رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

هل أخطأ د.عبد الله حمدوك قائد مجموعة صمود حين أصر على موقفه الداعي #لوقف الحرب العبثية حتى اغتاظت منه خارجية بورتسودان.؟

✍️ المستشار/مهيد شبارقة…
في أزمنة الحرب حين تختلط الأصوات،
ويعلو هدير المدافع والطائرات الحربية على نداءات الحكمة يصبح التمسك بموقف عقلاني بمثابة فعل مقاومة.د هذا ما يمكن أن يقال عن الموقف الثابت الذي تبناه د/#حمدوك رئيس الوزراء السوداني الأسبق وقائد مبادرة صمود والذي دعا فيه وبإصرار لا لبس فيه إلى وقف الحرب العبثية الدائرة في السودان ووقف العبث الذي يهدد بانهيار الدولة السودانية وتشظيها إلى كانتونات إثنية ومناطقية.
اولا:#موقف واضح لا يتزحزح:
منذ انطلاقة المبادرة لم يتردّد د.حمدوك في التعبير عن قناعته بأن هذه الحرب (#لا يوجد منتصر فيها بل كل أطرافها مهزومون #والخاسر الأكبر هو الوطن والمواطن).
فموقفه جاء ضمن مسار سياسي وفكري متسق منذ كان على رأس الحكومة الانتقالية حيث كان دائم الحديث عن أهمية بناء السلام والدولة المدنية ورفض عسكرة الحياة السياسية وفي بيانه الأخير شدد على أن الحرب المستمرة لن تنتج سوى مزيد من الدم وأن على السودانيين أن يبحثوا عن أفق وطني جديد يجنب البلاد مزيدا من الانهيار.
ثانيا:#ردود الفعل بورتسودان تغلي: فما أن صرح د/حمدوك في إحدى اللقاءات الدولية بتلك العبارات التي حملت في طياتها نقدا مبطّنا #لأداء الحكومة الحالية المتمركزة في بورتسودان حتى خرجت الخارجية السودانية هناك (#والتي ينظر إليها على نطاق واسع كممثل سياسي للعسكر والداعمين الإقليميين) ببيان شديد اللهجة واصفة تصريحاته #بـالخذلان والمزايدة السياسية.
فبدا واضحًا أن هذه التصريحات أصابت جهة ما في الصميم #فما الذي أغضب خارجية بورتسودان..؟
#هل كان لمجرد الدعوة لوقف الحرب..؟
#أم أن ما أزعجها فعلا هو إصرار د. حمدوك على توصيف الواقع كما هو لا كما يراد له أن يسوق:
#أن الحرب عبثية وأن استمرارها مدمّر؟
#فلماذا تثير دعوة للسلام كل هذا الغضب..؟
منطق الأشياء يقتضي أن تكون دعوات وقف الحرب محل ترحيب لا توجس. ولكن في سودان اليوم حيث أصبح الاستقطاب سيد الموقف ومع أو ضد هي القاعدة التي يبنى عليها التقييم
فإن المواقف المبدئية مثل التي يتبناها د.حمدوك توصف بالتهديد السياسي لا بالرؤية الوطنية.
ثالثا: #الحكومة المتمركزة ببورتسودان تسوّق نفسها باعتبارها #الشرعية الدستورية رغم أنها لم تنبثق من انتخابات ولا تفويض شعبي بل من اقلاب قاد البلد لحرب والنزوح محمدة وتعتبر أن الدعوة لوقف الحرب خارج إرادتها تقويض لسلطتها وهنا تكمن المفارقة:
ففي الوقت الذي تحولت فيه الحرب إلى أداة حكم صار السلام تهديدا وجوديا.
#فهل أخطأ حمدوك إذا..؟
إذا كان الخطأ هو الإصرار على المبدأ فإن د.حمدوك أخطأ.
#وإذا كان الخطأ هو الامتناع عن الاصطفاف مع طرف على حساب الوطن
فقد أخطأ.
#وإذا كان الخطأ هو التمسك بالمدنية والديمقراطية حين تجتاح المليشيات والمؤسسات العسكرية البلاد فقد أخطأ.
لكن من زاوية وطنية صافية فإن الرجل حتى وإن اختلف معه البعض في توقيت الطرح أو مساراته ظل ثابتا في موقعه الأخلاقي محافظا على صوت العقل في بحر من التناحر والتخوين والدماء.
#فماذا يعني موقف صمود للسودانيين؟
ان مبادرة صمود التي يقودها حمدوك وإن كانت لا تملك جنودا ولا سلاحا لكنها تملك ما هو أقوى:
الرمزية السياسية والموقف المبدئي في وقت اختلطت فيه الحسابات وتحول السلاح إلى لغة التفاوض الوحيدة.
فالدعوة لوقف الحرب ليست دعوة للاستسلام بل لبناء وطن لا تحكمه فوهات البنادق لذا موقف صمود لا يطلب تسويات ترضي الأطراف المسلحة فقط بل يبحث عن تسوية وطنية تعيد للسودان معناه الجامع.
خاتمة: #النيران لا تطفئ النيران
في زمن يصنّف فيه كل من يدعو للسلام بالخائن ويعدّ الصمت حكمة والاصطفاف مع القوة نوعًا من الحنكة يختار د. عبد الله حمدوك طريقًدا آخر طريقا محفوفًا بالتشكيك لكنه في نهاية المطاف طريق الخلاص.
#وقد قالها من قبل:
لن يربح أحد من هذه الحرب فالذي ينتصر فيها سيجد نفسه يحكم ركاما من الخراب وشعبًا ممزقًا فلعلّ من اغتاظ اليوم من نداء صمود سيصحو غدًا على صدى مقولته وقد تحولت إلى نبوءة

زر الذهاب إلى الأعلى