
يصعب علي كثير من المواطنين فهم قرارات المحاكم المختلفة، وخاصة في القرارات الخاصة ببعض المصطلحات مثل *رفض الدعوى، أو رفض الدعوى بحالتها، أو عدم قبولها، أو قبولها*، وعادة ما يفهم البعض *ان القضية قد انتهت، وهذا غير صحيح دون فهم قرارات المحكمة.*
ويمكننا التفرقة بينهما كما يلي:
1.*حيث أن رفض الدعوى* يعنى أن المحكمة بحثت في موضوع الدعوى وتبين عدم أحقية المدعى في ادعائه، أي لم يثبت حقه في الدعوى و لم يستطيع المدعى إثبات دعواه، مثال: عدم اكتمال المستندات الدالة على الحق. أو أن المحكمة ترى أن هناك أسبابًا قانونية تمنع النظر في القضية، *مثل عدم الاختصاص أو عدم وجود أدلة كافية* . وهنا ترفض النظر في الدعوى شكلا ولا ترفضها موضوعا. وهو ما يعني أن المحكمة رغم علمها واقتناعها بأن هناك قضية لكنها لا تستطيع النظر فيها لعدم اختصاصها.
2.وهناك *الحكم برفض الدعوى بحالتها*، وهذا يكون له حجية مؤقتة، ولا يمنع من رفعها مره أخرى حيث أن الحكم برفض الدعوى بحالتها، لعجز المدعي عن إثبات دعواه، أو لعدم تقديم مستنداته، أو لعدم سداد أمانة الخبراء أو ما إلى ذلك، فهذا حكم وقتي، وله حجية مؤقتة ومرتبط بالحالة التي رفعت فيها الدعوى، فلا يجوز إعادة رفعها من جديد ما دامت هذا الحالة قائمة ولم تتغير، ولكن يجوز رفعها مرة أخرى عند تغير الحالة وذلك بتوافر الدليل أو العثور على المستندات المؤيدة لموضوع الدعوى.
3.*أما عدم قبول الدعوى*، يعد دفع من الدفوع الشكلية ويجب أن يدفع به المدعى عليه قبل إبداؤه للدفوع الموضوعية وإلا سقط حق المدعى علية في طرحة أمام المحكمة والحكم بعدم قبول الدعوى تعنى عدم نظر المحكمة لموضوع الدعوى من الأساس، مثال المواعيد القانونية أو الإعلان.
4.*بينما قبول الدعوى* يعني أن المحكمة ترى أن الشروط القانونية متوافرة وأن القضية تستحق النظر فيها، مما يؤدي إلى السير في إجراءات المحاكمة.
والان لننظر في قرار محكمة لاهاي – والتي قضت اليوم، *بعدم اختصاصها* للنظر في القضية التي رفعتها جمهورية السودان ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، والمتعلقة باتهامات بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية. *وهذا يدخل ضمن مصطلح رفض الدعوي*، وهو يعني ان المحكمة لم تتحدث عن القضايا الموضوعية للقضية، وإنها لم تُقيم الأدلة أو تُصدر حكمًا بشأن الحقوق والالتزامات المتعلقة بالنزاع الأساسي. وبدلاً من ذلك، فان الرسالة التي ترسلها المحكمة وراء هذا الحكم هي *أن الدعوى لم تُقدم بالشكل الصحيح وفقًا لقواعد الإجراءات القانونية المعمول بها*، ولذا جاء حكمها شكلا بعدم اختصاصها في نظر الدعوة.
ولذلك *اضافت المحكمة فقرة في غاية الأهمية* وهي *أن تحفظ الإمارات على المادة التاسعة من الاتفاقية، والتي تمنح المحكمة ولاية النظر في النزاعات بين الدول الأطراف، يحول دون اختصاصها في هذه القضية* ، *وتؤكد المحكمة أن هذا التحفظ لا يعفي الدول من التزاماتها الجوهرية بموجب الاتفاقية* .
*ماذا يعني هذا!! يعني ان حكومة السودان محقه في قضيتها، وانه تقع على الإمارات مسؤولية وفق ذلك، وعلى السودان ان يبحث قضيته من باب أخر تتوفر فيه لمحكمة العدل الدولية الاختصاص*.
*والله تعالى أعلم، وهو المستعان*