رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

من اريج نسمات الشمال !

كثيرا ما كنا نسمع ذلك المقطع الذي يغنيه الفنان عبد الكريم الكابلي من القصيدة الملحمية للشاعر تاج السر الحسن ..اسيا وافريقيا التي خص فيها الجارة الشمالية بمفردات عاطفية تحمل من المعاني الدفاقة ما يشير إلى خصوصية العلاقة بين بلدينا حينما انشد كابلي.
مصر يا اخت بلادي يا شقيقة ..
بارياضا عذبة النبع وريقة..
مصر يا ام جمال ام صابر ..
ملء روحي انت يا اخت بلادي..
سوف نجتث من الوادي الاعادي
غير ان ذلك لا يعني ان هذه النبرة العاطفية لم تكن دائما تتخلل مسامات التوادد بين القطرين الجارين بالقدر الذي ينم عن استدامة دفء العلاقة بينهما على مستوى الحكومات ولا يقف الامر عند ذلك الحد بل يتعداه إلى التشاحن عبر الصحافة ووسائل الإعلام التي يعلو فيها كعب الآلة المصرية على صوتنا الخجول في هذا الصدد.
وهذا يعني ان العوامل التي تحكم علاقات الدول مهما كانت لصيقة الجوار و بكل جوانبها السياسية والاقتصادية و التجاذبات حول الجغرافيا رغم روابط التاريخ الذي انفصمت عراه بيهما كمثال الهند وباكستان الذي يشبه إلى حد كبير نموذج العلاقة القائمة بينا والشقيقة مصر رغم وجود بعض الفوارق الدينية والاثنية .
غير ان ملخص ما اردت الوصول إليه ان كافة تلك العوامل قد تتاثر سلبا حينما تدخل العلاقة في مرحلة عض الاصابع في حرب المصالح التي اولها على سبيل المثال مسالة حجب الموارد او تقليصها بقيود تضر بفائدة هذا الطرف او ذاك.
الآن ورغم موقف مصر من حربنا الذي بدا واضحا في وقوفها مع مؤسسات الحكم القائم عندنا ودعمها المعلن للجيش السوداني باعتباره ظهير البلاد الرسمي .
غير انه تلاحظ في الآونة الاخيرة ان تلك النسمات الباردة التي كانت تهب الينا من الشمال قد طرا عليها شيء من السخونة التي يخشى ان تتطور إلى اشتعال الخلاف الذي يفضي إلى انقلاب الموقف المصري في تحول دراماتيكي ولو بصورة تدريجية انسجاما مع الخريطة التي سترتسم بعد ان تضع الحرب الاسرائيلية الامريكية الإيرانية اوزارها وتجد مصر حينها انها ليست في حاجة ملحة لاستمرار شهر العسل الحذر مع التيار الاسلامي السوداني كضرورة اقتضتها تقوية عضد القيادة العسكرية في حربها ضد مولود رحمها العاق ..لاسيما وان بعضا من الريق الحلو قد رشح في الخطاب الاخير لقائد الدعم السريع حميدتي تجاه مصر بالقدر الذي اعتبره بعض المراقبين غزلا خفيا ربما يكون له ما بعده من تزايد نبض الزبدة ..رغم ان مصر الحويطة لا زالت لم تتحرك إلى المتاوقة من ذلك النفاج الضيق ..إلا عبر تلميحات الدكتورة اماني الطويل التي يبدو انها تستقي تحليلاتها من وحي همسات الدوائر العليمة خلف الابواب المغلقة .

والله من وراء القصد.

زر الذهاب إلى الأعلى