوب السودان، لكنها تقيم في الشمال قبل الانفصال، وتتسبّب «منى» السيدة الشمالية برفقة زوجها «أكرم» بقتل زوج جوليا، فتبدأ في مساعدتها سعياً للتطهُّر من الذنب من دون أن تُبلغ زوجها، وذلك بإطار اجتماعي لم يخلُ من السياسة خلال الفترة التي شهدت توجّه السودان نحو الانفصال.
العمل الذي حصد جائزة الحرية في مسابقة «نظرة ما» بـ«مهرجان كان السينمائي الدولي»، هو ثاني فيلم سوداني يُعرض في الصالات السينمائية المصرية بعد «ستموت في العشرين» للمخرج أمجد أبو العلا، المنتج الرئيسي لـ«وداعاً جوليا»، بالشراكة مع جهات إنتاجية مصرية، وسعودية، وفرنسية وسويدية
لعبة التوقيت
«ضرورة عرض الفيلم تجارياً قبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من أجل تمثيل السودان بـ(الأوسكار) بجانب عدم مزاحمته لأفلام سينمائية مصرية أو أميركية كبيرة في دور العرض؛ عاملان فرضا على الشركة الموزّعة عرضه في ذلك التوقيت بالصالات المصرية»، وفق الموزّع السينمائي للفيلم علاء كركوتي الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ الفيلم طرح في 9 سينمات في اليوم الأول، ووصل بعد يومين إلى 23 سينما في مواقع مختلفة، وهو ما استمر حتى بداية الأسبوع الثالث.
من جهته، يعدّد الناقد السينمائي المصري أندرو محسن الأسباب التي ساعدت الفيلم على تحقيق إيرادات كبيرة، في مقدّمها «الظروف الصعبة التي تمرّ بها الجالية السودانية في مصر، والحالة الاستثنائية الإنسانية التي يقدّمها الفيلم مع تطرّقه للتحوّل في تاريخ البلاد وانفصال الشمال عن الجنوب، وهي مسألة ليست بعيدة زمنياً وغالبية الموجودين في مصر عاصروها».
ويشير إلى أنّ «الفترة الحالية لا تشهد منافسة قوية في شباك التذاكر بجانب الانقطاع عن عرض أفلام جديدة، بسبب الحرب في غزة التي أثّرت في دور العرض».
«نحو 70 في المائة من جمهور الفيلم سودانيون»، وفق تقديرات مسؤول التوزيع السينمائي للفيلم، والذي يرى أنّ ردّ الفعل الإيجابي في الأيام الماضية دفعت نحو زيادة حضور المصريين والعرب، وحتى الأجانب؛ الأمر الذي دفع إلى الاستعانة بترجمتَيْن عربية وإنجليزية للنسخ المعروضة في
من جهته، يعدّد الناقد السينمائي المصري أندرو محسن الأسباب التي ساعدت الفيلم على تحقيق إيرادات كبيرة، في مقدّمها «الظروف الصعبة التي تمرّ بها الجالية السودانية في مصر، والحالة الاستثنائية الإنسانية التي يقدّمها الفيلم مع تطرّقه للتحوّل في تاريخ البلاد وانفصال الشمال عن الجنوب، وهي مسألة ليست بعيدة زمنياً وغالبية الموجودين في مصر عاصروها».
ويشير إلى أنّ «الفترة الحالية لا تشهد منافسة قوية في شباك التذاكر بجانب الانقطاع عن عرض أفلام جديدة، بسبب الحرب في غزة التي أثّرت في دور العرض».
«نحو 70 في المائة من جمهور الفيلم سودانيون»، وفق تقديرات مسؤول التوزيع السينمائي للفيلم، والذي يرى أنّ ردّ الفعل الإيجابي في الأيام الماضية دفعت نحو زيادة حضور المصريين والعرب، وحتى الأجانب؛ الأمر الذي دفع إلى الاستعانة بترجمتَيْن عربية وإنجليزية للنسخ المعروضة في ضوء عدم فهم البعض للهجة العربية المستخدمة.
ووفق تصريح للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإنّ عدّد الجالية السودانية قبل بداية الأزمة الحالية كان يقدّر بنحو 5 ملايين شخص، فيما تشير التقديرات إلى نزوح أكثر من 200 ألف سوداني منذ بداية الصراع العسكري في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.
ولا ينكر المنتج والمخرج أمجد أبو العلا استفادة الفيلم من الجالية السودانية الكبيرة اليوم في مصر، والتي دفع إقبالها على المشاهدة في الأسبوع الأول إلى زيادة عدد النسخ المعروضة في الصالات السينمائية، خصوصاً مع تردّد بعض مسؤولي الصالات حيال عرض الفيلم نتيجة غياب نجوم بين الأبطال، كما شجّع الاندفاع السوداني المصريين على حضوره، مع تكرّر مشاهدة الجمهور السوداني له برفقة أصدقائهم وعائلاتهم، لمنحه أملاً يحتاجون إليه في وقت فقدوا منازلهم ونزحوا منها.
وشارك أبو العلا مع مخرج الفيلم وعدد من صنّاعه، من بينهم البطلان إيمان يوسف ونزار جمعة، في لقاءات مع الجمهور لم تقتصر على العرض الخاص، لكنها امتدت لتشمل مشاهدات معهم ضمت حفلات ونقاشات لمعرفة انطباعاتهم.
نجاح تسويقي
بجانب استمالة الجالية السودانية الكبيرة في مصر، فإنّ عوامل أخرى أسهمت في الترويج للفيلم، وفق كركوتي، من بينها «مشاركته في مهرجان (كان) وردّ الفعل الإيجابية التي حصدها من الصحافة والنقاد، في إجماع لا يحدث إلا استثنائياً حيال الأفلام المُشاركة في المهرجانات، بجانب تنسيق الدعاية مع شركاء إعلاميين، مع عدم إغفال التواصل مع المؤثّرين في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما بدأ ينتشر مع الإشادة التي لقيها من صنّاع سينما ونجوم في مجالات مختلفة عبر حساباتهم، على غرار المخرج يسري نصر الله».
ووفق محسن، قد لعبت «خطة التوزيع وسرعة الاستجابة بإتاحة الفيلم، حيث يقيم الجمهور السوداني، دوراً رئيسياً في زيادة الإيرادات»، موضحاً أنّ الفيلم حصل على فرصة جيدة تسويقياً منذ طرحه بسبب الدراسة الجيدة من مسؤولي التوزيع لوضع السوق، وزيادة عدد الشاشات بشكل سريع، ومشيراً إلى أنه سجل الإيرادات الأعلى في شباك التذاكر المصري على مستوى الأفلام العربي
ورغم طبيعة الفيلم الفنية، فإنّ الإيرادات التي حققها تُعدّ أفضل من إيرادات الأفلام المصرية الشبيهة، وفق محسن الذي يلفت إلى أنّ «الأفلام العربية التي طُرحت في الصالات المصرية خلال السنوات الماضية لا يمكن القول إنها عُرضت بشكل تجاري كبير، مع اقتصار عرضها على أماكن محدودة، مثل سينما (زاوية)؛ الأمر الذي يعني فتح الباب أمام فرصة التجريب لأعمال أخرى بطرحها تجارياً».
ويتّفق معه في الرأي أمجد أبو العلا الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط» أنّ «النجاح التجاري للفيلم سيفتح الباب لإعادة النظر في مفاهيم تجاوزها الزمن، مثل تصنيف الأفلام بين مهرجانات وأخرى تجارية؛ فالفيلم عُرض في مهرجانات دولية عدّة ونال جوائز، وفي الوقت عينه حقّق إيرادات كبيرة في الصالات السينمائية».
ويأمل أبو العلا أن تسهم الإيرادات التي حقّقها الفيلم في السينمات المصرية بانتشاره خليجياً خلال الفترة المقبلة.