
رشا عوض
حكم الاستاذ جعفر خضر بان قحت شريكة في جريمة فض الاعتصام لانها قالت بالامكان العفو عن الحق العام وحاولت تقنينه! هذه ليست المشكلة ! المشكلة ان من يصدر هذا الحكم يصطف الان في خندق قتالي واحد خلف الطرف المسؤول مباشرة عن الجريمة ودم الشهداء يتقطر من اصابعه وعار القيادة العامة التي اغلقت ابوابها في وجه العزل الذين لاذوا بها ما زال غصة في حلق التاريخ!
اذا كنت يا سيد جعفر تبرر اصطفافك خلف الجيش وتطبيلك له بان انتصار الجيش هو الضمان للحفاظ على كيان الدولة فلماذا تجرم الاخرين لمجرد سعيهم للعفو عن الحق العام علما بان العفو المطروح لم يكن مجانيا بل كان مطروحا في سياق عدالة انتقالية وترتيبات تهدف لانجاح التحول الديمقراطي وانسحاب العسكر تدريجيا من السلطة لان الاصرار على محاكمتهم معناه ان يتحصنوا بالسلطة ويقتلوا اضعاف من قتلوهم في مجزرة فض الاعتصام لانهم ببساطة كانوا مسيطرين على القوة العسكرية والسلاح ، لم يتحدث احد عن العفو في الحق العام واعضاء المجلس العسكري من جيش ودعم سريع محبوسين في زنزانة في سجن كوبر ومفاتيح الزنزانة في ايدي الثوار!!
وفكرة شراء المستقبل بالعفو المشروط بتحولات سياسية لصالح السلام والاستقرار ليست بدعة قحاتية بل ممارسة لها مرجعيات وسوابق في القانون والسياسة والتجارب من حولنا، حتى في القواعد الحاكمة لمحكمة الجنايات الدولية هناك المادة ١٦ من ميثاق روما التي تجيز تأجيل المحاكمة لعام كامل قابل للتجديد المتكرر لو كان التنفيذ الفوري للعدالة يهدد الاستقرار ويعرقل عملية سلام جارية.
لم يكن في مقدور القوى المدنية في سياق الفترة الانتقالية اعتقال كل من البرهان وحميدتي ووضع الكلبشات في ايديهم واقتيادهم الى محكمة ثورية، هذه بداهة وقد اعيانا والله شرح البداهات بعد الثورة وبعد الحرب، ليس لان السيد جعفر ورصفاءه يجهلونها ، بل لانهم يزايدون مزايدات عريضة باسم الطهرانية الثورية، وبعد الحرب لم تعصمهم طهرانيتهم الثورية من الاصطفاف في خندق واحد مع الجيش الذي قرر فض الاعتصام ونفذ القرار بيده رفقة الدعم السريع واغلق بواباته في وجه الثوار وتواطأ بالصمت عن كتائب الظل التي ارتدى افرادها زي الدعم السريع ونفذوا القسط الاكبر من تلك الفظائع بايديهم انتقاما من الثورة، وفي حين اعتقل الدعم السريع المئات من هؤلاء لم يعتقل الجيش فردا واحدا في جريمة فض الاعتصام! والد.عم السريع الذي اعتقل لم يفعل ذلك من اجل العدالة بل فعل ذلك في اطار المساومات في لعبة صراع السلطة والمال! فلم يملك الشعب السوداني حقيقة ما جرى ونتائج تحقيقه مع من قال انهم افراد ليسوا ضمن قواته وارتدوا ا زياءه ونفذوا بها جرائم بشعة والصقوها به! لماذا صمت الد.عم السريع ولم يكاشف الشعب بالحقيقة وما هو الثمن الذي قبضه؟ بعض المصادر اكدت ان الثمن هو وضع يده على ٣٠% من منظومة الصناعات الدفاعية وتمدده عسكريا في مواقع حساسة في الخرطوم!
المهم الجيش والدعم السريع تشاركا جريمة فض الاعتصام ، والجيش اضاف الى ذلك قتل مالا يقل عن ١٣٠ متظاهر بعد الانقلاب فضلا عن الجرحى ، فكيف يجوز لمن يصطف خلف الجيش في هذه الحرب ان يمارس المزايدات الثورية ويدعي الطهرانية ويجرم طرف مدني ويجعله شريكا للجيش والد.عم السريع لمجرد مطالبته بالعفو المشروط عن العسكر في الحق العام فقط مع الاحتفاظ بالحق لاصحاب الحق الخاص في التقاضي في حين ان هذا الشخص الذي يمارس الطهرانية والتعالي الثوري قد منح الجيش عفوا غير مشروط عن اي حق عام او خاص واصطف خلفه في حرب صراعه على السلطة مع توأم روحه حتى الامس القريب؟ يصطف خلف الجيش الذي لم يقدم اي وعد بتحول ديمقراطي او عدالة انتقالية! بل انه يبشر بمزيد من الدكتاتورية والقمع ! يصطف خلفه جنبا الى جنب مع مليشيات الكيزان الارهابية التي تذبح الابرياء كالخراف على اسس عرقية وسياسية ويجد لنفسه الاعذار والمبررات!! حسنا لماذا المنطق التبريري مقبول في موقفك ومرفوض في مواقف الاخرين رغم انها متفوقة اخلاقيا على موقفك المتهافت هذا ! لانها تعاملت مع العسكر كامر واقع بهدف تغيير الواقع نحو السلام والديمقراطية مع اخذ معادلة توازن القوى في الاعتبار ، اما انت فاخترت الاصطفاف خلف فصيل عسكري اعلن بصريح العبارة ان هذه الحرب ستزفه الى عرش الدكتاتورية الغليظة وسيسحق فيها معارضيه سحقا!
الم اقل لكم ان الموقف الجذري الوحيد للجذريين هو الموقف من الحرية والتغيير وغيرها من القوى المدنية الديمقراطية!! في حين اننا حسب فهمنا المتواضع كنا نظن وبعض الظن وهم ان الموقف الجذري يجب ان يكون ضد الكيزان الذين اندلعت الثورة ضد نظامهم وضد العسكر جيش ودعم سريع .