
الخطاب الذي ألقاه الفريق البرهان يشير إلى مجموعة من الرسائل الهامة التي تتعلق بمستقبل السودان السياسي بعد الحرب، وتحقيق الاستقرار الوطني. من خلال تقييم هذه الرسائل، يمكن ملاحظة بعض النقاط المهمة:
- دور الجيش في المرحلة الانتقالية: من خلال حديث البرهان، يبدو أن الجيش يضع نفسه في موقع الحامي للبلاد، ويسعى لتكوين حكومة (تكنوقراط) لإدارة الفترة الانتقالية، وذلك دون تدخل الأحزاب السياسية الكبرى في السلطة بشكل مباشر. هذه الخطوة تهدف إلى وضع السياسات المستدامة التي يمكن أن تساهم في إعادة بناء السودان وتجنب التأثيرات السلبية للصراعات السياسية بين القوى الحاكمة.
- رسائل للمؤتمر الوطني و”قحت”: يوجه البرهان رسائل مشددة للمؤتمر الوطني بعدم المزيادات السياسية والسعي للعودة للسطة مجددا وفي المقابل اشترط على قوى الحرية والتغيير على ضرورة تخلّيهما عن الدعم السريع لكي يتمكنا من العودة إلى الساحة السياسية. وهذا يشير إلى ضرورة بناء الثقة مع المجتمع السوداني وأخذ مسؤولية أخطاء الماضي على عاتقهم.
- مشاركة الجميع في السياسة: دعوة البرهان لجميع الأطراف السياسية (بما في ذلك الأحزاب التي كانت جزءاً من نظام الإنقاذ) للعودة إلى الحياة السياسية، لكن بشروط، مثل عدم الانفراد بالسلطة وفتح المجال للجميع للعمل المشترك. هذه الدعوة تتضمن موقفاً يشير إلى مرونة وفتح باب للحوار بدلاً من التصعيد.
- عدم المزايدات السياسية: ينتقد البرهان بشدة محاولة بعض الأطراف السياسية التلاعب بالأزمة السودانية أو تقديم أنفسهم كضحايا للمزايدات السياسية. في هذا السياق، يشير إلى ضرورة تجاوز تلك المواقف والتركيز على مصلحة البلاد أولاً.
- صفحة جديدة : فتح صفحة جديدة دون أن يتم تكرار السياسات السابقة التي تسببت في انقسام المجتمع السوداني وزيادة الاستقطاب بين الفرقاء السياسيين.
- إعادة بناء السودان: برغم الانتقادات الموجهة للمؤتمر الوطني و”قحت”، فإنه يلفت النظر إلى ضرورة وحدة الشعب السوداني والعمل على إعادة بناء الوطن الذي دمرته الحرب، ويحتاج ذلك إلى الابتعاد عن الخلافات السياسية السلبية والتركيز على المستقبل.
- التوجه نحو الانتخابات: الرسالة الأهم التي تؤكد عليها تصريحات البرهان هي حتمية العودة إلى الانتخابات كحل جذري لتحديد شكل الحكومة بعد الفترة الانتقالية والدعوة تترجم إلى ضرورة أن يتفق الجميع على قوانين الانتخابات ويساهموا في صندوق الاقتراع.
في المجمل، يظهر خطاب البرهان كدعوة للانتقال من مرحلة التناحر السياسي إلى مرحلة التسوية الوطنية، وهي خطوة قد تكون مهمة في تشكيل مستقبل السودان بعيداً عن أزمات الماضي.