كمال كرار
في مناطق سيطرة طرفي الحرب يحدث التالي
يعتقل شباب لجان المقاومة، والشيوعيين، وكل من كان ينخرط في مواكب الثورة، يساقون إلى أماكن مجهولة ويتعرضون للتعذيب، إما قتلوا أو قدموا بعد شهور طويلة لمحاكم صورية بتهمة التعاون والتخابر .. هذه الممارسات تحدث بصورة يومية .
الاعتقالات نفسها تقوم بها مليشيات وكتائب، وخارج نطاق النيابة العامة والاجراءات المتبعة، لا يسمح لذويهم بمقابلتهم،ويعتقل الأب والأخ والأم أحيانا كمساومة لاجبار شخص ما على تسليم نفسه .
تسرق أيضا المنازل والأسواق،والمؤسسات العامة، وتحمل المنهوبات على شاحنات كبيرة نهارا وليس ليلا، تفتح لها الطرق ويوفر لها الوقود،ولم تنهب بيوت وقصور من أشعلوا الحرب وحرضوا عليها .. هذا يعني أن النهب والسرقات انتقائية .
تقع الدانات والمتفجرات والبراميل الحارقة على مناطق سكنية ومستشفيات ومدارس، فيقتل المدنيون، وإن هربوا للنجاة يطاردونهم ويقتلونهم .
تضرب المسيرات محطات الكهرباء والاسواق والسدود، وتقتل المدنيين .. وتروع الناس ..
الكثير من المؤسسات الخاصة والعامة توقفت عن دفع أجور العاملين بها، ومؤسسات أخرى فصلت الموظفين دون حقوق، أو اعتبرتهم في اجازات غير مدفوعة، وتوقفت معظم المعاشات، بينما تدفع كامل النفقات العسكرية ومرتبات ومكافآت المليشيات في مناطق طرفي الحرب .
تنقطع المياه والكهرباء عن معظم سكان السودان، فيما عدا المنخرطين في الحرب الذين يستمتعون بالكهرباء والمياه ورغد العيش .
قادة الحرب والمليشيات، حينما تستضيفهم الشاشات، تجدهم في غاية الأناقة، يلمعون بسبب الكريمات، ويحملون زمزميات المياه الملونة المخصصة لاطفال الروضة،لا يغشاهم غبار المعارك، ولا يلبسون لبس خمسة،ومعناها أنهم لم يكونوا يوما في ميادين القتال والمواجهة ..
معظم الطلاب في التعليم العام والعالي توقفت مسيرتهم التعليمية، ومستقبلهم مجهول، إلا القلة التي أشعلت الحرب بناتهم واولادهم في بلدان بعيدة وجامعات ومدارس باهظة التكاليف.
النازحون والنازحات داخل السودان،تقتلهم المجاعة والأوبئة المتفشية، لا تصلهم الاغاثة التي يبتلعها تماسيح السوق، ولا الأدوية التي تقول المنظمات العالمية انها ارسلتها لمناطق سيطرة الطرفين .
قادة الحرب يطيرون الي العواصم الخارجية، لكنهم لم يزوروا مخيما واحدا ولا مركزا للايواء فقط لمواساة من أنهكتهم الحرب وشردتهم .. والمغزي واضح .
هذه فقط نماذج قليلة تدل على هدف الحرب اللعينة، ومراميها الخبيثة، هدف على الوطن والمواطن .
ومع كل هذا لن ينجح المخطط الخبيث، ولن تستسلم الثورة ولن يرفع الثوار العلم الأبيض ولن ينقسم السودان ولن يتفتت الشعب ..وعلى الباغي تدور الدوائر .
وأي كوز مالو ؟
