رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

العدالة تأخذ مجراها، وان تأخرت-

وجدي كامل من صفحة كريسبو ديالو: اليوم، وبعد عقود من الكفاح والصبر الذي أبدته أسرة لومومبا في سبيل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، وُجّهت إلى إتيان دافينيون تهمة المشاركة في اغتيال باتريس لومومبا، أول رئيس وزراء لجمهورية الكونغو الديمقراطية. كان دافينيون دبلوماسيًا ومبعوثًا معتمدًا علنًا إلى الكونغو، لكنه في الخفاء كان يعمل كجاسوس، وشارك في “الاحتجاز غير القانوني واختطاف” لومومبا إلى إقليم كاتنغا، حيث جرى إطلاق النار عليه مع اثنين من رفاقه، ثم قُطّعت جثثهم وأُذيبت في حمض الكبريتيك، في محاولة لمحو أي أثر للجريمة. نُفّذت العملية على يد ميليشيات انفصالية محلية بقيادة مويس تشومبي، بتوجيه من وزارة الخارجية البلجيكية وجهاز المخابرات آنذاك المعروف باسم Sûreté de l’État، وبدعم استخباراتي من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. ويُذكر أن دافينيون هو آخر الناجين من بين الشخصيات العشر المدانة في هذه الجريمة، وقد أصبح لاحقًا وزير دولة، ورجل أعمال كانت له أسهم في شركات من بينها Lernout & Hauspie التي شهدت فضائح مالية، كما شغل منصب نائب رئيس المفوضية الأوروبية.
لقد جاءت هذه المحاكمة بعد تأخير طويل، إذ يبلغ إتيان دافينيون اليوم 92 عامًا، وقد أمضى معظم حياته في مناصب رفيعة دون أن يُساءل عن دوره في واحدة من أبشع الجرائم السياسية في تاريخ أفريقيا الحديثة. يثير هذا التأخر تساؤلات جدية حول الإرادة الحقيقية لتحقيق العدالة، ويجعل من الصعب الوثوق بنزاهة وانحياز القضاء البلجيكي في هذا الملف الشائك. إذا كانت هناك عدالة فعلية في هذا العالم، فإن مكان دافينيون الطبيعي يجب أن يكون أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة التورط في اغتيال رئيس وزراء منتخب، والتجسس، والعمل على تقويض حركة استقلال وطنية. وما يدعو للأسى أن النهج الذي أدى إلى اغتيال لومومبا لم يختفِ، بل يستمر اليوم بأشكال مختلفة، حيث لا تزال بعض القوى الدولية نفسها تنخرط في دعم الديكتاتوريات والاحتلال، أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت ذرائع متعددة.

زر الذهاب إلى الأعلى