” عدالة السماء تنتصر لصن داونز: الفار والجدل التحكيمي يطيحان بأحلام الأهلي في الوصول إلى نهائي أبطال أفريقيا”

بقلم : معاوية أبوالريش
” اللقطة المثيرة للجدل التي غيرت مصير المباراة”
في مشهد درامي يلخص تناقضات كرة القدم وعدالتها المؤجلة، شهدت مباراة الإياب في نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي المصري وصن داونز الجنوب أفريقي جدلاً تحكيمياً واسعاً بعد رفض الحكم الموريتاني دحان بيده احتساب ركلة جزاء واضحة لصالح الفريق الجنوب أفريقي، قبل أن تتدخل “عدالة السماء” في الدقائق الأخيرة لتمنح صن داونز هدفاً ثميناً يؤهله للنهائي القاري.
تفاصيل الواقعة بدأت عندما استدعى حكام تقنية الفيديو المساعد (الفار) بقيادة الإثيوبي باملاك تسيما ومساعده الرواندي، الحكم الرئيسي دحان بيده لمشاهدة لقطة عرقلة ياسر إبراهيم لمهاجم صن داونز. مجرد استدعاء الحكم لمشاهدة اللقطة كان يشير بوضوح إلى قناعة طاقم الفار بوجود مخالفة تستحق ركلة جزاء.
لكن المفاجأة كانت في قرار بيده الذي استغرق وقتاً طويلاً في المراجعة، وبدا التردد واضحاً عليه، قبل أن يقرر عدم احتساب ركلة الجزاء واستمرار اللعب، في خطوة أثارت استغراب المراقبين والمحللين.
“عدالة السماء تتدخل في الوقت القاتل”
كأنها رسالة من القدر، جاء الرد في الدقائق الأخيرة من المباراة حين سجل صن داونز هدف التعادل بمساهمة غير مباشرة من ياسر إبراهيم نفسه – اللاعب الذي ارتكب المخالفة المثيرة للجدل. وولجت الكرة شباك محمد الشناوي معلنة تعادلاً بهدف لكل فريق، وهي النتيجة التي كفلت للفريق الجنوب أفريقي بطاقة التأهل إلى النهائي لملاقاة بيراميدز المصري.
” اعتراف من القلب الأهلاوي”
في لفتة تعكس الروح الرياضية، أقر كابتن الأهلي السابق وائل جمعة خلال الاستوديو التحليلي بصحة ضربة الجزاء التي لم تُحتسب لصن داونز. وتكتسب شهادة جمعة أهمية خاصة لكونها صادرة عن شخصية أهلاوية بارزة، كما أنها جاءت بعد خروج الأهلي من البطولة، مما يؤكد مصداقيتها.
ويبقى السؤال: هل كان سيعترف جمعة بصحة الركلة لو انتهت المباراة بفوز الأهلي؟ سؤال يطرح نفسه في سياق معادلة التحكيم والضغوط الجماهيرية في البطولات الكبرى.
” الضغط الجماهيري وتأثيره على قرارات الحكام”
يثير هذا الموقف التساؤل حول تأثير الضغط الجماهيري على قرارات الحكام، خاصة في المباريات الكبرى التي تشهد حضوراً جماهيرياً كثيفاً. فهل تأثر الحكم الموريتاني بهذا العامل وخشي من ردة فعل جماهير الأهلي في حال احتسابه لركلة الجزاء؟
لا شك أن مهمة الحكم تزداد صعوبة في أجواء مشحونة، والفصل بين العدالة التحكيمية والضغوط المحيطة يمثل تحدياً كبيراً، حتى مع وجود تقنية الفار التي يفترض أن تقلل هامش الخطأ البشري.
” تكرار السيناريو: أخطاء تحكيمية تغير مصير البطولات”
ليست هذه المرة الأولى التي تلعب فيها القرارات التحكيمية دوراً محورياً في تحديد مصير الفرق في البطولات الكبرى. فتاريخ كرة القدم الأفريقية حافل بمواقف مشابهة أثارت جدلاً واسعاً.
وتزداد المشكلة تعقيداً في ظل تفاوت مستويات التحكيم في القارة السمراء، وكثرة الاتهامات – سواء كانت واقعية أو مبالغاً فيها – بالانحياز لصالح أندية معينة، خاصة تلك التي تمتلك تاريخاً عريقاً وجماهيرية واسعة.
” مستقبل التقنية التحكيمية في أفريقيا”
يطرح هذا الحدث تساؤلات حول مستقبل التقنية التحكيمية في أفريقيا، وكيفية تطوير منظومة الفار لتكون أكثر دقة وحياداً. فمجرد وجود التقنية لا يضمن العدالة، بل الأهم هو كيفية استخدامها والالتزام بمعاييرها.
كما يسلط الضوء على ضرورة تطوير برامج تدريب الحكام في القارة، وتعزيز استقلاليتهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات الصحيحة بعيداً عن أي مؤثرات خارجية.
” نحو نهائي أفريقي مصري – جنوب أفريقي مثير”
بغض النظر عن الجدل التحكيمي، فإن البطولة تتجه نحو نهائي مثير بين بيراميدز المصري وصن داونز الجنوب أفريقي، في مواجهة ستجمع بين قوتين من قطبي الكرة الأفريقية حالياً: مصر وجنوب أفريقيا.
يسعى بيراميدز لتحقيق إنجاز تاريخي في مشاركته القارية، بينما يتطلع صن داونز لتأكيد هيمنته على الساحة الأفريقية في السنوات الأخيرة. وسيكون النهائي فرصة للكرة المصرية للاحتفاظ باللقب القاري، ولكن هذه المرة عبر ممثل جديد.
“درس في العدالة الكروية”
تقدم هذه الواقعة درساً بليغاً في عدالة كرة القدم التي قد تتأخر، لكنها نادراً ما تغيب تماماً. فما لم يتحقق عبر صافرة الحكم الموريتاني دحان بيده ، تحقق بقدم لاعب وكرة معكوسة غيرت مصير مباراة ورسمت طريقاً جديداً نحو منصة التتويج.
ويبقى التساؤل مشروعاً: هل كانت “عدالة السماء” هي الحكم الحقيقي في هذه المباراة؟ وهل سيشهد النهائي المرتقب مستوى تحكيمياً يليق بأهمية الحدث وتاريخ المسابقة؟