حكومة كفاءات العسكر المرتقبة #لماذا تأخّر الإعلان..؟؟ وأين تقف حركات اتفاق جوبا من هذه الحكومة…؟

✍🏻 المستشار/مهيد شبارقة.
حين تسرب اسم د.كامل إدريس بوصفه المرشح الأبرز لقيادة حكومة مدنية تكنوقراط في السودان بعد طول فراغ دستوري تنفس كثير من السودانيين بعض الأمل فلم يكن كامل إدريس رجلاً عادياً فهو ابن مؤسسة الأمم المتحدة وخبير دولي يحظى باحترام في دوائر السياسة والتنمية العالمية لكن الأمل ما لبث أن واجهه تأخر محيّر بل مقلق في إعلان تشكيل الحكومة المرتقبة فماذا يحدث..؟ ولماذا تأخّر تعيين رئيس الوزراء..؟ وما دور قوى اتفاق جوبا في هذا المشهد المشوش..؟
#أولاً: من هو كامل إدريس..؟ ولماذا التوافق عليه..؟
كامل إدريس ليس اسما جديدا في فضاء السياسة السودانية رغم ابتعاده الطويل عن مراكز الحكم المحلية فالرجل القادم من رئاسة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) يعد من الكفاءات النادرة التي تحظى بقبول إقليمي ودولي ويتمتع بسجل نظيف من التورط في صراعات الداخل تم طرح اسمه في أروقة عدة باعتباره بديلا توافقياً يرضي العسكريين من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى دون أن يستفز الكيانات الثورية التي تبحث عن مدني مستقل.
لكن هذه المعادلة التوافقية لم تكتمل بعد بل تأخرت لحظة التعيين وبدأت التساؤلات تتصاعد حول الأسباب الحقيقية خلف هذا التأخير…؟؟
#ثانياً: ما الذي يُعطل الإعلان….؟
هناك أكثر من سبب يمكن وضعه على الطاولة:
١/غياب إرادة مركزية واضحة: في ظل حرب طاحنة بين الجيش والدعم السريع، لم تعد هناك /حكومة بالمعنى المؤسسي القادر على اتخاذ قرارات استراتيجية. الجيش يحكم /بالأمر الواقع من بورتسودان، لكن دون غطاء شرعي أو قدرة تنفيذية حقيقية لتكوين حكومة فعالة.
٢/صراعات المكونات المدنية المتبقية:
فما تبقى من القوى المدنية منقسمة وبعضها يسعى لتثبيت مقاعد مسبقة في الحكومة قبل حتى إعلان رئيسها فالتعيين ينظر إليه كمقدمة لصراع النفوذ داخل الحكومة المنتظرة
٣/اشتراطات حركات جوبا:
فحركات الكفاح المسلح خاصة تلك التي وقعت اتفاق جوبا لم تغادر المشهد. بل تسعى لضمان مواقع مؤثرة في الحكومة الجديدة بحجة /الاستحقاق السياسي و/تضحيات الكفاح لكنها في الوقت نفسه تتهم بالمساهمة في تشظي السلطة وتقييد حركة أي حكومة كفاءات تكنوقراطية.
٤/قلق العسكر من استقلال إدريس:
هناك أنباء عن تخوف بعض دوائر الجيش من أن يكون كامل إدريس أكثر استقلالاً من المطلوب وربما يعمل لاحقا على تقليم أظافر السلطة العسكرية أو السعي للتقارب مع الدعم السريع أو الحركات وهو ما يجعله خيارا غير مضمون الولاء.
#ثالثاً: أين تقف حركات اتفاق جوبا من حكومة كامل إدريس…؟
الحركات المسلحة التي دخلت الخرطوم بموجب اتفاق جوبا تراجعت مكانتها كثيراً بعد اشتعال الحرب لكن بعضها ما زال يحتفظ بقواعد مسلحة أو بنفوذ سياسي في شرق السودان أو في دوائر ضيقة ضمن الجيش ورغم أن بعضها مثل /حركة مني أركو مناوي أعلن أنه لا يعارض تكوين حكومة كفاءات إلا أن الاشتراطات الخفية كثيرة:
نسبة تمثيل في الحكومة وإن كانت كفاءات لابد من مشاركة في تحديد السياسات الانتقالية
فاستمرار الامتيازات الممنوحة وفق اتفاق جوبا هذا الوضع سيجعل الحكومة المرتقبة رهينة توازنات اتفاق لم يعد واقعيا بالكامل لكنه لم يدفن أيضا.
#رابعاً: هل ما زالت حكومة كفاءات ممكنة..؟
في ظل الانقسامات واستمرار الحرب تلعبثية وتضارب المصالح تصبح مهمة كامل إدريس بعد ان تم تعيينه أقرب للمستحيل منها للممكن لكن المفارقة أن غياب الحكومة أضر بالجميع بما في ذلك المكونات العسكرية والمدنية والحركات المسلحة وأي /فراغ سيطيل أمد الحرب ويضعف ثقة المجتمع الدولي ويزيد من معاناة ملايين النازحين واللاجئين.
#خامساً: ما المتوقع..؟
إذا تم التوافق على كامل إدريس ستظل حكومته مقيدة ما لم تحصل على دعم كامل من الأطراف العسكرية والسياسية
فإذا فشل التعيين مجددا فسينهار ما تبقى من فكرة (مسار سياسي بديل) للحرب، وسيتعزز منطق الميليشيات والتدويل.
فحركات جوبا ربما تلعب دور بيضة القبان لكنها تحتاج لإعادة تموضع يتجاوز عقلية المحاصصة.
#خاتمة اعترافية: قد لا يكون كامل إدريس المنقذ المنتظر، لكنه على الأقل يمثل فرصة رمزية لإعادة السودان إلى طاولة الحكم المدني. غير أن هذه الفرصة تتآكل مع كل يوم تأخير، وكل تنازع حول الحصص. ولعل الاعتراف الأصعب هنا أن السودان لا يملك ترف الانتظار طويلاً، فإما أن تتقدم حكومة الكفاءات – ولو بمخاطرها – أو يستسلم البلد كله لمنطق السلاح والانقسام.