رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

رأسماليون وطنيون

كمال كرار
قبل انقلاب الانقاذ المبادة وحتي ٣٠ يونيو ١٩٨٩، عندما تذكر الزيوت السودانية، يذكر الشيخ مصطفى الأمين، والمجمع الصناعي أبا المعتصم بالباقير ، والزيوت تغطي الاستهلاك المحلي وتصدر للخارج،والزيوت نفسها بدرجة ممتاز .. وعائد الصادر يعود للدولة بواسطة شركة السودان للحبوب الزيتية..
وتذكر صناعة النسيج والأقمشة بخليل عثمان،والحلويات والطحنية سعد،والبطاريات حافظ السيد البربري،والدقيق عثمان صالح،والتجارة والتصدير والمرسيدس أبو العلا، والحنة والعطور تاج السر علي الشيخ،والصابون بيطار،ومحجوب أخوان .هذا على سبيل المثال لا الحصر ..
هؤلاء كانت صفتهم الرأسمالية الوطنية السودانية،وأنشطتهم الصناعية والتجارية والزراعية لفائدة الاقتصاد .
واختفت هذه الأسماء لأن نظام الاخوان المسلمين الذي انقلب على الحكم في ١٩٨٩،شن عليهم الحرب وضيق عليهم الخناق،وسجن وقتل بعضهم،وهكذا استولت الرأسمالية الطفيلية على الاقتصاد .
وبرنامج الحزب الشيوعي يعتبر الرأسمالية الوطنية من ضمن القوى التي يقع على عاتقها تنفيذ البرنامج الوطني الديمقراطي.
تلك الرأسمالية الوطنية لو كانت موجودة اليوم، لما تركت الاقتصاد مطية للبنك والصندوق الدولي،والنشاط الطفيلي ..والسودان زاخر بامكاناته وموارده الطبيعية،وبأهله الذين عرفوا الزراعة والصناعة من قبل آلاف السنين .
ومن عجب أن الرأسمالية الوطنية التي حاربتها الانقاذ، حاربتها أيضا عناصر النيولبرالية،وعملاء الصندوق الدولي، ووكلاء الشركات الأجنبية،ونقول لماذا ..
لأن ازدهار الاقتصاد ونمو الانتاج،يحقق الاكتفاء الذاتي، ويجعل السودان منافسا في أسواق العالم،غير محتاج للقروض ذات الشروط، ومستقل في قراره السياسي والاقتصادي، وهذا يهزم خطط الامبريالية التي تريد استعمار الشعوب وتجويعها وإذلالها بالديون .
وللانصاف نقول أن الرأسمالية الوطنية لم يقتصر دورها على نشاطها الاقتصادي، بل بنت المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق الخدمية، للمثال لا الحصر مدرسة حلويات سعد، ومدرسة الخرطوم الأهلية .. ولها قصة تحكى ..فقد ذكر أن فكرة المدرسة نبعت عندما منحت الحكومة الإنجليزية الخواجه كمبوني قطعة الأرض التي أسس عليها مدارس كمبوني والكنيسة التي تتبع لها، وكان حينها الشيخ مصطفى الأمين يعمل تاجراً في زريبة العيش في المنطقه التي بنى عليها مدرسة الخرطوم الأهلية فيما بعد، وكان يباع فيها العيش والفحم والحطب، فجمع الشيخ مصطفى الأمين تجار السوق العربي الذي كان على رأسهم وأعطاهم الفكرة، وقال لهم (طالما أعطى الأنجليز الخواجة هذه القطعة، وبنى عليها مدرسة وكنيسة، نحن أبناء البلد أولى يعطونا قطعة نبني عليها مدرسة ومسجد)، وبالفعل ذهبوا إلى الحكومة الإنجليزية التي مانعت في بادئ الأمر، لكنها وافقت بعد ذلك بعد الالحاح والضغط الشعبي .
تلك المدرسة العريقة التي شيدت في ١٩٤٤،مسحتها الانقاذ المبادة بالكراكات،كيما تبني على أنقاضها بنكا طفيليا مشهورا. وأي كوز مالو ؟

زر الذهاب إلى الأعلى