
في ظل حرب مدمرة تطحن السودان، يتكشف يوماً بعد يوم أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا يدير الحرب فقط، بل يدير شبكة من التحالفات المتضاربة، ويقف في منطقة رمادية بين الحركة الإسلامية من جهة، والقوى الدولية من جهة أخرى.
الإسلاميين أنفسهم، مثل الطاهر التوم وعبد الحي يوسف، لم يترددوا في وصفه بالضعف والعمالة و”اللا مصداقية”.
حيث شن الإعلامي الكوز الطاهر حسن التوم، خلال حديثه في قناة طيبة، هجومًا على البرهان
وقال إن اضطراب القائد العام للجيش انعكس على كل المؤسسة، ولا يجب أن يلام الناطق الرسمي لأنه يأتمر بأمر قيادته
وأتهم التوم البرهان بالعمالة وعدم الكفاءة
وزاد أن قائد الجيش لديه تحالف استراتيجي مع قوى الحرية والتغيير، وهناك اتصالات تتم ليلًا بين الطرفين، وهو خاضع لسفراء الدول المشكلة للرباعية الدولية (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة
من جهة اخرى، وفي مقطع فيديو مصور من تركيا، وصف القيادي بالحركة الإسلامية عبد الحي يوسف، البرهان بأنه شخصية “غير محترمة” و”ليس له دين”، وان الحركة الإسلامية لا يجب ان تأمن جانبه، فهو شخص منافق ومرتبط مع مصالح دولية لهزيمة الحركة الإسلامية…
وقال عمار محمد آدم القيادي السابق في الحركة الإسلامية انه اكتشف ان البرهان لديه ماجستير في علم الخداع الاستراتيجي، مما يشير إلى ان البرهان يراوغ على الجميع…
وهنالك من يسمى البرهان برجل المخابرات المصرية في السودان، وتشير بعض التكهنات الى انه يتحين الوقت المناسب للانقضاض على اخوان السودان، كما توصي بذلك مصر…
والمعروف ان مصر والإمارات تخططان بكل الطرق للقضاء على تنظيم الإخوان المسلمين في الوطن العربي….
فالبرهان لا يخفي علاقاته القوية بالإمارات ومصر، وان كان على استحياء، بل إن شقيقه يدير تجارة ذهب واسعة مع أبوظبي، وأسرته تزور الإمارات بين الفينة والأخرى، بينما تُتهم الإمارات بدعم مباشر للبرهان خلف الكواليس.
رغم الحملة المحمومة التي يشنها الإسلاميون على الإمارات، يظهر البرهان في خطاباته دون أن يذكرها بكلمة واحدة، وهذا كان واضحا حتى في خطابه الأخير عقب قطع العلاقات بين السودان والأمارات بضغط على مجلس الامن والدفاع من الكيزان.
البرهان يهاجم حمدوك والقوى المدنية ليتماشى مع خطاب الكيزان، وليشعرهم انه تحت أيديهم ويؤيد مشروعهم في السودان، بينما قال الطاهر التوم انه يتواصل ليلا مع قادة قحت. وفي اكثر من مرة وافق البرهان على مبدأ التفاوض ووقف الحرب، لكن ضغوط الكيزان جعلته يتنصل عن وعوده، حتى يضمن جلوسه على قمة السلطة…
اليوم، تجد الحركة الإسلامية نفسها في مأزق. فقد وظفت البرهان لتنفيذ انقلاب 25 أكتوبر، وأدخلته في معركة شاملة ضد قوى الثورة، لكنها باتت تشك في نواياه. ولهذا لا تستبعد دوائر داخل التنظيم التخلص منه، إمّا بانقلاب داخلي أو تصفية صامتة.
فقد أدرك الكيزان أن البرهان ليس مشروعهم المستقبلي، وأنهم لا يأمنون جانبه، بل مجرد واجهة عسكرية تُجيد التلون وتؤجل حسم الخيارات الحقيقية.
لكن فيما يبدو ان البرهان ليس مع الكيزان ولا ضدهم، ولا مع التحول الديمقراطي ولا ضده. هو ببساطة رجل يحب ويعشق السلطة، ومستعد للتحالف مع أي طرف يضمن له البقاء في القمة، ولو احترق السودان بأكمله. وهو بهذا يمثل أحد أخطر تجليات الأزمة السودانية: فهو جنرال بلا مشروع، يريد ان يبقى على سدة السلطة باي شكل كان، ويتلون ويراوغ الجميع لتحقيق هذا الأمر وتحقيق حلم والده…
لكن من المؤكد ان الكيزان يخططون للغداء به قبل ان يتعشى بهم، وهذا ما سوف يظهر في الأيام او الشهور المقبلة…
صلاح أحمد