رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

المواقف رمال متحركة .. مثلما الحروب محرقة الاقدام..!

عامان من اشتعال الفتنة الماحقة في ثوب هذا الوطن المهترئ اصلا منذ خياطة استقلاله في ماكينة التفاؤل بقناعة عجولة الانفاس اعتقدت بان تلك الخطوة هي ستر وغطاء الحاضر والمستقبل الذي سيجمع اطراف البلاد في دفء الحنان الوطني لتتلاقح ارحامه من اصلاب جغرافيته المترهلة الاطراف وديمغرافيته البشرية المتنوعة الاصناف لتنجب اولادا وبناتا يعيشون في كنف الابوين في ثبات ونبات..
لكن تلك الاحلام التي راودت خيالنا في يقظتنا كانت رهينة بكثير من تلون المواقف السياسية و التحولات الاجتماعية والعثرات الاقتصادية والتباينات الثقافية ..فولدت حروبا لأوهى الاسباب .
ولعل حربنا الحالية التي تاكل يابس ما تبقى من ذلك الطموح الفطير لن تترك لنا غير سخام الندم بعد ان تضع اوزارها لنقف حيال حيرتنا ونحن نلطم على الخدود و نشق الجيوب حسرة على بلاد نراها وقد باتت بناها بكل ملامحها المادية اثرا بعد عين وغدت مكوناتها الإنسانية شتاتا ليس بالضرورة خارج اسوار الوطن المهدم .
ياترى ساعتها ماذا سيجني التائقون لاستدعاء ماضي حكمهم الآفل من خلف دخان هذا الوطيس الذي اعمى فيهم عيون الحكمة فلم يعودوا يتبينوا المحجة التي تفضي إلى بياض راية السلام !
وحتى نكون منصفين نقول للذين ضيقوا مقاعد الإطاري حتى لا تسع لاجساد الآخرين ماذا لو انهم افسحوا لغيرهم لتسير عربات القطار إلى محطة الوفاق ولو تاخرت قليلا بدلا عن إطلاق صافرة التحرك المنفرد إيذانا بعزل الراكضين للحاق بهم !
ونقول للذين يظنون ان اتفاق جوبا هو قران تمسكهم بالكراسي ان ديمومة الحبر على خدود القرطاس ليست شلوخا منحونة بسكين القداسة فقد تمحوها رياح تموجات المواقف الشبيهة بالرمال المتحركة لتحترق هي الاخرى في نيران الزمن الخؤون.
ونقول لجميع من ذكرنا وغيرهم بدءا بانفسنا اننا ان لم نتوخى كلنا رفع قيمة النحن فوق وضاعة الانا ..سنصبح كاليتامى بلا وطن نتقاتل فوق حماه وبلا شعب ننتمى اليه.
وتكون النتيجة بعد كل هذا الاقتتال ان اطرافت مهزومة بغبائها والآخرين غير منتصرين من الوجهة الحسابية الدقيقة بمؤشر الدماء و التفكك.
و يصير الجميع منا ..
كالمنبت كما يقال ..
لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى ..
فكيف لمن يمشي على رمال متحركة ..وهي تحترق تحت إقدامه الواهنة.
والله من وراء القصد .

زر الذهاب إلى الأعلى