رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

عندما يتكلم الببغاء باسم الشعب: فضح مسرحية توزيع الغنائم بين فلول النظام البائد وقادة الحركات المسلحة”

بقلم : المستشار معاوية أبوالريش
يطل علينا الهندي عز الدين، أحد أبواق النظام البائد وعضو حزب المؤتمر الوطني المحلول عبر مقال قصير نشر بصحيفة إمدر تايمز الإلكترونية التي تصدر من لندن ، ليزج باسم الشعب السوداني العظيم في صراعاته الحزبية الضيقة. فبدلاً من أن يصرح بصراحة أن حزبه قد سئم من “ابتزاز” مني أركو مناوي، يختبئ خلف اسم الشعب ويدعي التحدث نيابة عنه. هذا المشهد المكرر يكشف عن إفلاس سياسي واضح لدى من حكموا البلاد ثلاثة عقود وتركوها خراباً.
“النفاق السياسي والازدواجية الفاضحة” ينتقد الهندي “فشل” الآخرين التنفيذي، متناسياً أن حزبه هو من أوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم. يتهم مناوي بالحياد أثناء سقوط مدن دارفور، بينما حزبه هو من أشعل نيران الحرب الحالية التي تطحن البلاد منذ أبريل 2023. هذه الازدواجية تفضح حقيقة أن الصراع ليس حول مصلحة الشعب، بل حول توزيع المناصب والثروات بين تحالف مصلحي يضم فلول النظام البائد وقادة الحركات المسلحة الذين يدعون محاربة التهميش.
“انتهاء شهر العسل وبداية الكشف عن الحقائق” يبدو أن “شهر العسل” بين فلول المؤتمر الوطني وقادة حركتي مناوي وجبريل يقترب من نهايته. الصراع المكشوف حول الحقائب الوزارية في حكومة كامل إدريس المسماة زوراً “حكومة الأمل” يؤكد أن الجميع منشغل بتوزيع الغنائم بينما البلاد تحترق. هذا التنافس المخزي يحدث في ظل حرب مدمرة لم تضع أوزارها بعد، مما يكشف أن الوطن والمواطن ليسا في سلم أولويات أي من هؤلاء اللاعبين.
“دور الإعلام المأجور في خدمة الأجندة السياسية” إن ظهور أمثال الهندي عز الدين للحديث باسم الشعب يكشف عن استراتيجية واضحة لفلول النظام البائد في استغلال أبواقها الإعلامية لتمرير أجندتها السياسية. هؤلاء الإعلاميون المأجورون يستخدمون خطاباً شعبوياً مزيفاً لإخفاء حقيقة الصراع المصلحي الدائر. يتحدثون عن “سأم الشعب” و”رفض الابتزاز” بينما الحقيقة أن حزبهم يخشى فقدان نصيبه من الكعكة السياسية لصالح حلفائه السابقين في الحركات المسلحة.
” مصير اتفاقية جوبا في مهب الريح”
هذا الصراع المكشوف يضع اتفاقية جوبا للسلام في موقف حرج. كيف يمكن لاتفاقية وُقعت لإنهاء الصراع وتحقيق العدالة أن تصمد أمام تنافس موقعيها على المناصب؟ التاريخ يعلمنا أن اتفاقيات السلام السودانية السابقة انهارت بسبب نفس الأسباب – تحول الموقعين من مناضلين مزعومين إلى متنافسين على الغنائم. إن استمرار هذا الصراع سيؤدي حتماً إلى انهيار الاتفاقية وعودة البلاد إلى دوامة العنف والفوضى.
“موقف الجيش بين نار الحرب وصراع الحلفاء” تواجه القيادة العسكرية معضلة حقيقية: كيف تتعامل مع انقسام حلفائها السياسيين في الوقت الذي تخوض فيه حرباً ضروساً ضد قوات الدعم السريع؟ هذا الانقسام يضعف الجبهة الداخلية ويشتت الجهود في وقت حرج. إن استمرار هذا الصراع قد يدفع الجيش إلى اتخاذ قرارات حاسمة تجاه حلفائه المتصارعين، أو قد يؤدي إلى تفكك التحالف الحاكم برمته.
” الشعب الحقيقي يعرف الحقيقة”
أهل دارفور، الذين يُدعى الدفاع عنهم، يعلمون أن قادة حركاتهم لا يختلفون عن غيرهم في البحث عن المصالح الشخصية. الشعب السوداني كله يعيش مأساة حقيقية بسبب حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، بينما الجميع منشغل بتوزيع مناصب في حكومة وهمية. عندما يحتدم الصراع حول الوزارات بينما المواطنون يموتون جوعاً ومرضاً وقصفاً، فإن ذلك يؤكد أن كل هؤلاء اللاعبين قد فقدوا شرعيتهم الأخلاقية في الحديث باسم الشعب.
” واقع مرير: شعب يعاني وقادة يتصارعون” بينما يتصارع هؤلاء المنافقون على اقتسام السلطة والثروة فيما بينهم، يعيش الشعب السوداني المسكين مأساة حقيقية كضحية لجشعهم وأنانيتهم. لا كهرباء تضيء بيوت المواطنين، ولا ماء نظيف يروي عطشهم، ولا تعليم يضمن مستقبل أطفالهم، ولا خدمات صحية تحمي حياتهم. يموت الناس بصمت بسبب تفشي الأمراض الفتاكة كالكوليرا وغيرها من الأوبئة، بينما هؤلاء القادة منشغلون بحساباتهم الضيقة دون ضمير أو رحمة بشعبهم.
هذا هو الثمن الحقيقي لصراعاتهم المخزية: شعب بأكمله يدفع بحياته وكرامته وآماله ثمناً لطموحات سياسية عقيمة. إنهم يتناقشون حول توزيع الوزارات بينما المستشفيات تفتقر للأدوية الأساسية، ويتصارعون على المناصب بينما المدارس مهجورة والأطفال محرومون من حقهم في التعليم.
” البديل الوطني المطلوب: الخلاص من هؤلاء جميعاً” الحقيقة المرة أنه لا أمل للسودانيين في العيش بكرامة، ولا أمل لعودة السودان إلى سابق عهده من الاستقرار والازدهار، إلا بذهاب هؤلاء المنافقين جميعاً – فلول النظام البائد وقادة الحركات المسلحة على حد سواء. إن السودان بحاجة ماسة إلى قيادة وطنية حقيقية تضع إنقاذ الإنسان السوداني فوق كل اعتبار، قيادة تفهم أن الأولوية الآن هي وقف نزيف الدم وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وليس توزيع المناصب بين من تسببوا في دمار البلاد.
هذا البديل يجب أن يأتي من خارج دائرة هؤلاء اللاعبين الفاشلين الذين أثبتوا أنهم لا يصلحون إلا لتدمير ما تبقى من الوطن. إن الشعب السوداني يستحق قيادة تحترم آدميته وتعمل من أجل رفاهيته، لا قيادة تتاجر بآلامه وتستغل معاناته لتحقيق مكاسب شخصية.
” الخلاصة: مسرحية بائسة على أنقاض الوطن” إن ما نشهده اليوم من صراع مكشوف بين الهندي عز الدين ومن يمثلهم من جهة، ومناوي وجبريل من جهة أخرى، ليس سوى فصل جديد في مسرحية بائسة تُمثل على أنقاض الوطن السوداني. مسرحية يتصارع فيها الجميع على الأدوار الرئيسية بينما الجمهور – الشعب السوداني – يدفع ثمن هذا العبث بدمائه وأرواحه ومستقبله.
عندما يتكلم الببغاء باسم الشعب، فإنه لا يعكس سوى صوت سيده الحقيقي. والشعب السوداني العظيم أذكى من أن ينخدع بهذه الألاعيب، وأعز من أن يُزج اسمه في صراعات من لا يستحقون حتى أن يكونوا خدماً له، فضلاً عن أن يدعوا تمثيله.

زر الذهاب إلى الأعلى