رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

(ورجعنا تاني وتاني تاني لاختلاف جنرالات العسكر وقادة الحركات حول مناصب السلطة..!!!)

✍🏻 المستشار/مهيد شبارقة.
في مشهد يبدو مألوفا في السودان ما بعد الثورة ان يعود الصراع على السلطة إلى الواجهة لكن هذه المرة بين /شركاء البندقية أنفسهم حيث برز خلاف علني بين جنرالات المؤسسة العسكرية من جهة وقادة الحركات المسلحة الموقعين على اتفاق جوبا من جهة أخرى حول /المناصب السيادية والتنفيذية خلاف ليس جديدا من حيث الطبيعة لكنه عميق الدلالة في توقيته ومثقل بآثاره على الحاضر السياسي وعلى تفاصيل معاش المواطن السوداني الذي يقف متفرجا على صراع الكراسي فيما حياته ومستقبله ينهار يوما بعد يوم….!!
أولا: خلفية الخلاف تكمن في سلطة بندقية بلا رؤية:
يعود جوهر النزاع الحالي لإعادة تشكيل مؤسسات الدولة في ظل الحرب وتوزيع الحصص في الحكومة /المرتقبة سواء كانت /مدنية أو /عسكرية فالمؤسسة العسكرية المنقسمة أصلا بين (الجيش و/قوات الدعم السريع) والتي تسعى لإعادة إنتاج نفسها في ثوب (حكومة انتقالية عسكرية) تجد في قادة الحركات المسلحة شركاءً ثقلهم السياسي محدود لكنهم مسنودون باتفاق جوبا الذي يمنحهم مناصب سيادية وتنفيذية وعسكرية…!!!ومع تصاعد الحديث عن مبادرات /ما بعد الحرب لإعادة تشكيل السلطة بدأت تطفو الخلافات للسطح إذ يطالب جنرالات الجيش بإعادة النظر في تقاسم المناصب بدعوى أن موازين القوى تغيّرت في المقابل ترى الحركات أن الاتفاقات المُبرمة رغم ضعفها الميداني تظل ملزمة وأن محاولات تجاوزها هي انقلاب سياسي ناعم جديد.
#ثانيا: التوقيت والدلالات من يخشى الآخر…؟
في توقيت تتزايد فيه الضغوط الدولية والإقليمية لوقف الحرب والجلوس على طاولة المفاوضات يحمل هذا الخلاف رسالة مزدوجة مفادها:
١/انعدام الثقة بين مكونات معسكر الحرب نفسه فالصراع ليس بين مدنيين وعسكريين فحسب بل بات بين العسكريين أنفسهم.
٢/غياب مشروع وطني موحد حتى داخل الصف الواحد إذ لم تفلح سنوات ما بعد الثورة ولا اتفاق جوبا ولا حتى التحالفات العسكرية في خلق أرضية مشتركة تضع السودان أولا…!!!
والاختلاف هنا ليس على برنامج اقتصادي ولا على رؤية سياسية بل على /من يجلس على ماذا..؟ وهذا يكشف ضحالة البعد الوطني لدى النخب المسلحة.!!!
#ثالثا: كيف يؤثر هذا على حياة المواطن..؟
فبينما ينشغل الجنرالات وقادة الحركات بمنصب /وزير الدفاع أو /رئيس المجلس السيادي يعيش المواطن السوداني في الخرطوم ونيالا وشمال دارفور أوضاعا إنسانية كارثية فارتفاع أسعار الخبز وانقطاع الكهرباء وندرة المياه والانفلات الأمني كل ذلك لا يجد له مكانا في أولويات المتصارعين…!!!فتجميد المشهد السياسي بفعل هذه الخلافات يعطل أيضا أي مسار نحو /إعادة الإعمار أو /إغاثة المتضررين اذ لا توجد حكومة موحدة ولا آلية مركزية للاستجابة للأزمات بل حتى العمل الإنساني الدولي يواجه صعوبات بسبب غياب سلطة شرعية يمكنها التنسيق..!!!
#رابعا: قراءة أعمق هل هو صراع على الحكم أم على البقاء…؟
فقد يبدو الخلاف سياسيا في ظاهره لكنه في جوهره صراع /وجودي فبعض /الجنرالات يخشون أن تسحب الحركات بساط الشرعية من تحتهم فيما تخشى /الحركات أن تتلاشى من الخارطة إذا تم تجاوزها لذا إنه نزاع بقاء لا نزاع شراكة..!!
وما يفاقم الأمور هو غياب الصوت المدني الحقيقي إذ إن قوى الثورة ما تزال مفرّقة وبعضها يغض الطرف عن هذا الصراع باعتباره (صراع أعداء)في حين أن الحقيقة تقول:
ما لم يكن للمدنيين دور فاعل فإن مصير السودان سيحسم في غرف مغلقة على يد متصارعين يحملون السلاح ويتحكمون في مصير الملايين…!!!
#خامسا: الدروس المستخلصة:
١/أي عملية سلام لا ترتكز على قاعدة مدنية حقيقية ومشاركة مجتمعية واسعة ستفشل لأن اتفاقات النخب المسلحة غالبا ما تنتهي في ذات النقطة التي بدأت منها: (تقاسم المناصب)
٢/ضرورة الفصل بين العمل السياسي والعمل العسكري فالسودان لن ينهض طالما ظلت البندقية هي بطاقة المرور إلى السلطة..!!
٣/استعادة المبادرة من قبل القوى المدنية والنقابية والمجتمعية ضرورة ملحة فالساحة لا تحتمل فراغا وإن تركت سيملؤها من اعتادوا التلاعب بمصير الوطن..!!
#خاتمة: بين فوضى الجنرالات وصمت المدنيين..!!!
ما يجري اليوم من خلاف بين الجنرالات وقادة الحركات المسلحة ليس مجرد خلاف سياسي عابر بل هو مرآة لحالة الانهيار الوطني حيث إنه تجل واضح لانفصال النخب عن شعبها وتذكير قاس بأن الثورة لم تنجز بعد بل ما زالت تختطف باسم اتفاقات هشة ومناصب فارغة من المضمون
وحده الشعب السوداني هو من يدفع ثمن هذا العبث من /قوته من /أمنه من /أبنائه ومن /حلمه بدولة مدنية ديمقراطية عادلة وربما آن الأوان ليرفع الصوت بأن كفى…!!!

زر الذهاب إلى الأعلى