رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

” الانصرافي يستنجد بالبرهان: عندما يُحاصر الصياد في شباكه”

بقلم : المستشار معاوية أبوالريش
في مشهد دراماتيكي يعكس تحولاً صارخاً في مسار الأحداث، كشفت رسالة صوتية مثيرة للجدل عن حالة من الهلع والارتباك تعتري المدعو “الانصرافي”، الذي طالما تخفى خلف ستار من الغموض ليوجه رسائله للشعب السوداني. الرسالة، التي نُشرت عبر صفحته الرسمية على تطبيق تيك توك، كانت موجهة إلى رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وعكست تحولاً مفاجئاً في لهجة الرجل الذي لم يسلم من لسانه اللاذع حتى البرهان نفسه.
” من وراء الستار إلى الاستنجاد العلني”
لطالما اعتاد الانصرافي على مخاطبة جماهير الشعب السوداني من موقع القوة ومن خلف حجاب، موجهاً انتقاداته اللاذعة لكل الأطراف دون استثناء. لكن رسالته الأخيرة كشفت عن وجه آخر – وجه مرتبك، خائف، يستجدي العون والحماية. فجأة، تحول “الصياد” إلى “فريسة” محاصرة تبحث عن منفذ للنجاة.
في رسالته، شكا الانصرافي من أن المخابرات السعودية تلاحقه بعد أن تمكنت من اختراق دفاعاته التي حافظ عليها طوال سنوات. وزعم اكتشافه لرابط بين المخابرات السعودية والإماراتية، مشيراً إلى دور مدير مكتب الرئيس السوداني السابق المخلوع عمر البشير، الفريق طه عثمان الحسين، الذي وصفه بأنه “جاسوس مزدوج” يحمل الجنسية السعودية ويقيم في الإمارات.
” عندما تتخلى عنك الحركة الإسلامية”
الانصرافي، الذي جندته الحركة الإسلامية في السودان للعب أدوار معينة في الفترة التي أعقبت الإطاحة بثورة ديسمبر، وجد نفسه فجأة وحيداً في الميدان. فالحركة التي طالما دعمته وأغدقت عليه بالأموال التي نهبتها من الشعب السوداني – كما يقول المتابعون – تركته الآن يواجه مصيره بمفرده.
من المفارقات أن الانصرافي استشهد في رسالته بالآية القرآنية “إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا”، متناسياً الحديث النبوي الشريف الذي يؤكد أن “المسلم والمؤمن ليس بطعان ولا لعان ولا بذي اللسان”، في تناقض صارخ مع السلوك الذي عُرف به على مدار السنوات الماضية.
” مصير محتوم ينتظر صاحب “اللسان البذيء”
يبدو أن الانصرافي أدرك متأخراً أن السعودية والإمارات، اللتين لم تسلما من لسانه البذيء، لن تتركاه وشأنه. فقد بات واضحاً أن الرجل يخشى اقتراب المخابرات السعودية من الدائرة المغلقة المحيطة به، وهو ما دفعه للاستنجاد بالبرهان في محاولة أخيرة للنجاة.
لكن المراقبين يرون أن لا البرهان ولا الحركة الإسلامية سيكون بمقدورهما حمايته من المصير المحتوم الذي ينتظره. فالإمارات والسعودية، وفقاً للمتابعين، لن تتركاه في سلام إلا بعد إلقاء القبض عليه ومحاكمته على الجرائم التي ارتكبها في حقهما.
” متى يتعلم مروجو الفتنة؟”
تعكس قصة الانصرافي درساً واضحاً لكل من يحاول العبث بالأمن القومي للدول واستقرارها. فالذين يزرعون الفتنة ويبثون الفرقة، سواء بين أبناء الوطن الواحد أو بين الدول الشقيقة، سيجدون أنفسهم في نهاية المطاف وحيدين، مهجورين من قبل من جندوهم، يواجهون مصيراً لا يحسدون عليه.
رسالة الانصرافي للبرهان ليست مجرد استنجاد عابر، بل هي اعتراف ضمني بالفشل والخوف من عواقب ما اقترفته يداه. وهي تذكير بأن من يعيش بالفتنة، سيموت بها في نهاية المطاف.
” عبرة لمن يعتبر”
في النهاية، تبقى قصة الانصرافي عبرة لكل من تسول له نفسه أن يسير على ذات الدرب. فالحقيقة ستظهر يوماً ما، والذين يتخفون خلف أقنعة مزيفة سيجدون أنفسهم عراة أمام الحقيقة عاجلاً أم آجلاً. وحينها لن تنفعهم استغاثات ولا رسائل استنجاد، لأن من يزرع الشوك لا يمكن أن يحصد الورود.

زر الذهاب إلى الأعلى