أودعها مندوب السودان في بريد مجلس الأمن،، رسـالة الحـارث،، تجريم الإمـارات، وتفنيد الافتـراءات
استعراض جرائم الميليشيا في حق المدنيين والمرافق الحيوية

توثيق الجسر الجوي المحمّل بالأسلحة من الإمارات إلى تشاد..
السودان يؤكد اتخاذه كافة الإجراءات القانونية لمسألة مرتكبي الجرائم..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
فنّد سفير السودان ومندوبه الدائم لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس الحارث، المزاعم التي وردت في رسالة مندوب دولة الإمارات والتي دفع بها إلى منضدة مجلس الأمن الدولي، والتي حاول من خلالها دحض الأدلة والبراهين الموثقة التي تؤكد ضلوع بلاده في حرب الإبادة الجماعية، والانتهاكات والجرائم التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع، مسنودة وممولة من دولة الإمارات، واستعرض مندوب السودان في رسالته التي أودعها في بريد مجلس الأمن الدولي فجر أمس السبت، ما ورد في رسالة مندوب الإمارات المؤرخة في 29 أبريل 2025م من مغالطات جوهرية ومحاولات فاشلة للتنصل من مسؤولية ما يجري في السودان من انتهاكات فظيعة وجرائم مريعة ترتكبها ميليشيا الدعم السريع، وقال الحارث في رسالته إن مندوب الإمارات بات في سلوكه ومواقفه متماهياً تماماً مع توجهات ومواقف ميليشيا الدعم السريع التي ترعاها بلاده، منوهاً إلى الجرائم التي ظلت ترتكبها الميليشيا المتمردة المتهمة بارتكاب الجرائم الدولية من إبادة جماعية واغتصاب ممنهج ضد النساء والفتيات، واستهداف مُتعمَّد للمرافق والأعيان المدنية، بما في ذلك محطات الكهرباء والمياه، ودحض مندوب السودان وأما الافتراءات التي أرودها مندوب الإمارات بشأن المساعدات الإنسانية والعراقيل المزعومة، منوهاً إلى أن ميليشيا الدعم السريع الممولة والمسلحة من الإمارات، هي التي تحاصر الفاشر وتقتل المدنيين والنساء والأطفال وتمنع وصول المساعدات الإنسانية الأمر الذي تسبب في تفاقم الكارثة الإنسانية، يأتي ذلك في وقت فتحت فيه الحكومة السودانية المنافذ والمعابر الحدودية وخصصت المطارات لدعم وصول الإغاثة إلى المتضررين.

أدلة فريق الخبراء:
رسالة سفير السودان، ومندوبه الدائم لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث، حملت العديد من الأدلة والأسانيد التي تثبت تورط الإمارات في الحرب على البلاد، مشيراً في هذا الصدد إلى التقرير النهائي الصادر من فريق الخبراء المعني بدارفور، والذي وثَّق مستنداً إلى تحقيقات موسعة مدعومة بصور الأقمار الصناعية، وشهادات متعددة المصادر، تورط الإمارات بشكل مباشر في إذكاء النزاع المسلح في السودان عبر إرسال أسلحة ومعدات عسكرية إلى ميليشيا الدعم السريع وذلك من خلال رحلات جوية انطلقت من مطار أبي ظبي وصولاً إلى مطار أم جرس بشرق تشاد في انتهاك صارخ وصريح لحظر الأسلحة المفروض بموجب قرارات من مجلس الأمن الدولي، وأكد تقرير الخبراء الدوليين أن هذه الإمدادات ساهمت في تصعيد الأعمال العسكرية وارتكاب مجازر جماعية وجرائم عنف جنسي وتهجير قسري ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وتناول السفير الحارث تقريراً آخر عن فريق الخبراء المعني بدارفور صادر في 18نوفمبر 2024م وثَّق جسراً جوياً عسكرياً استخدمت فيه طائرات شحن من طراز إليوشن Il-76TD ، انطلقت من مطارات رأس الخيمة والفجيرة محملة بالسلاح إلى ميليشيا الدعم السريع، منوهاً إلى اختفاء الطائرات عن الرادار في “أقاليم جغرافية مهمة” من رحلتها وفقاً لتقرير الخبراء، وهو نمط “يثير تساؤلات حول عمليات سرية محتملة”، وكشف التقرير عن تورط شركات إماراتية في هذه الأنشطة المشبوهة.
عرقلة تحقيقات الخبراء:

الوقائع التي أوردها سفير السودان، ومندوبه الدائم لدى الأمم المتحدة في رسالته إلى مجلس الأمن الدولي، والتي تتضمن أدلة وبراهين تؤكد ضلوع الإمارات في الحرب عل السودان، لم تقتصر على تقارير فريق الخبراء المعني بدارفور فحسب، بل عززتها تحقيقات صحفية استقصائية مرموقة صادرة من جهات مثل نيويورك تايمز، والغارديان، وول ستريت، وفرانس 24 وغيرها، ويؤكد السفير الحارث أنه وفقاً للجهات الاستقصائية نفسها، فقد امتنعت السلطات الإماراتية عن تقديم قوائم الشحن المطلوبة من قبل فريق الخبراء المعني بدارفور، والمتعلقة بحوالي 15 رحلة جوية هبطت في مطاري أم جرس وانجمينا في تشاد، مما يؤكد عدم مشروعية شحناتها ويعكس تعمُّد الإمارات عرقلة تحقيقات فريق الخبراء بحجج واهية مثل التعلل بضيق الوقت، وأكد السفير الحارث إدريس أن الادعاء بخلو تقرير فريق الخبراء المعني بدارفور من أي إدانات للإمارات، هو زعم غير دقيق، باعتبار أن التقرير لم يحظَ أصلاً بإجماع الفريق، حيث لم يوقع أعضاء الفريق الخمسة على التقرير، في مخالفة واضحة لقواعد العمل الإجرائية للجنة العقوبات، منوهاً إلى أنه قد جرت تحفظات من عدد من أعضاء مجلس الأمن في أروقة لجنة العقوبات نفسها.
تطور جديد ولافت:
ويتناول السفير الحارث تطوراً مرتبطاً وثَّقت من خلاله جهات استقصائية دولية خلال الأسبوع الماضي وصول قذائف هاون ذات أرقام تسلسلية طابقت شحنات أرسلتها بلغاريا إلى الإمارات في العام 2019م وانتهت في يد ميليشيا الدعم السريع في الفاشر، وأكدت السلطات البلغارية أنها لم تصدر أي أذن بإعادة تصدير هذه الأسلحة إلى أي طرف ثالث، مما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك عدم مشروعية الفعل الإماراتي ومخالفته الصارخة لقواعد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، على ذلك نوه السفير الحارث إلى أدلة مادية قاطعة تؤكد أن الإمارات قد سلمت أسلحةً متطورة، خصوصاً في مجال الطيران المُسيَّر والمدفعية ومضادات الدروع، إلى ميليشيا الدعم السريع، إضافة إلى استمرار خطوط الإمداد الجوي من جنوب ليبيا عبر بوصاصو إلى انجمينا، بالإضافة إلى الخطوط الجوية عبر الكفرة، وهي خطوط أسفرت عن تعزيز قدرات الميليشيا وارتكاب مجازر في الفاشر، في خرق مباشر لقرار مجلس الأمن رقم 2736 مع تمويه وتحايل في مسارات الرحلات الجوية لإخفاء طبيعة الشحنات.
افتراءات منع المساعدات:
ودون أن يرفَّ له جفن، أورد مندوب الإمارات عدة افتراءات بشأن المساعدات الإنسانية والعراقيل المزعومة، لكن وقائع الأحوال قد ألقمته حجراً، فقد أكد سفير السودان، ومندوبه الدائم لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس الحارث، أن كل الافتراءات الإماراتية بشأن منع السودان إيصال المساعدات، تدحضها رسالة وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالة الطوارئ السيد توم فليتشر إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بتاريخ التاسع من ديسمبر 2024م من العام، والتي شكر فيها تعاون القيادة السودانية وسلطاتها المختصة مع خطته الإنسانية وتسهيلها وصول الإغاثة إلى جميع المتضررين، وأكد السفير الحارث أن مندوب الإمارات يتغافل عن حقيقة أن ميليشيا الدعم السريع الممولة والمسلحة من بلاده، هي التي تحاصر الفاشر وتقتل المدنيين والنساء والأطفال، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية الأمر الذي تسبب في تفاقم الكارثة الإنسانية، وفي المقابل فإن الحكومة السودانية قد فتحت المنافذ والمعابر الحدودية وخصصت المطارات لدعم وصول الإغاثة إلى المتضررين، وتطرق السفير الحارث إلى مزاعم مندوب الإمارات بشأن استخدام السيادة بشكل تعسفي لتبرير التجويع وحماية من يعرقلون وصول المساعدات الإنسانية، أو يستخدمون موظفي الإغاثة، مبيناً أن من يمارس هذه الأفعال الإجرامية هي ميليشيا الدعم السريع المدعومة من الإمارات التي تستمر في شنِّ هجماتها بالطائرات المُسيَّرة والمدفعية على المدنيين والمرافق المدنية بما فيها المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء، وأن دعم الإمارات فيه خرق واضح لقراري مجلس الأمن الدولي رقمي 1591، 2736، مبيناً أن الميليشيا تواصل قصفها اليومي للأحياء السكنية وقتل النازحين في المعسكرات، وهي جرائم أدانها مجلس الأمن نفسه في بيانه الصحفي مؤخراً ، مشيراً إلى تدمير الميليشيا إلى 312 مرفقاً علاجياً وطبياً في الخرطوم وحدها، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وكل ذلك يجري بدعم وتشجيع الإمارات.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد حملت رسالة سفير السودان ومبعوثه الدائم لدى الأمم المتحدة، العديد من الأدلة والبراهين التي تدمغ الإمارات وتؤكد ضلوعها في الحرب على السودان، خاصة في ظل افتقاد المندوب الإماراتي إلى الوازع الأخلاقي الذي يخوله للحديث عن السلام في حرب حرضت عليها ورعتها بلاده، التي لم تتوقف عن تزويد الميليشيا بالسلاح، ضاربة بعرض الحائط قرار مجلس الأمن رقم 1591 والقرارات الأخرى ذات الصلة، ومساهمة في قتل المدنيين وتدمر البنية التحتية، وغاضة الطرف عن التزاماتها وتعهداتها الواردة في إعلان جدة بتاريخ مايو 2023م وقرار مجلس الأمن رقم 2736، إن الموقف الذي أبداه السفير الحارث فرسالته لمجلس الأمن يؤكد أن الحكومة السودانية تنظر إلى الجرائم التي ترتكبها الإمارات في السودان ليست مجرد سطور في تقارير بل هي مآسي دامغة محفورة في وجدان الشعب السوداني في دموع الأطفال اليتامى وأنين الأمهات الثكالى وصور المجازر الجماعية والاغتصاب القسري، والتطهير العرقي، الأمر الذي يدفع الحكومة السودانية لتتخذ جميع الإجراءات القانونية والسياسية الكفيلة بمسألة المسؤولين عن هذه الجرائم، داعية مجلس الأمن إلى الاضطلاع بمسؤوليته الأخلاقية والقانونية في مواجهة هذا الإرهاب والعدوان الممنهج على سيادة السودان وأمنه واستقراره وعلى السلم الإقليمي والدولي.