
شهدت مدينة بابنوسة، بولاية غرب كردفان، أعنف مواجهة ميدانية منذ أشهر بعد أن شنّت قوات الدعم السريع هجوماً مكثفاً على مقرّ الفرقة 22 التابعة للجيش السوداني على مدار يومي الاثنين والثلاثاء، وفق ما أفادت به مصادر محلية وشهود عيان لـ«دارفور 24».
انطلقت العملية فجر الاثنين 16 يونيو، حين تجاوزت وحدات الدعم السريع حقل ألغام يطوّق أطراف المدينة على شعاع يقدّر بـ10 كيلومترات، مستخدمة مدافع ميدانية وطائرات مسيّرة مسلّحة.
تواصل القصف حتى الظهيرة قبل أن يتجدّد مع ساعات صباح الثلاثاء، تزامناً مع محاولة القوات المهاجمة التقدّم من المحورين الشمالي الشرقي والجنوبي.
بحلول ظهر الثلاثاء كانت طلائع الدعم السريع قد توغّلت إلى محطة مياه بابنوسة – التي تبعد أقل من كيلومتر واحد عن مقرّ الفرقة 22 – قبل أن تتعرّض لنيران مدفعية مضادة وغارات جوية للجيش.
أكد شهود سماع دويّ ثلاث غارات شنّتها مقاتلات سلاح الجو السوداني استهدفت تجمعات وآليات للدعم السريع في محيط المدينة، فيما تحدّث مصدر عسكري عن «تدمير آليات مسلحة وإيقاع خسائر بشرية»، دون تقديم حصيلة رسمية.
أفاد مصدر ميداني بأن الألغام التي زرعها الجيش مسبقاً «أعطبت عدداً من العربات القتالية وأوقعت نحو 30 قتيلاً وجريحاً في صفوف القوة المهاجمة» أثناء محاولة اقتحام المدينة من الناحية الشمالية الشرقية.
لم يتسنَّ الحصول على تعليق من الناطق الرسمي باسم الدعم السريع حول الخسائر أو سير العملية.
موقع بابنوسة: تشكّل عقدة مواصلات حيوية بين ولايات كردفان ودارفور، وتحوي محطة السكك الحديدية الرئيسة الرابطة بين غرب السودان وميناء بورتسودان.
الفرقة 22 مشاة: تُعَد من أقدم تشكيلات الجيش في الإقليم وتضطلع بتأمين خط الأنابيب الممتد من حقول النفط في هجليج إلى محطة التصدير على البحر الأحمر.
أهمية المياه: السيطرة على محطة المياه تمنح المهاجمين أداة ضغط لوجستي على أي قوات تتمركز داخل المدينة.
الهجوم الأخير يأتي بعد أسبوع من تجمّع قوة كبيرة للدعم السريع بقيادة العقيد صالح الفوتي جنوب بابنوسة، في مؤشر إلى نية القوة فتح محور جديد نحو مناطق إنتاج النفط وبوابة كردفان الشمالية.
مدينة بابنوسة باتت منذ هجوم الدعم السريع مطلع 2024 خالية من السكان المدنيين؛ فقد نزحت جميع الأسر إلى القوز، أبو زبد، والنهود. منظمات إغاثة حذّرت آنذاك من تحوّل المدينة إلى «منطقة عسكرية خالصة»، وهو ما يضاعف كلفة أي هجوم بري في ظلِّ غياب ممرّات إنسانية آمنة.
خبراء عسكريون يرون أنّ «الدعم السريع» يسعى عبر هذه العمليات إلى:
في المقابل، تركّز قيادة الفرقة 22 على تكتيك الدفاع الدائري الموسَّع بالألغام والأسراب الجوية لامتصاص الهجمات واستنزاف القوة المهاجمة بعيداً عن المركز الإداري للفرقة.
تحذّر منظمات دولية من أن استمرار القتال حول بابنوسة قد يقطع طريق الإغاثة الوحيد الممتد من الأبيض إلى غرب كردفان، ما يعرّض عشرات آلاف النازحين إلى نقص حاد في الغذاء والدواء.
ومع غياب أي مؤشرات لوقف النار، تبقى المدينة مسرحاً مرشحاً لجولات أعنف، فيما يحاول الجيش الحفاظ على واحدة من آخر نقاط ارتكازه الإستراتيجية في الإقليم.